فيما تكثف طائرات النظام السوري قصفها بالبراميل المتفجرة على بلدة كسب ومحيطها في شمال
اللاذقية، شكا قياديون في
الجيش الحر في
جبهة الساحل من ضعف الدعم المقدم لهم رغم الوعود المتكررة من جانب الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة
السورية والحكومة المؤقتة.
وكانت قوات الأسد قد استأنفت الجمعة للمناطق التي سيطر عليها الثوار الشهر الماضي، حيث شنت طائرات النظام السوري غارات جوية على مناطق جبل التركمان و"المرصد 45" الذي تسعى لإحكام السيطرة عليه وجبل "تشالما". وقال نشطاء إن القصف أوقف عددا من الضحايا والمصابين الذين تم نقلهم إلى الأراضي التركية لمعالجتهم. كما تعرض جبل الأكراد المجاور لقصف عنيف أيضا بحسب ناشط تحدث لـ"عربي21"، في حين دارت اشتباكات عنيفة في بلدة "قسطل معاف" التي تقطنها أغلبية تركمانية وتخضع لسيطرة قوات بشار الأسد.
وفي المقابل، قال مصدر في المكتب الإعلامي للساحل السوري لـ"عربي 21" إن "سرية الصواريخ التابعة لتجمع نصرة المظلوم" قامت صباح الجمعة "باستهداف القرداحة (مسقط رأس بشار الأسد) بصواريخ غراد، وذلك ردا على كل برميل يسقط على القرى السنية نرد عليهم بصاروخ غراد ولله الحمد تم تحقيق اصابات مباشرة" حسب تعبير المصدر.
شح الدعم:
في الأثناء، قال العقيد مصطفى هاشم، قائد الجبهة "الغربية والوسطى" التابعة لهيئة أركان الجيش الحر، إنه "بعد مضي شهر على معارك الساحل لم يقدم الائتلاف السوري أي دعم مادي أو عسكري لقوات المعارضة فيها، في حين أن الحكومة المؤقتة قدمت مبلغ 398 ألف دولار فقط".
كما اشتكى قائد الجبهة، التي تنضوي جبهة الساحل ضمنها، من ضعف الدعم المقدم من الدول الداعمة للمعارضة، موضحاً أن دولة وحيدة وصفها بـ"الشقيقة"، دون أن يسميها، قدّمت شحنتي ذخيرة للمقاتلين إلا أنها "لا تكفي ليوم قتالي واحد".
ومنذ 21 آذار/ مارس الماضي، أعلنت فصائل إسلامية مثل "جبهة النصرة" و"الجبهة الإسلامية" وأخرى تابعة للجيش الحر، عن إطلاق معركتين باسم "
الأنفال" و"أمهات الشهداء"، تستهدف مناطق تسيطر عليها قوات النظام شمالي محافظة اللاذقية التي تشكل أحد المعاقل الرئيسي لنظام بشار الأسد وظلت حتى الآن في منأى عن القتال إلى حد كبير.
واستطاعت الثوار السيطرة على مدينة "كسب" الاستراتيجية التي يوجد فيها سكان من "الأرمن"، ومعبرها الحدودي مع تركيا، وعلى قرية وساحل "السمرا" أول منفذ بحري لها على البحر المتوسط، وعدد من المواقع الأخرى القريبة منها.
وقال أنس أبو مالك، القيادي في الجيش الحر في جبهة الساحل، إن قوات المعارضة بعد شهر من المعارك العنيفة مع قوات النظام، أصيبت بنوع من الإنهاك بعد وقوع قتلى وجرحى في صفوفها وقياداتها، ووجود بعض النقص في الذخيرة التي تمتلكها، بحسب تصريحات سابقة لوكالة الأناضول. وأشار القيادي إلى أن الإمدادات بالمقاتلين والسلاح من باقي المناطق التي يسيطر عليها الثوار هو ما يعينها على الاستمرار.
وتسيطر قوات الأسد على أكثر من 95% من مساحة اللاذقية، بحسب تصريحات سابقة لأحد قياديي الجيش الحر للأناضول.
ولمنطقة الساحل التي تضم محافظتي اللاذقية وطرطوس، أهمية استراتيجية كبيرة، كونها المنفذ الوحيد للبلاد على البحر المتوسط، كما أنها تحتضن القاعدة العسكرية الروسية في ميناء طرطوس.
وقال أنس أبو مالك في وقت سابق إن المعاركة في الساحل دخلت مرحلة من "الجمود"، حيث يحاول الثوار تمكين سيطرتها على المناطق التي وصلت إليها، في حين أن قوات النظام تحاول منع الكتائب المقاتلة من التقدم والسيطرة على مناطق جديدة.
على الجانب الآخر، فإن قوات النظام تحاول تمكين سيطرتها على "المرصد 45" الاستراتيجي الذي يطل على المناطق التي سيطرت عليها الكتائب المقاتلة مؤخراً، ويخطط لشن هجوم معاكس لاحقاً على تلك القوات لاستعادة السيطرة على تلك المناطق، على حد قول أبو مالك.
واستدرك القيادي بالقول إن قوات المعارضة ما تزال مصرّة على إبقاء جبهة الساحل "مشتعلة" نظراً لتأثيرها الكبير على مركز ثقل النظام الطائفي الذي يستند عليه في حكمه، كما أنها تضم المنفذ الوحيد للبلاد على البحر (الأبيض المتوسط).
وحاول النظام السوري وحلفاؤه لأثارة مخاوف الغرب على مصير المسيحيين الأرمن في بلدة كسب، وتم الترويج لشائعات عن قتل هؤلاء وتخريف كنائسهم، لكن تسجيلات حديث بثها المقاتلون من داخل البلدة تظهر أن الكنائس على حالها لم تمس، كما حرص المقاتلون على حماية المنازل ومنع نهبها.