أدى "احمد
معيتيق" القسم وأصبح في نظر
المؤتمر الوطني العام ممثلا بأغلبية (121) عضوا، رئيسا للحكومة خلفا للسيد علي زيدان الذي حجبت الثقة عنه بعد سجال داخل المؤتمر الوطني دام لستة شهور تقريبا.
لكن معيتيق ليس شرعي في نظر الأقلية الذين استندوا على أن انتخابه تم في جلسة غير قانونية، باعتبار أن رئيس الجلسة، النائب الأول لرئيس المؤتمر الوطني العام، عزالدين العوامي، قد أعلن عن رفع الجلسة، وهذا يعني لائحيا بأن الجلسة انقضت وبالتالي كل ما وقع فيها باطل.
الأغلبية التي صوت لمعيتيق استندت على عدم سماعها لدعوة رفع الجلسة باعتبار أنها لم تكن عبر مكبر الصوت كما تقضي اللائحة، وأن الجلسة لا ترفع ما دام الملف أو الموضوع محل النقاش لم يحسم.
جدل مفتعل في رأي بعض من تحدثوا على لسان الأغلبية التي صوتت لمعيتيق من قبل أقلية خسرت الرهان بخسارة مرشحها بفارق في الأصوات كبير، ورآه وزير العدل خلافا قانونيا يتطلب إحالة لإدارة القانون التابعة للوزارة للبث فيه.
وجاءت الفتوى القانونية للإدارة ببطلان انتخاب معيتيق، مستندة على كتاب محال من رئيس المؤتمر المكلف ورئيس الجلسة، العوامي، يفيد بأن الجلسة رفعت بدون أن يتحصل أي من المتنافسين على الـ (120) صوتا.
رد أنصار معيتيق، الذي شرع في تشكيل حكومته، يرون بأن الإحالة إلى الإدارة القانونية لا شرعية له، باعتبار أن اختصاص الإدارة لا يتعدى تفسير نص مختلف عليه، وأن الإحالة جاءت من وزير لإدارة تابعة له، وفي قضية تشريعية هي أعلى من صلاحيات الوزير والإدارة.
ولم يتردد بعض الأعضاء في اتهام الوزير بأنه يؤيد بطلان قرار انتخاب معيتيق لأنه يعني خروجه من الوزارة.
إذا نشهد خلافا تطور إلى أزمة تتطلب - في حال لم تحسم توافقيا - تدخل الدائرة الدستورية، الجهة الشرعية الوحيدة للبت حكما في خلافات السلطات فيما بينها أو خلاف بين مكونات السلطة التشريعية، وهذا لا يكون إلا بالتصويت بالإحالة من المؤتمر الوطني العام، وليس من المرجح أن ينجح الطاعنون في الحصول على الدعم الذي يريدون بالإحالة للدستورية، لذا فإن الحل يمكن أن يكون سياسيا.
والحل السياسي يتأسس على أن الخلاف ليس قانونيا، أو أنه خلاف في تفسير واقعة على أسس قانونية، بل ان استدعاء الوقائع جاء لدوافع سياسية تتعلق بصراع بين كتل أو مجموعات داخل المؤتمر، وتتنافس على تمرير مرشح دون آخر.
ومما يقوى هذا التحليل هو حديث عن مساومات تجري بين بعض ممثلي الطرفين المتخاصمين منها طلب تسلم مرشح خاسر في انتخابات رئاسة الحكومة حقيبة الداخليةفي التشكيلة الوزارية المرتقبة والتي يتشاور معيتيق حولها مع أطراف عدة.
البعض اعتبر الحادثة عرضية، وأن البرلمانات في العالم المتقدم تشهد خلافات أكثر حدةتقود إلى أزمات كبيرة، لكن الواقع الليبي المأزوم يقول خلافا ذلك، فقد تاكد أن تصدع المؤتمر الوطني وانقسامه على نفسه مثل أحد أبرز أسباب التأزيم، حتى أنه فقد ثقة قطاع كبير من الليبيين مما أضطره إلى الدعوة لانتخابات برلمانية مبكرة، وأن هذا الانقسام أفقد أعلى سلطة في البلاد قدرتها على ضبط المسار خاصة فيما يتعلق بدورها الرقابي على الحكومة. فبرغم اتفاق كافة المكونات على فشل حكومة علي زيدان، ظل الأخير على كرسيه أشهرا طولا، تعني الشئ الكثير بمقياس حجم الأزمة وتعقد المشهد، لأن خلافا نشب حول البديل، ولأن مصالح بعض الأطراف كانت أكبر من وطن وشعب هما اليوم في مهب الريح.