كتب ناثان ثرول: للحظة في مطلع حزيران/ يونيو، بدا الأمر لكثير من الفلسطينيين كما لو أن قيادتهم السياسية على وشك إنجاز نقلة تاريخية. ففي الثاني من يونيو، انتهت بشكل رسمي سبع سنوات من الانقسام السياسي بين حكومة غير منتخبة تهيمن عليها حركة فتح في الضفة الغربية وحكومة منتخبة تسيطر عليها الحركة الإسلامية
حماس في قطاع غزة.
واستقال وزراء حماس في غزة متنازلين عن صلاحياتهم لحكومة الإجماع الوطني الجديدة التي من المفترض أن تدير الأمور في كل من غزة والضفة الغربية معاً.
والأهم من ذلك، إعلان الحكومة الجديدة التزامها بالمبادئ الثلاثة التي ما فتئت تصر عليها الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها كشروط لاستمرار الدعم المالي الغربي للسلطة الفلسطينية، وهي الشروط هي: عدم اللجوء إلى العنف، والالتزام بالاتفاقيات السابقة والاعتراف بإسرائيل.
ولكن ما لبست الاتفاقية الفلسطينية الجديدة أن أصبحت محط شكوك في الثاني عشر من يونيو إثر خطف ثلاثة مراهقين
إسرائيليين يدرسون في مدارس يهودية دينية في الضفة الغربية.
تحمل الحكومة الإسرائيلية حركة حماس المسؤولية عن الاختطاف، كما اتهم وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الحركة، مع أن حماس لم تعلن مسؤوليتها ورغم عدم وجود دليل حتى الآن على ضلوعها في ذلك.
في هذه الأثناء، تجددت الشكوك بقدرة الرئيس الفلسطيني محمود
عباس على المضي قدماً بالفلسطينيين نحو الوحدة، وذلك نتيجة للإجراءات القمعية التي مارستها القوات الإسرائيلية ضد حماس بمساعدة قوات الأمن الفلسطينية في الضفة الغربية.
قبل الاختطاف، كانت المعارضة الأمريكية والأوروبية لأي مشاركة حقيقية في السلطة بين فتح وحماس من الشدة بحيث تحول دون أي
مصالحة فلسطينية ذات معنى، حتى لو كان الطرفان راغبين فيها.
أما اليوم، فقد باتت الوحدة أبعد وأصعب منالاً. ومع ذلك، فليس واضحاً ما إذا كان هذا المآل محتماً. فرغم أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تغير سياستها تجاه حماس بعد الثاني من يونيو إلا أنها منحت الحكومة الجديدة اعترافاً رسمياً. والسبب في هذا الاعتراف لم ينجم عن أن حماس لم تعد تعتبر منظمة إرهابية، وإنما لأن الحكومة الجديدة، وبتسليم من الحركة الإسلامية نفسها، استبعدت حماس تماماً، وتشكلت من وزراء ملتزمين بمعارضة برنامج حماس، وفي نفس الوقت وفرت لحركة فتح موطئ قدم في غزة للمرة الأولى منذ سبع سنوات.
في غزة وفي الضفة الغربية، تدرك جميع الفصائل بأن الحكومة الجديدة تابعة لرام الله، وهذا الوضع لم يتغير بعد عملية الاختطاف عما كان عليه قبلها.
لا تحتوي الحكومة الجديدة على وزير واحد ينتسب إلى حركة حماس، وهي تشبه إلى حد كبير حكومة فتح السابقة في رام الله، بل احتفظت بنفس رئيس الوزراء ونواب رئيس الوزراء ووزير المالية ووزير الخارجية، كما أنها تعهدت بمتابعة تنفيذ البرنامج السياسي لزعيم فتح ورئيس المنظمة ورئيس السلطة محمود عباس، والأهم من ذلك أنها تعهدت بتنفيذ الشروط المشار إليها أعلاه مقابل الحصول على الدعم الغربي.
بالنسبة لحماس، كانت الصفقة صعبة ولم تكن خطوة من السهل على قواعد الحركة تقبلها.
حينما فازت الحركة الإسلامية في انتخابات عام 2006 في غزة والضفة الغربية، حصلت على تفويض شعبي لكي تحكم ولكنها حيل بينها وبين ذلك، إذ رفضت الالتزام بالمبادئ الثلاثة، فلم تدخر الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الأوروبيون جهداً في إعاقتها.
