أحدث تقدم حزب "الاستقلال" البريطاني اليميني في
انتخابات البرلمان الأوروبي، وقبلها حصوله على 200 مقعد في الانتخابات البلدية البريطانية هزة في السياسة البريطانية.
وتسابق المحللون والمعلقون للحديث عن العاصفة التي سببها زعيم الحزب نايجل فراج، وهزيمته للأحزاب الرئيسية الثلاثة في
بريطانيا.
وبحسب الأرقام -حتى الآن- حصل
حزب الاستقلال على نسبة 28% متقدما على حزب "العمال"، الذي حصل على 25%، والمحافظين على نسبة 24%، في حين جاء حزب الليبراليين الديمقراطيين خامسا، وخسر كل نوابه الأحد عشر في البرلمان الأوروبي باستثناء واحد.
وأذهل صعود اليمين في بريطانيا وفرنسا وبقية الدول الأوروبية الكثير من المحللين خاصة البريطانيين منهم.
ويرى المحللون أن التصويت ليس ثورة بريطانية على
الاتحاد الأوروبي وحسب، ولكنه ثورة أوروبية "ضد الاتحاد الأوروبي والأحزاب الحاكمة".
وقالوا إن "الناخب البريطاني يظل جزءا واحدا من هذه الثورة"، ولكنهم دعوا إلى عدم المبالغة في قراءة نتائج هذه الانتخابات، "لأن معظم الناخبين الأوروبيين يرون أوروبا موحدة أفضل من دول أوروبية متفرقة".
ولاحظ محللون أن الأحزاب التي عارضت النظام في كل بلد أوروبي هي التي فازت في الانتخابات، ما يعكس الأوضاع المحلية في كل بلد.
وفي اليونان جاء الحزب المعارض لسياسات التقشف سيريزا في المقدمة، وفي أيرلندا فاز شين فين ضد فين غيل، وكذا في بلجيكا والدانمارك، والجبهة الوطنية في فرنسا.
ويرى مارتن كيتل في صحيفة "الغارديان" إن تصرف الأحزاب الرئيسية كما لو أن شيئا لم يحدث سيكون "حماقة"، ولكنه لا يعتبر سابقة، و"على قادة الأحزاب أن يبحثوا عن وسائل جديدة من أجل استبدال "أوروبا أكثر" بأوروبا التي تم إصلاحها، على حد قوله.
ومن جهتها، قالت صحيفة "التايمز" إن غضب الناخبين على الأحزاب السياسية لا يتعلق بالاقتصاد، ولكن بالمهاجرين الذين يرون أنهم لا يندمجون سريعا في المجتمع.
وتابعت بأنه "صحيح أن الأحزاب التي فازت ظلت على هامش السياسة في بلادها، لكن الساسة من أصحاب العقول الليبرالية عليهم البحث عن طرق للتعايش معها".
وترى صحيفة "فايننشال تايمز" أن البرلمان الأوروبي سيصبح أكثر صخبا وتشوشا، ومن الصعب التحكم به والتعامل معه "بسبب نتائج الانتخابات الأوروبية".
وأشارت إلى أن ما حدث شكّل "دفعة قوية من الدعم للأحزاب الشعبوية المعادية للوحدة الأوروبية على اليمين واليسار في بلدان مثل بريطانيا وفرنسا واليونان، حيث ستترك المجلس المكون من 751 دون أغلبية واضحة على أي من جانبي المنظور السياسي".
وتوقعت الصحيفة أسابيع من الجدل، حيث سيحاول أعضاء المجلس المنتخبين عقد تحالفات مع زملائهم، في حين ستحاول الأحزاب الكبيرة الكفاح للحصول على الغالبية من أجل تحديد من سيقود المفوضية الأوروبية.
وأضافت "ربما تؤدي النتائج إلى مأزق طويل بين البرلمان الأوروبي والمجلس الأوروبي، حيث سيجتمع قادة 28 دولة عضو لتقرير من سيخلف رئيس المجلس الحالي، خوسيه مانويل باروسو".
وقالت الصحيفة إن معظم انتباه الإعلام سيكون مركزا على صعود الأحزاب الشعبوية، مع أن الصورة "مزيجة" في معظم أنحاء القارة الأوروبية.
وفي ألمانيا التي تتمتع بأكبر عدد من النواب في البرلمان الأوروبي، فليس من المتوقع فوز الحزب المعارض للوحدة الأوروبية "فيردويتشلان" إلا بعدد قليل من المقاعد.
وفي إيطاليا فاز رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو رينزي،على زعيم حركة "النجوم الخمسة"، بيبي غريلو، المعارض لأوروبا.
وفي فرنسا وبريطانيا اللتان تتمتعان بأكبر عدد من الممثلين في البرلمان الأوروبي بعد ألمانيا، فازت الأحزاب المعارضة لأوروبا، وفي اليونان أيضا.
وتقول الصحيفة إن مشكلة الأحزاب المعارضة لأوروبا تنبع ليس من إمكانية إحداثها تأثيرا على سياسات البرلمان "بل لكونها حفنة من الجماعات المتفرقة، لا يجمعها رابط".
ومن المتوقع أن تنتهي إلى ثلاثة أو أربعة مجموعات قومية تتشاجر فيما بينها، وفق الصحيفة.
وتوقعت الصحيفة بأن يكون حزب يمين الوسط "حزب الشعب الأوروبي" المتحالف مع "الحزب المسيحي الديمقراطي"، الذي تتزعمه انجيلا ميركل، أكبر تجمع في البرلمان الأوروبي.
أما ما يتعلق بأحزاب يسار-الوسط فتوقعت الصحيفة أن تحصل على حفنة من المقاعد، وهذا بسبب الموقف المعارض من سياسات التقشف والركود الاقتصادي في جنوب القارة الأوروبية".
وتابعت بأن الطريقة الوحيدة لتحقيق أغلبية حقيقية هي "تحالف واسع يمكن من خلاله التوصل لقرارات، وستجد ميركل فيه حلا مناسبا، لأنها تقود تحالفا في برلين، أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون والرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند فسيجدان صعوبة".
أما بالنسبة للأحزاب الشعبوية "فقد حققت نصرا جيدا في الانتخابات، وكان إنجازها في النهاية بسبب غضب الناخبين من الأحزاب السياسية المحلية، وليس كردة فعل على مفهوم أوروبا"، بحسب الصحيفة.
ففي كل من بريطانيا وفرنسا كانت الفكرة الرئيسية في أحزاب اليمين الشعبوية، كحزب "الاستقلال" البريطاني، والجبهة القومية الفرنسية، هي معارضة سياسات الهجرة، وليست الحاجة لفعل شيء ما حول بروكسل، حيث مقر البرلمان الأوروبي.