قالت صحيفة "الواشنطن بوست" إن القوات الأمريكية ستخلف بعد انسحابها من أفغانستان ما مساحته 800 ميل مربع ملوثا ببقايا
ذخيرة غير منفجرة، وتشكل خطرا على المدنين والأطفال بالذات.
ونقلت الصحيفة عن مدير مكتب الصحيفة في كابول كيفين سيف، قوله إن الجيش أخلى العديد من مواقع التدريب، وأن عشرات
الأطفال قتلوا أو شوهوا ببقايا الذخيرة في تلك المواقع، والتي عادة ما تفتقد إلى أي علامات تشير إلى خطورتها، ويضيف أن الجيش الأمريكي لم ينظف سوى 3% من المساحة التي تحتلها تلك المواقع، بحسب المسؤولين.
ويقول إنه بحسب المسؤولين الأمريكيين، فإن تنظيف الأراضي الملوثة والتي تصل مساحتها إلى ضعف مساحة نيويورك قد يأخذ سنتين إلى خمس سنوات، ويكلف 250 مليون دولار، على ما نقلته الصحيفة.
ومن جهته قال رئيس مركز التعامل مع الألغام في مطار باغرام، الرائد مايكل فولار: "لسوء الحظ أننا كنا نفكر بأسلوب أننا في حرب، وليس لدينا وقت لهذا"، في إشارة إلى التخطيط بشأن المتفجرات.
ويذكر التقرير قصة طفلين نشئا على بعد 30 مترا من حقل تدريب في مقاطعة غزني، وهما محمد يوسف (13 عاما) وسيد جواد (14 عاما)، حيث اعتادت عائلتاهما على سماع أصوات الانفجارات المدوية، والتي تسببت أحيانا بتحطيم زجاج نوافذ بيوت القرية.
وبعد انسحاب القوات من الموقع، بدأ الطفلان بالسير في الموقع، لتجميع الخردة لبيعها، ولم يدركا المخاطر، وفي الشهر الماضي سمع والد سيد صوت انفجار فخرج إلى الموقع يجري فلم يجد سوى الجزء الأعلى من جسمه ممزقا، بحيث كان يستطيع رؤية قلبه أما الرجلين فقد فقدتا، وقتل صاحبه أيضا في الانفجار، وفق الصحيفة.
وبحسب مركز تنسيق التعامل مع الألغام التابع للأمم المتحدة، فقد تسببت حقول التدريب والقواعد العسكرية التابعة للجيش الأمريكي والناتو بمقتل 70 مدنيا، ولكن هذه الإحصائيات ليست كاملة، حيث اكتشفت صحيفة "الواشنطن بوست" أن هناك 14 آخرين لم ترد أسماؤهم في إحصائيات المركز، ومنهم الطفلين محمد وسيد.
ويشير التقرير إلى أن معظم ضحايا هذه الانفجارات كانوا إما يرعون ماشيتهم أو يجمعون الحطب أو يبحثون عن الخردة لبيعها.
ويقول التقرير "مع أن المسؤولين العسكرين الأمريكيين يعبرون عن نيتهم بإزالة المتفجرات، إلا أن العملية مكلفة، وتأخذ وقتا طويلا، هذا بالإضافة إلى الصعوبات اللوجستية، حيث أن بعض المواقع والقواعد أغلقت منذ عام 2004، وهناك عدد أقل من الجنود لإجراء المسح اللازم، ولا يوجد جنود يوفرون الحماية لهم".
ويذكر التقرير أن القوات الأمريكية وقوات الناتو استخدمت 240 موقعا للتدريب على المتفجرات القوية خلال الحرب التي امتدت 12 عاما، وتصل مساحة بعض هذه المواقع إلى مساحة مدن كاملة، ففي إقليم هلمند الجنوبي مثلا مساحة موقع التدريب 120 ميلا مربعا أي ضعف مساحة واشنطن.
ويقدر مسؤولون أمريكيون أن كل موقع يحتوي على آلاف المتفجرات التي لا تزال حية، وقام مقاولون بإزالة 32000 قطعة ذخيرة حية من مساحة 60 ميل مربع، وهي المساحة الوحيدة التي تم تنظيفها لحد الآن.
ولأن أفغانستان ليست موقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لبعض الأسلحة التقليدية يقول مسؤولون أمريكيون أنهم غير ملزمين قانونيا بتطهير المواقع من المتفجرات.
ويشير التقرير إلى أنه حتى قبل غزو الجيش الأمريكي لأفغانستان كان الاتحاد السوفييتي ترك ما يقدر بـ 20 مليون قطعة ذخيرة غير منفجرة على مستوى البلاد.
وبالإضافة إلى مواقع التدريب والقواعد العسكرية يتوقع وجود الكثير من الذخيرة الغير منفجرة في مواقع المعارك التي وقعت مع طالبان، -بحسب الصحيفة- وبالذات ما كان يقذف من الطائرات من قنابل وصواريخ.
وتقول مديرة مركز الألغام للأمم المتحدة، أبيغيل هارتلي: "هذه المعارك حصلت في مناطق يعيش ويعمل فيها الناس، ولذلك يجب التعامل مع هذا
التلوث".