كتب تامر أبو عرب:
1-
«درجة الحرارة المرتفعة كانت السبب وراء ضعف الإقبال على مراكز الاقتراع»..
إبراهيم محلب لمراسلي الفضائيات من داخل مجلس الوزراء الثلاثاء:
«أطالب
المصريين بالنزول والتصويت في
الانتخابات الرئاسية لأننا مش هنقدر نكمل بالشكل ده كده، وأطالب رجال الأعمال بالسماح للعمال غداً بالتصويت وعدم منعهم من أداء الواجب الوطني».
لميس الحديدي بعد غلق باب التصويت في أول أيام الانتخابات:
«اتوكسوا. عرس ديمقراطي إيه؟ هي فين الناس النهارده؟ هي دى الحقيقة. مفيش حد نزل الانتخابات، ولو حد قال غير كده يبقى مبيفهمش، انتو فرحانين بالكام واحد اللى واقفعين بيرقصوا قدام اللجان؟ فين الناس؟»
حياة الدرديري بعد غلق باب التصويت في أول أيام الانتخابات:
«على قدر التفاؤل على قدر العتاب خلينا صريحين. عدد الذين ذهبوا للجان حتى الآن لا يتجاوزون 10 ملايين والمفروض كل واحد فينا يشعر بهذه الأزمة»
مصطفى بكري بعد غلق باب التصويت في أول أيام الانتخابات:
«هناك إقبال كثيف من الناخبين على اللجان الانتخابية بمختلف أنحاء الجمهورية، وليس هناك عزوفا عن المشاركة في الانتخابات الرئاسية كما يروج البعض».. إبراهيم محلب أثناء تفقده عددا من اللجان الانتخابية بمنطقة بمصر الأربعاء
2-
كانت هذه هي ردود أفعال المسؤولين والإعلاميين إزاء ضعف التصويت في اليوم الأول الذي كان الأعلى كثافة مقارنة باليومين التاليين، وبمد الاستقامة يمكننا التنبؤ برقم كارثي ينزع عن جمهور السيسي غروره، لكن المؤشرات الأولية أكدت أن 26 مليونا أدلوا بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية.
نعم نعم أنت لم تخطئ قراءة الرقم، هو 26 مليونًا بالفعل، ستقول إن اللجنة التي كانت بجوار بيتك كان عدد أفراد الشرطة أكبر من أعداد الناخبين؟ سأقول لك إنها مجرد صدفة لكن هناك لجانا أخرى كانت الطوابير فيها أكثر ازدحامًا من طوابير العلاج على نفقة الدولة، ستقول إنك رأيت عشرات اللجان بنفس الفراغ في التليفزيون ورأيت مقدمي البرامج يتسولون الناخبين؟ سأقول لك المواطن الصالح لا يصدق عينيه ويكذب الحكومة، ستقول إن رئيس الحكومة بنفسه اشتكى ضعف الإقبال بسبب ارتفاع الحرارة؟ سأقول لك إن الإقبال تزايد في المساء، ستقول إن أنصار السيسي اشتكوا إغلاق اللجان في الثامنة مساء، سأقول لك أخرج من هذا المقال أنا عندي عيال عاوز أربيهم!
الدكتور سعد الدين الهلالي نصّب المشير رسولًا، ولأن لكل رسول معجزة، فمعجزة السيسي أن
صناديقه تمتلئ في لجان خالية.
3-
لم يكن رهان فريق السيسي على النسبة التي سيحصل عليها، فمعروف سلفا أنها ستتجاوز الـ90%، لكن الرهان الأهم كان على عدد المصريين الذين سينزلون من بيوتهم للمشاركة في انتخابات محسومة مقدمًا، لذلك لم يكن هؤلاء ليسمحوا لعدد المشاركين فيها أن يقل عن عدد المشاركين في انتخابات الإعادة بين مرسي وشفيق.
الآن أصبحت الطوابير التي تفاخر بها المصريون في الانتخابات والاستفتاءات الماضية دليل بيروقراطية وسوء تنظيم، يدعون أن عدد اللجان زاد كثيرا عن انتخابات الرئاسة الماضية ومن ثم لم يحدث زحاما في اللجان ولا يقولون إن الانتخابات الحالية أجريت في 14 ألف لجنة، بزيادة ألف لجنة فقط عن انتخابات 2012 التي جرت في 13 ألف لجنة، وفي مقابل ذلك زاد عدد الناخبين 3 ملايين ناخب مقارنة بآخر انتخابات.
ستسمع كلاما كثيرا عن أن التلاعب في النتائج مستحيل لوجود مراقبين دوليين، لكن أحدا لن يقول إنهم متابعون وليسوا مراقبين وهناك فارق كبير بين الحالتين، ففي الأولى يكتب المتابع مشاهداته فقط، وفي الثانية يكون من حقه الاطلاع على الكشوف والإشراف على كل إجراءات العملية الانتخابية تماما كما يفعل القاضي.
غالبا أيضا لن يركز أحدا على أن بعثة الاتحاد الأوروبي مثلا تتألف من 150 متابعا من المفترض أن يتابعوا 14 ألف لجنة بمعدل متابع واحد لكل 93 لجنة، كذلك سيكررون عليك صباحا ومساء ما قاله رئيس بعثة المراقبين عن عدم وجود انتهاكات كبيرة في الانتخابات، لكنك لن تسمع منهم أبدا بقية تصريح الرجل الذي قال فيه إن احترام حريات التنظيم والتجمع والرأي مازال مثار قلق، وإن البيئة التي جرى فيها تنفيذ خارطة الطريق أدت إلى عدم مشاركة كثير من اللاعبين السياسيين في الانتخابات.
لستم مضطرين للكذب، فهناك من يصدقكم دون أن تتكلموا.
4-
قال الشعب للسيسي: «مش قادر أديك»، فقالت الصناديق للمصريين: «إني أرى مالا ترون».
يطلبون منك أن تكّذب عينيك وتغلق شفتيك وتمنح عقلك إجازة «استجابة للإرادة الشعبية»، ومن سمح بوضع «بحبك» في ورقة الاقتراع، لن يرحب بوضع «ارحل» في لافتة بالميدان.
لا تتعجب من امتلاء صناديقهم، فدائما هناك عمدة يرفع شعار «البلد بلدنا والدفاتر دفاترنا»، ودائما يجد ألف شيخ حسن يجيبون: «وأطيعوا الله ورسوله وأولي الأمر منكم».
(المصري اليوم)