بالغ الرئيس الأمريكي باراك
أوباما كثيرا في استغلال نجاحاته بسحب القوات الأمريكية من العراق، ورغم كل هذا فهو لم يغادر
الشرق الأوسط الذي غزاه سلفه جورج دبليو بوش. فلا تزال الولايات المتحدة تواجه تحديات في المنطقة ولعل أهمها الموقف من
سوريا.
ولهذا فالحرب تلاحق أوباما أينما ذهب، وآخرها كانت زيارته لمنطقة جنوب شرق آسيا حيث سئل في أكثر من محطة فيها عن التدخل العسكري، خاصة أن هناك أزمة في أوكرانيا وقرار متردد بشأن الحرب في سوريا.
وكما فعل أوباما في حملته الانتخابية عام 2012 غير النبرة وأعاد تأطير الموضوع قائلا إن الموضوع ليس الحديث عن التدخل العسكري ولكن المغامرات العسكرية بطريقة توحي أن الأمرين متصلان حسب تعليق كتبه ريتشارد ماغريغر في صحيفة "فاينشال تايمز".
ويضيف إن "أوباما قد يكون محقا حول العراق وموقفه الرافض للحرب وحقق منه نجاحات كبيرة في انتخابات 2008 حيث أخرج هيلاري كلينتون منافسته من الحلبة الانتخابية وهي التي وافقت على غزو العراق. وفي عام 2012 نجح أوباما عندما ربط السياسة الخارجية للجمهوريين بالحروب المتعجلة والمكلفة".
ومع ذلك فاستخدام أوباما للغة حول "المغامرات العسكرية" حول السياسة الخارجية إلى خيار بين الذهاب للحرب، التي نعرف كلفتها ورعبها أو الوقوف متفرجا، وهذه اللغة بدأت تؤثر عليه كما يقول ماغريغر.
فبعد كل هذا لا أحد يقترح إرسال قوات عسكرية لأوكرانيا وسوريا، حتى إدارة بوش، باستثناء ديك تشيني، بدأت باستيعاب دروس الحرب في العراق بنهاية فترتها الأولى من الحكم وشكلت سياستها الخارجية بناء على ذلك.
ويشير الكاتب هنا إلى كلمات أحد المعلقين الذي قال إن استمرار أوباما بالحديث عن العراق هي محاولة فقيرة لتشكيل سياسته الخارجية الخاصة و"يقوم البيت الأبيض بالحديث دائما عن دعم الرأي العام الخائف من الحرب من أجل تبرير حذره المفرط لاستخدام القوة العسكرية ولكن هذا الموقف لا يحلل إدارة أوباما من المسؤولية".
وعليه فدعم الرأي العام لسياسة أوباما الخارجية هبطت في الحقيقة إلى نسبة 38% في استطلاع وول ستريت جورنال/ ان بي سي الأخير، وهو تراجع جديد في شعبيته، وأقل من المستوى العام لشعبيته منذ توليه المنصب.
ويقول اندرو كوهوت، مدير البحث السابق في معهد "بيو" لاستطلاعات الرأي العام أن "الرأي العام الذي ينتقد أوباما لغياب الحزم في مواقفه يدعو لأن لا تتدخل الولايات المتحدة بشؤون الأخرين".
ويعلق الكاتب هنا قد يكون الرأي العام لديه رأي آخر، وهو غير مقتنع بالمغامرات العسكرية، لكنه يشعر بالاستغراب ويتساءل عن الأرضية التي يقف عليها الرئيس.
وقد يكون السبب عائدا لاعتقاد الرأي العام أن موقف الولايات المتحدة عالميا في تراجع ولا يمكن وقفه في هذه الحالة.
ويرى الكاتب أن الأمريكيين لا يجدون توجيها عندما يتلفتون حولهم ويبحثون عن رئيسهم الذي لا يملك غير الخطابة، خاصة فيما يتعلق بمخاوفهم لخسارة موقعهم الإقتصادي الأول في العالم، وهو الذي يمنحهم بالضرورة الشعور بكونهم أمريكيين متميزين عن غيرهم.
ويضيف ماغريغر آخر نصيحة في واشنطن للرئيس أوباما فيما يتعلق بالسياسة الخارجية هي "تحدث قليلا وافعل أكثر". وهذه النصيحة لن توقفه عن الحديث فهو يخطط لألقاء خطاب مهم في نهاية أيار/ مايو في أكاديمية ويست بوينت العسكرية.
ويعلق الكاتب أن أوباما غاضب من الهجمات التي يتعرض لها من الصقور الذين تملأ تعليقاتهم الصحف في واشنطن ويدعون فيها أوباما لإرسال قوات لمناطق النزاع أو تزويد السلاح لهذا الطرف أو ذاك.
صحيح أن أوباما رد على نقاده الذين اتهموه بالضعف في سوريا واوكرانيا إلا أن الطريقة التي تعامل فيها مع تهديداته للرئيس السوري بشار الأسد حول "تجاوز الخط الأحمر" وتراجعه عن تهديده أدت لنتائج غير مرغوبة.
ويقول ماغريغر "إذا قمت وبشكل دائم بتشكيل سياستك من خلال البحث عن تخفيض النفقات فستكون فعلا سياسة قائمة على تخفيض الخسائر، ولن تكون في هذه الحالة ناجحة بناء على تفكير الكل".