اعتبر باحثون أن
المياه السائلة -وهي الشرط الضروري لوجود شكل من أشكال الحياة- كانت موجودة بوفرة في
المريخ قبل مليارات السنوات، لكن هذا الظاهرة بقيت عرضية على الأرجح.
وباتت الحرارة على المريخ اليوم متدنية جدا، والغلاف الجوي دقيقا جدا، ما يحول دون وجود مياه سائلة على سطح
الكوكب الأحمر، فهي في هذه الحالة ستتجلد وتتبخر تزامنا.
لكن الوضع لم يكن على هذه الحال على الدوام، ففي الماضي السحيق كانت على المريخ أنهر طويلة تمتد على مئات الكيلومترات وحتى بحيرات، كما تظهر الأخاديد والرسوبات التي رصدتها مهمات الاستكشاف المختلفة للكوكب الأحمر.
ويفيد العلماء، أن الفرضية الأكثر ترجيحا هي أن الغلاف الجوي للمريخ كان في تلك الفترة أكثر كثافة وأغنى بالغاز المسبب لمفعول الدفيئة (ثاني أكسيد الكربون خصوصا)، وكان تاليا أكثر دفئا من الوقت الراهن، ومؤاتيا أكثر لتوافر المياه السائلة.
وهذه هي الفرضية التي سعى إلى إثباتها أدوين كايت من معهد التكنولوجيا في كاليفورنيا وزملاؤه، من خلال إعادة تشكيل كثافة الغلاف الجوي للمريخ قبل 3.6 مليارات سنة.
ومن خلال درس صور آثار اصطدام نيازك بسطح المريخ التقطت في السنوات الأخيرة بواسطة المسبار الأميركي "مارس ريكونيسانس اوربيتر"، تمكنوا من قراءة الماضي.
فكلما كان الغلاف الجوي كثيفا كلما كان ينبغي أن يكون النيزك كبيرا ليتمكن من الاصطدام بسطح الكوكب من دون أن يكون قد تشظى على علو مرتفع.
وبكلام آخر ينبغي أن يكون للنيزك "حجم أدنى" يتماشى مع الغلاف الجوي ليتمكن من ترك فوهة على سطحه.
ومن خلال
دراسة أصغر الفوهات على سطح المريخ من الممكن توقع كثافة الغلاف الجوي التي كانت قائمة في تلك الفترة.
وقد أجرى ادوين كايت وفريقه حسابات استنادا إلى 319 فوهة واقعة في منطقة من المريخ، تعود إلى 3.6 مليارات سنة.
وتبين لهم أن الضغط الجوي كان بحدود 0.9 بار في تلك الفترة.
وهو أكثر 150 مرة من الضغط الجوي الحالي، لكنه يبقى غير كاف بتاتا للمحافظة على المياه السائلة لفترة طويلة جدا على السطح.
وخلص الباحثون في دراستهم التي نشرتها مجلة "نيتشر جيوساينس" إلى أن "المريخ لم يكن يتمتع بضغط جوي مستقر في الفترة التي كانت فيها الأنهر تجري فيه، كما تشير نتائجنا، لذا يمكننا أن نستبعد مفعول دفيئة حار ورطب، فيما كانت درجات الحرارة المتوسطة على المدى الطويل أقل من نقطة التجمد".
وجاء في تعليق منفصل قام به سانجوي سوم من وكالة
الفضاء الأميركية "ناسا" أنه "من الممكن أن يكون الغلاف الجوي للمريخ قد كان أكثر كثافة لفترة مؤقتة، ما سمح للمياه بأن تسيل".
وقد يكون ثوران بركاني أو اصطدام نيزك أو تفاوت في أنحناء الأقطاب (كل 120 ألف سنة بشكل وسطي على المريخ) سمح مؤقتا بوجود المياه بشكل سائل.
وأوضح سانجوي سوم أن هذه المياه كانت ربما غنية بالأملاح الحمضية، ما يعني أنها تتجمد عند درجة حرارة أدنى.
وأطلقت الناسا في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي المسبار "مايفن"، لفهم تاريخ الغلاف الجوي للكوكب الأحمر ولمعرفة أين اختفت المياه وثاني أكسيد الكربون التي كانت عليه.
ويبلغ "مايفن" مدار المريخ في أيلول/ سبتمبر 2014.