في الضفة الغربية صودرت صلاحيات رئيس وزراء حماس المنتخب وأنيطت بمكتب الرئيس عباس، بينما ألقي القبض على نواب حماس في المجلس التشريعي وأغلقت المؤسسات التابعة للحركة.
أما في غزة، فقد عوقبت حماس على تكريسها لسلطتها في القطاع بحصار اقتصادي وعزلة دولية ومحاولات من قبل قوات الأمن الفلسطينية المدعومة أمريكياً للاستيلاء بالقوة على ما فقدته فتح عبر صناديق الاقتراع، وكذلك بمقاطعة استمرت سبع سنوات من قبل ستين ألف من موظفي السلطة الفلسطينية في غزة الذين استمروا في استلام رواتبهم مقابل البقاء في بيوتهم، وذلك في محاولة - باءت في النهاية بالفشل - لإسقاط حكومة حماس في القطاع.
ولكن في مطلع حزيران/ يونيو، وفي خطوة فاجأت فتح ومصر وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية، وافقت حماس على التخلي عن مسؤولية إدارة قطاع غزة، متنازلة عن الحكم إلى مجموعة من الأشخاص غير المنتخبين وملتزمة الصمت بينما أقسم الوزراء الجدد على الالتزام بالمبادئ التي ظلت حماس ترفضها منذ عام 2006، ولم تتراجع حماس عن خطوتها تلك حتى حينما صرح الرئيس عباس قبل أيام من تسليم السلطة بأن المضي قدماً فيما تعتبره الحركة الإسلامية تعاوناً خيانياً بين قوات الأمن الفلسطينية والإسرائيلية "واجب مقدس"، وهو التعاون الذي لعب دوراً رئيسياً في كبح نشاطات حماس العسكرية والسياسية والخيرية والاجتماعية في الضفة الغربية.
وبدلاً من التوجه نحو وسائل الإعلام للتعبير عن غضبهم وللتهديد بالانسحاب من اتفاقية المصالحة كما فعلوا من قبل في ظروف مشابهة، اقتصر زعماء حماس على بعض الإشارات الساخرة كالتي صدرت عن أحد كبار زعماء حماس في غزة، حين قال لي: "تعاون عباس الأمني مقدس أكثر من القدس ومن المسجد الأقصى".
ظلت المصالحة الفلسطينية ممنوعة لسنوات لأسباب عدة منها التهديد بعقوبات إسرائيلية وبمقاطعة دولية وبوقف التمويل الغربي للسلطة الفلسطينية إذا ما سمح لحماس بدخول الحكومة.
فيما لو نفذت هذه التهديدات كانت ستؤدي إلى إضعاف الاقتصاد الفلسطيني والنيل من واحد من أهم محفزات الشعب الفلسطيني للقبول بالبرنامج السياسي للقيادة في الضفة الغربية بهدف بناء الدولة، ولنبذ العنف، ولاستمرار المفاوضات الثنائية باتجاه تسوية تقوم على حل الدولتين.
لم يكن لدى حماس أي ضمانات بأنها إذا ما هزمت فتح تارة أخرى في الانتخابات فإنها لن تواجه نفس المصير الذي واجهته في عام 2006. هذا بالإضافة إلى أن الطرفين لم يتمكنا من تجاوز خلافات مستعصية لا تحصى بشأن قضايا عديدة منها التعاون الأمني مع إسرائيل، واستراتيجية استئناف المفاوضات وصولاً إلى الاستقلال، واستبعاد حماس من منظمة التحرير الفلسطينية، والسيطرة على الأجهزة الأمنية، واستقلالية المجموعات المسلحة المتعددة في قطاع غزة.
لم تحل اتفاقية الثاني من يونيو أياً من هذه القضايا، والذي أنجزته بدلاً من ذلك هو أنها وفرت لحماس سبيلاً لكسب الوقت، والتخفف من أعباء الحكم وإحالة دفع الرواتب في غزة إلى رام الله بينما تسمح للرئيس عباس بأن يزعم بأنه الآن يمثل كل الفلسطينيين في المفاوضات مع إسرائيل والتحدث باسم فلسطين في الساحة الدولية.
أما الخلافات العميقة حول كيفية التصالح وصولا إلى إنجاز الوحدة، فسيتم التطرق لها بعد أن تتشكل الحكومة الجديدة.
