في تطور لافت في العلاقة
السعودية الإيرانية، وبعد سنوات عجاف من الصراع السياسي، برزت دعوة وزير الخارجية السعودي سعود
الفيصل لإيران إلى "تسوية الخلافات وجعل المنطقة آمنة ومزدهرة"، ورُبطت هذه الدعوة بالمتغيرات على الساحة الدولية.
صحيفة "الأخبار" اللبنانية وتحت عنوان "تراجع الخاسر"، اعتبرت أن حديث "صقر السعودية" هو تطور بالغ الدلالة والمعاني، مؤكدة أن العبرة ليست في "ذراعي" الفيصل المفتوحتين للحوار مع طهران، بل "في بغداد وحمص وبيروت و... فيينا".
ونقلت "الأخبار" المعروفة بقربها من حزب الله، وتعبيرها عن مواقفه في أكثر الملفات، نقلت عن مصادر في طهران قولها: "أي تغيير لم يطرأ في الموقف الإيراني"، مشيرة إلى أن "إيران منذ وصول الرئيس حسن روحاني إلى سدّة الرئاسة، أعلنت أنها منفتحة على حوار مع السعودية. وقد عبرت عن ذلك مرّات عديدة علناً"، بينها التصريحات التي رافقت جولة وزير الخارجية محمد جواد
ظريف الخليجية الأخيرة، والتي كان يأمل منها، أن تنتهي في محطة الرياض. وتشير تلك المعلومات إلى أن "الممانعة والرفض كانا دائماً سعوديين، رغم كل الانفتاح الذي أبدته طهران من أجل إصلاح ذات البين".
وتضيف المعلومات نفسها، بحسب الصحيفة، أن آليات عديدة طرحت لحوار بناء خلال المحادثات التي جرت عن طريق الوساطة العُمانية، والتي جمدتها مسقط بعدما ساءت علاقتها مع الرياض، وعبر الكويت التي تسلمت الشعلة من السلطنة قبل أشهر، وتحولت إلى الوسيط الأساس بين الطرفين.
وأوضحت الصحيفة أن من بين تلك الآليات ما طرحه السعوديون عن خطوات متوازية تصاعدية لبناء الثقة، تبدأ بلقاء وكيلي وزيري خارجية البلدين، على أن تنتقل إلى محادثات بين وزيري الخارجية، لتصل في نهاية المطاف إلى زيارة يقوم بها الشيخ روحاني إلى السعودية للقاء الملك "عبد الله".
وتشير الصحيفة في عددها الصادر، الاربعاء، إلى أن "المعلومات المستقاة من دوائر معنية بالعلاقات الإيرانية السعودية تؤكد أن السعوديين طرحوا أخيراً عبر الكويتيين أن يزور مساعد وزير الخارجية الإيراني "أمير عبد اللهيان" الرياض لإجراء محادثات، لكنه "عرض لم يحظ بالرضى الإيراني، على قاعدة أنه لا الأجواء السعودية ولا المناخ المرافق لعرض كهذا ولا آلياته ولا حتى مستوى المتفاوضين من ناحية درجة التفويض التي يمتلكانها يمكن أن تؤدي إلى اختراق جدي".
لكن، لماذا هذه الدعوة اليوم، في هذا التوقيت بالذات؟ وما هي الدوافع التي تقف خلفها؟... تتسائل "الأخبار"، ثم تجيب: "المعلومات نفسها تقدم مستوى أكثر اتساعاً في مقاربتها، تشير إلى انتخابات العراق التي أظهرت حصول رئيس الحكومة نوري المالكي على كتلة برلمانية ستتجاوز في حجمها ما كان يمتلكه في البرلمان السابق، وبالتالي بات واضحاً أنه قاب قوسين من ولاية ثالثة مؤكدة".
هناك أيضاً التطورات الأخيرة في حمص، مع ما يعنيه ذلك من يد طولى للمحور الداعم للرئيس السوري بشار الأسد على المستوى الميداني في هذا البلد. وهناك أيضاً الوضع في الساحة اللبنانية حيث تبيّن بالدليل القاطع أن لا انتخابات رئاسية من دون رضى محور المقاومة. كلها عوامل، تضاف إلى الضغط الأميركي والدفع الكويتي، عملت على إقناع السعوديين على ما يبدو باتخاذ هذه الخطوة".
وتفترض صحيفة "الأخبار" أن الدفع الأميركي تجلى الثلاثاء من خلال زيارة وزير الدفاع الأميركي "تشاك هاغل" للسعودية، حيث التقى قادة المملكة لبحث ملفي سوريا وإيران. أما الدفع الكويتي فتجلى في زيارة أمير الكويت لطهران في الأول من حزيران المقبل، حيث من المقرر أن يبحث العلاقات الثنائية، وبينها الخلافات حول الجرف القاري، لكن الأهم أن جوهر اللقاءات سيتركز حول العلاقات مع مجلس التعاون الخليجي والسعودية على وجه التحديد، إضافة إلى سوريا وأمور أخرى.
وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل قد أعلن في وقت سابق أمس أن المملكة وجهت دعوة لمحمد جواد ظريف لزيارتها، قائلاً "نرغب في استقباله، فإيران جارة، لنا علاقات معها وسنجري مفاوضات معها".
وتابع الفيصل، خلال مؤتمر صحافي على هامش منتدى التعاون بين العالم العربي وآسيا الوسطى "سنتحدث معهم، وإذا كانت هناك خلافات نأمل أن تتم تسويتها بما يرضي البلدين. كما نامل أن تكون إيران ضمن الجهود المبذولة لجعل المنطقة آمنة ومزدهرة وأن لا تكون جزءاً من مشكلة انعدام الأمن في المنطقة".
رد فعل إيراني
وفي السياق ذاته نقلت وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عن حسين أمير عبد اللهيان، مساعد وزير الخارجية الإيراني للشؤون العربية والإفريقية قوله، اليوم الأربعاء، إن طهران لم تتلق دعوة مكتوبة لزيارة وزير خارجيتها السعودية، إلا أن هذه الزيارة على جدول أعمال إيران.
يُذكر أن السعودية من الداعمين الرئيسيين لمقاتلي المعارضة الذين يحاربون قوات الرئيس السوري بشار الأسد الحليف الوثيق لإيران.
وأضاف عبد اللهيان "نرحب بإجراء محادثات والاجتماع مع الرياض لحل مشاكل المنطقة وإزالة سوء التفاهم والنهوض بالعلاقات الثنائية".
وأبدى الرئيس الإيراني حسن روحاني نهجا تصالحيا تجاه جيران الجمهورية الإسلامية منذ توليه منصبه العام الماضي، لكن ظريف لم يزر السعودية بعد، رغم أنه زار دولا خليجية أخرى.
وسيكون للتقارب بين البلدين تداعيات على عموم الشرق الأوسط، ومن المحتمل أن يهدئ الصراعات السياسة والعسكرية في سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن. طبعا في حال نجاحه بالفعل.
وأبلغ عبد اللهيان رويترز في نيسان/ أبريل، أنه يامل في إجراء محادثات خلال شهر تقريبا مع السعودية، للحديث عن الخلافات بين البلدين بشأن الشرق الأوسط.