صحافة دولية

إغناتيوس يدعو لمؤتمر دولي "يرسم خريطة المنطقة"

إغناتيوس وكيسنجر - عربي 21
إغناتيوس وكيسنجر - عربي 21
كتب ديفيد إغناتيوس المعلق في صحيفة "واشنطن بوست" عن واقع الشرق الأوسط، والذي قال إنه بحاجة لمؤتمر دولي يبحث ترتيبه من جديد، "بعد فشل ترتيبات مؤتمر فرساي بعد الحرب العالمية الأولى، والغزو الأمريكي للعراق". 

ويقول إغناتيوس: "دعونا ننظر للواقع على الأرض في الشرق الأوسط.. العراق وسوريا مقسمان بشكل عملي بناء على الخطوط الطائفية، واليمن ولبنان يقتربان من التشرذم، تركيا ومصر والسعودية كما هي دون تغيير، ولكنها تحكم من أنظمة شمولية بشكل متزايد"، على حد قوله. 

ويتابع بأنه في الوضع الحالي الذي وصفه بالفوضوي "نشاهد نظامان لما بعد الإمبريالية ينهاران في وقت واحد.. حدود الدول التي رسمت في معاهدة  فرساي عام 1919 لكي تحل محل الدولة العثمانية، والتي لم تعد قادرة على جمع الشعوب الممزقة، والنظام الأمريكي الذي حافظ على توازن صعب للمنطقة تحطم، بسبب الغزو الأمريكي للعراق".

ويضيف "أما خط على الرمال فهو يذوب أمام عيوننا، وهي طريقة جميس لوصف اتفاق سايكس- بكيو عام 1916 لتقسيم المنطقة، والمستفيد الأساسي هم الإسلاميون القساة، فهؤلاء المتطرفين السنة (ونظرائهم الشيعة من حزب الله) هم المستفيدون من الحرب الطائفية التي تلقى تشجيعا وتمويلا من السعودية وإيران"، على حد قوله.

 ويكتب إغناتيوس تحت عنوان "هذا هو الواقع في حزيران/يونيو 2014" أنه "من المثير للقلق عند قراءة أخبار اليوم، استعادة برقية من القنصل الأمريكي في بيروت كتبها في تشرين الثاني/ نوفمبر، واقتبسها سكوت لورنس في كتابه لورنس العرب، وهو الكتاب الحي عن زمن كان يتداعى، وجاء فيها " سيدي، لدي الشرق للكتابة إليك، وإخبارك أن الأوضاع تسير من سيء لأسوأ".

وبحسب إغناطيوس فإن خريطة المنطقة بالنسبة إليه ترسم وفق "انقسام في العراق.. سنة في الشمال والغرب، الأكراد في شمال- شرق البلاد والشيعة في الجنوب، وبدعم من إيران سيحتفظون ببغداد.. أما سوريا فهي مثل قطعة القماش المرقعة، بممر يمتد من دمشق للاذقية على البحر المتوسط، فيما يعيش الدروز والأكراد في ما يشبه الكانتونات الصغيرة، ولكن معظم البلاد يسيطر عليها مقاتلون من غالبية سكان البلاد السنة.. ولن يتم تجميع هذه القطع في قطعة واحدة في وقت قريب".

ويتساءل: "ماذا يمكن للقوى الكبرى عمله أمام هذه الفوضى؟ هل ستقوم بدعم العالم الذي ولد في مرحلة ما بعد الدولة العثمانية وتقوم بإعادة رسم الخطوط على الرمال من جديد؟ هل تسمح لهذه الدول بالذوبان والانقسام، بناء على الخطوط  الإثنية، وبناء كانتوناتها (ولايات كما كان العثمانيون يطلقون عليها)؟ هل تقوم ببناء تحالف جديد (سمي صندوق الشراكة لمكافحة الإرهاب كما جاء في خطاب أوباما في أكاديمية ويست بوينت) لمكافحة القاعدة والمقاتلين الذين يستلهمون أيديولوجيتها ممن يهذون بالإرهاب في خارج محور التفكك؟".

ومن أجل الحل يقترح إغناطيوس جمع اللاعبين حول طاولة مستديرة "يخبرنا التاريخ أنه من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة، فالطريق الوحيدة هو جمع اللاعبين الرئيسيين حول الطاولة، والبدء برسم معمار أمني جديد".

أما عن المشاركين يقول إنهم سيضمون "السعودية وإيران، بالإضافة إلى الولايات المتحدة والأعضاء البقية الدائمين في مجلس  الأمن، روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا. وتجب مشاركة كل من مصر وتركيا خاصة أن لديهما جيوشا كبيرة يمكن أن تلعب دورا في الاستقرار"، وفق إغناتوس.

 ويستند إغناتيوس في رؤيته لبناء الدول على ما جاء في كتاب لهنري كيسجنر صدر عام 1957 تحت عنوان "إعادة بناء العالم"، وفيه ذكر كيف قامت الدبلوماسية بإعادة بناء أوروبا مستقرة في مؤتمر فيينا عام 1815، بعد الحروب "النابوليونية" المدمرة. 

ونقل عن كيسنجر الذي كان شابا في ذلك الوقت: "لا تتعلم الأمم إلا من التجربة فقط، وتعرف فقط ما كان عليها فعله متأخرة"، ولكن  "رجال الدولة عليهم التصرف بناء على حدسهم الذي هو تجربة، كما ولو أن الطموح حقيقة".

ويقول إغناتيوس إن خطة العمل لن تقوم بعمل أكثر من التوصل لوقف إطلاق نار، ومساعدة اللاجئين وتقوية السنة. والهدف منها هو استبعاد المتطرفين وليس تحويلها إلى "ماركة تجارية".

ويعتقد الكاتب أن أهداف الخطة تتفق عليها القوى الإقليمية والدولية، "فروسيا والصين بسكانهما من المسلمين الشيشان والإيغور لديهما مصلحة في وقف الجماعات المتطرفة العنيفة، تماما كما تريد الولايات المتحدة.. وتريد الدولة  السعودية العجوز بوقف تقدم المتطرفين والمتشددين تماما كما تريد إيران".

ويتابع: "لا نعرف يقينا إن كانت حدود مرحلة ما بعد 1919 ستبقى في ظل النظام الجديد، ولا كيفية استيعاب الأقليات الإثنية المختلفة، وكما أظهر تجربة يوغسلافيا فهناك إمكانية للامركزة الإثنيات، ولكن هناك احتمال لدفع ثمن هذا بالدم".

ويختم بالقول: "قد يبدأ النقاش بقضية مثيرة للخلاف والتي كانت على أجندة فرساي، هل يجب أن يحصل الأكراد على دولة مستقلة خاصة بهم أو أنه يمكن دمجهم في سوريا وإيران وتركيا والعراق؟ لا أحد يعرف الجواب سلفا، وهذا ما تتصدى له مؤتمرات الأزمات عادة".
التعليقات (0)

خبر عاجل