كانت تلك استراتيجية ذكية بالنسبة لفتح وحماس، سواء جاءت مصادفة أو عن قصد، فلو أن الطرفين سعيا إلى التوصل إلى تسوية بشأن الخلافات الرئيسية بينهما لأعطيا انطباعاً إلى المجتمع الدولي بأن حماس تتمتع بنفوذ في الحكومة الجديدة، وكان هذا حتماً سيؤدي تلقائيا إلى قطع التمويل الأمريكي عن الفلسطينيين.
ولكن من خلال التوافق على ترك هذه القضايا بلا حل والاهتمام بتشكيل حكومة ما بعد المصالحة بمواصفات لا تشكل خطرا ولا ضررا فقد فرضت حماس وفتح على مانحي السلطة الفلسطينية تحمل مسؤولية قرار ما إذا كانوا سيقاطعون حكومة تشكلت تماما كما يريد عباس وبشروطه.
ثم، إذا ما جرى التفاهم حول القضايا الخلافية ببطء وبشكل متزايد، فسوف يجد المانحون أنفسهم مضطرين عند كل تطور جديد اتخاذ قرار حول ما إذا كانت خطوة صغيرة من التقارب مع حماس -مثل انعقاد المجلس التشريعي الذي تحظى حماس فيه على الأغلبية والذي ظل مجمداً منذ عام 2007، أو تشريع قوانين جديدة من خلاله- مزعجة بالقدر الذي يبرر التسبب في انهيار الكيان الاقتصادي والأمني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
حتى الآن، تحملت حماس وحدها وبشكل كامل التداعيات السلبية لهذه الاستراتيجية.
أما فتح، فسارعت، وخلال الأيام التي تلت إبرام الاتفاقية مباشرة، إلى عزو النجاح لنفسها، كما أن معظم الفلسطينيين اعتبروا الصفقة استسلاما من حماس المنهكة بشكل كبير، والتي تعاني شحاً ماليا وحصارا سياسيا.
علم كثير من الفلسطينيين بأن حماس اضطرت إلى تسليم السلطة بشكل رسمي إلى حكومة رام الله لأسباب يأتي في مقدمتها العداء غير المسبوق الذي ووجهت به من قبل زعيم مصر الجديد عبد الفتاح السيسي.
فبمجرد أن استولى على السلطة في تموز/ يوليو 2013 عمد السيسي إلى تشديد الإجراءات الحدودية المفروضة على غزة، وإلى إغلاق المعبر الأساسي الذي يتواصل من خلاله الغزيون مع العالم الخارجي، وإلى تدمير معظم الأنفاق ما بين مصر وغزة والتي كانت تنقل عبرها بضائع شكلت الضرائب المفروضة عليها موردا أساسيا من موارد حكومة حماس في غزة.
إلا أن الحركة الإسلامية، ومن خلال تخليها عن مسؤولية إدارة قطاع غزة، تنازلت عن معظم ما بيدها من أوراق، وسوف تواجه مشاكل إذا ما رغبت في إجبار عباس على الالتزام باتفاقه معها وعلى تقديم تنازلات لحماس حينما يبدأ التفاوض على القضايا الخلافية.
وفعلا، فقد صرح عباس ورئيس وزراء فلسطين كلاهما بأنهما يرفضان دفع رواتب ما يقرب من أربعين ألف موظف في غزة، والذين كانوا حتى ذلك الوقت يتقاضون رواتبهم من حماس.
كما أنهما مترددان في السماح لدول أخرى، مثل حليف حماس دولة قطر، بدفع الرواتب لأن مانحي السلطة الفلسطينية الأمريكيين والأوروبيين يخشون أن يتهموا بدعم وظفي غزة الذين ينتمون إلى حماس بشكل غير مباشر.
في نفس الوقت يشكوا كثير من الغزيين بأنهم لم يجنوا من ثمار الصفقة شيئاً. فمايزال التيار الكهربائي ينقطع بما معدله اثني عشر ساعة في اليوم، ومايزال المعبر بين غزة ومصر مغلقاً تقريباً بشكل تام، ولم يخفف الإسرائيليون القيود المفروضة على استيراد مواد البناء الأساسية، وماتزال إسرائيل والولايات المتحدة تعارضان إعادة دمج الوزارات في رام الله وغزة وترفضان السماح بانعقاد المجلس التشريعي من جديد.
