قال الكاتب الأمريكي توماس ليبمان في مقاله الأخير في موقع "ميدل إيست آي" إن الولايات المتحدة تقف الآن عاجزة عن فعل أي شيء حيال الحطام الذي تركته في
الشرق الأوسط، وأن ما يحدث في
العراق هو خير دليل على ذلك.
وأشار الكاتب إلى قول الرئيس الأمريكي السابق ريتشارد نيكسون متحدثا عن كمبوديا في عام 1970 إن الولايات المتحدة لا يجب أن تصبح مثل "العملاق البائس والعاجز" في العالم، وعلق متسائلا: "ولكن ماذا كان سيقول اليوم إذا اطلع على الحطام الذي أدت إليه السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط وعدم قدرة واشنطن على فعل أي شيء حيال ذلك؟".
ودلل ليبمان على ما يحدث في العراق قائلا إنه "على الرغم من تبديد الولايات المتحدة لآلاف الأرواح ومليارات الدولارات على مدار عقد من الزمن في العراق من أجل بناء حكومة شرعية قادرة على جلب الاستقرار، فهي تبدو الآن عاجزة عن فعل أي شيء سوى مشاهدة العراق وهو يسقط في يد مسلحين جهاديين".
ولكن الكاتب يؤكد أن الفشل في العراق ليس النكسة الوحيدة التي عانت منها الولايات المتحدة في المنطقة.
حيث يوضح الكاتب أن الولايات المتحدة لم تحقق أي من أهدافها المعلنة في الشرق الأوسط، ولم تقدم أي خطة واضحة للوصول إليها، بما في ذلك الإطاحة بالأسد، والتوصل إلى اتقاق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ودعم الديمقراطية في مصر، وجلب الاستقرار في ليبيا، وتحجيم العناصر الجهادية المتطرفة، واحتواء الأزمات الإيرانية.
وأشار إلى خطاب نائبة وزير الخارجية الأمريكية آن باترسون في قطر الأسبوع الماضي والذي نقلت فيه عن الرئيس
أوباما قوله إن "الولايات المتحدة ملتزمة بالشراكة مع دول في العالم من خلال شبكة من الحلفاء لمواجهة العنف والتطرف، خاصة في العراق وسوريا، ولمواجهة التهديد الذي يمثله تنظيم
داعش ورغبته في إنشاء دولة إرهابية في غرب العراق وشرق سوريا".
ولكن خطاب باترسون جاء قبل سيطرة "داعش" على الموصل وتقدمها نحو بغداد، وفرار جنود الجيش العراقي. حيث يقول الكاتب إن الصورة الآن قاتمة للغاية ولم يعد هناك ما يمكن أن تفعله دول العالم المتحالفة مع أمريكا للتخفيف من وطء ما حدث.
ويضيف الكاتب أن باترسون كانت مخطئة عندما قالت أن قمع النظام السوري هو السبب وراء صعود التيارات الجهادية المسلحة، حيث أن المسلحين في العراق الآن يحركهم دافع آخر وهو محاربة النظام الشيعي الذي يقوده نوري المالكي.
وفي خطابها كذلك قالت باترسون أن هزيمة "داعش" تتطلب العمل المشترك بين الولايات المتحدة ودول المنطقة مع تجاوز الخلافات "والعمل على إيجاد حلول فعالة لهذا التهديد الخطير".
ولكن الكاتب يرى أنه من المستبعد الآن أن تساعد أي من تلك الحلول التي أشارت إليها باترسون في إنقاذ الحكومة العراقية أو منع قيام خلافة إسلامية في أجزاء كبيرة من العراق وسوريا، وهو الهدف المعلن لـ"داعش".
ويستبعد الكاتب أن يلجأ الرئيس الأمريكي إلى أي تدخل عسكري في العراق بسبب معارضة الشعب الأمريكي لهذا الخيار، وحتى إذا لجأ إلى شن هجمات من خلال طائرات بدون طيار فهذا لن يقنع جنود الجيش العراقي الفارين بالعودة إلى صفوف الجيش.
ومن المفارقات على حد قول الكاتب أن إيران هي أكثر دولة بعد العراق معرضة للتهديد من قبل "داعش"، فإيران تمول الأسد وتدعم المالكي. والإطاحة بالأسد سوف يشكل ضربة قوية لإيران وسيمثل انتصارا لخصمها في المنطقة وهي المملكة العربية السعودية، ومن الصعب تخيل أن الإيرانيين سوف يكونون على استعداد للقبول بتشكيل دولة إسلامية سنية مسلحة على حدودها.
ويختم الكاتب بالقول أنه سيكون من المؤسف أن تتخذ إيران والولايات المتحدة موقفا مشابها فيما يتعلق بما يحدث في العراق، وأن حدوث توافق في الموقف الأمريكي والإيراني سيكون أبعد مما يمكن تخيله.