كتب أمين قمورية: مؤيدو
السيسي يتوسمون فيه قدرة استثنائية على التغيير ليس في مصر فحسب بل في كل الاقليم.
إلباسه الافتراضي بزة
عبد الناصر دفع غلاة دعاة المقاومة والممانعة الى استحضار الماضي حالمين باستدارة مصرية نحو الشرق القريب، بجعل فلسطين أولاً، ثم الى الشرق البعيد باقامة تحالف مصري مع الروس والصينيين يحد من الاحتكار المطلق للاميركيين. يفرح هؤلاء مما يغيظ خصومهم في أنقرة والدوحة وغزة من وصول "صائد الاخوان" الى قمة القرار في القاهرة. وبعضهم في دمشق لم يقرأ تنصيبه إلا من زاوية كرهه الشديد لـ"الجماعة".
في المقابل، اتكاؤه المادي والاقتصادي الاضطراري والضروري على مال النفط الخليجي، أعطى نفساً عميقاً للرياض المنغمسة في سباق نفوذ مع طهران على الخرائط المأزومة في سوريا والعراق ولبنان واليمن وفي الخليج ذاته. وأنعش الآمال السعودية في استنهاض سند عربي كبير في مواجهة الهجوم المزدوج الايراني - التركي المدعوم بعناصر محلية على هذه الساحات، وتالياً إعادة بناء حلف الاعتدال في المنطقة لترميم دور اللاعب العربي فيها بعد تراجعاته المخيبة أمام المد الخارجي الكاسح.
السعودية طرف رئيسي في الازمات والصراعات وتحتاج الى شريك مصري قوي لبناء شيء من التوازن والنفوذ في إدارة مصالحها الاستراتيجية، وإيران لا مصلحة لها في أي مدى منظور في مخاصمة نظام مصري يحظى بشعبية. فهل تعود مصر الى دورها الطبيعي من موقع الخصام أم من موقع المشاركة ولغة المصالح المتبادلة؟ وهل تكون ضلعاً في محور أم جسراً للتفاهم بين دول المنطقة بكل تعقيداتها؟
بالنسبة الى الأطراف كافة، تعدّ مصر رقماً صعباً محتملاً في أية ترتيبات وتسويات مقبلة. لكن السيسي في خطاب تنصيبه الذي استمر قرابة الساعة، لم يثلج قلب هذا المعسكر ولا ذاك. ذلك ان طريقة ادارته للدولة المصرية وتصوره للتنمية الشاملة وحل المشكلات الداخلية استأثرت بنحو تسعين في المئة من النص المكتوب ولم يحظ الاقليم المشتعل الا بالقليل منه. صحيح ان فلسطين كانت حاضرة في الخطاب ولكن ليس كما يتمنى أنصار الممانعة اذ شدد على التزام المعاهدات الدولية وأساسها كمب ديفيد. واذ شكر للدول المانحة مساعداتها الكبيرة، لم يرضها بموقف من الصراعات الكبرى الدائرة في المنطقة.
في السنة الفاصلة بين ظهوره السياسي الاول ودخوله القصر، أظهر الرجل ان تجربته الطويلة في العمل العسكري والاستخباري اتقنه فن المكمن والاغارة، وانه يطلب لنفسه نجاحاً في مهمة يدرك أنها عسيرة، وان النجاح يستدعي مستلزماته. لذا ثمة حاجة الى انتظار انتهائه من ترتيب بيته الداخلي لمعرفة ما تخبئه مصر لمحيطها.
(النهار اللبنانية)