إذا كانت إسرائيل ومصر والولايات المتحدة وأوروبا تأمل في إضعاف حماس وتقوية فتح من خلال الكشف أمام سكان قطاع غزة عن كم الفوائد التي تتحق لهم من خلال استبدال حكم حماس بحكم فتح، فما من شك في أن أداءهم في هذا المجال في غاية السوء.
مما شاع في غزة مؤخراً القول بأن السبب في الحصار قد رفع بينما لم يرفع الحصار ذاته. ثم وقع في الأسبوع الماضي اختطاف ثلاثة مراهقين إسرائيليين في الضفة الغربية، فاستغلت إسرائيل الفرصة، بمساعدة قوات عباس الأمنية، لتلقي القبض على ثلاثمائة فلسطيني من سكان الضفة الغربية ومازال العد مستمراً.
معظم الذين اعتقلوا هم أعضاء في حماس، وتهدد إسرائيل بإبعاد بعضهم إلى غزة. وهذه هي العملية الإسرائيلية الأكبر ضد حماس في الضفة الغربية منذ الانتفاضة الثانية.
سكان الخليل، وهي أكبر محافظات الضفة الغربية، يصفون وضعهم بأنهم تحت الحصار. منذ عدة سنوات لم تبرح حماس الحديث عن الحاجة إلى إشعال المقاومة بين سكان الضفة الغربية الذين يغلب عليهم الإذعان للسلطة هناك.
يبدو أن المشهد الحالي بما يتخلله من ردود فعل إسرائيلية على عمليات الخطف هو الذي سيعجل بنوال حماس ما كانت تطلبه.
ما من شك في أن موقف محمود عباس من عمليات الخطف أضر بسمعته لدى الفلسطينيين، إذ أن موقفه سلط الضوء على تعاونه الأمني مع الجيش الإسرائيلي الذي كان يغلق التجمعات السكانية الكبيرة في الضفة الغربية ويهاجم مخيمات اللاجئين فيها.
التعاون الأمني الأخير ليس كالتعاون الروتيني المعتاد الذي كان يستهدف إذلال منافسيه الفصائليين في الضفة الغربية.
يرى معظم الفلسطينيين، وليس أنصار حماس فقط، بأن الإجراءات الأخيرة تنال من المصلحة الوطنية، ويرون فيها محاولة لإحباط تحرير أبطال فلسطين المعتقلين ضمن عملية تبادل مع الأسرى الإسرائيليين.
على مدى تسعة شهور انهمك عباس في مفاوضات مذلة لا طائل منها مع الإسرائيليين الذين كانوا ماضين في بناء مزيد من المستوطنات، ومع ذلك لم يتمكن من تحرير أحد من السجناء المائة وأربعة الذين قالت له أمريكا إن إسرائيل وعدت بإطلاق سراحهم، والآن تساور الشكوك كلا من فتح وإسرائيل على حد سواء بأن منافسيه دشنوا عملية تحرير عدد أكبر من الأسرى.
في آخر عملية تبادل أسرى بين حماس وإسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2011، تمت مبادلة 1027 سجيناً فلسطينياً، بمن فيهم بعض من كانوا يقضون أطول الأحكام بالسجن، مقابل جندي إسرائيلي واحد هو جلعاد شاليط.
إذا ما تمكن خاطفو المراهقين الثلاثة من إبرام صفقة تبادل فقد يطلب الفلسطينيون إطلاق سراح عدد أكبر من أسراهم، أكبر بكثير من عدد الذين اعتقلوا منذ عملية الخطف.
وكما حدث في حالة التبادل مع شاليط، يتوقع أن تؤدي أي عملية تبادل قادمة إلى إضعاف عباس بشكل كبير، والذي ما برح يتعرض للهجوم بسبب موقفه من الاختطاف، لدرجة أن غريمه داخل حركة فتح محمد دحلان قال إن عباس بموقفه ذاك تخلى عن الشعب الفلسطيني.
قبل أسبوعين، كان بإمكان فتح الادعاء بأن مشروع حماس للمقاومة انتهى إلى الأبد، أما اليوم فإن مستقبل برنامج عباس هو الذي أضحى في مهب الريح.
في نفس الوقت، إذا ثبت بأن حماس هي التي نفذت عملية الاختطاف، فإن ذلك قد يوفر المبرر لعباس كي يستمر في إقصاء حماس من السلطة.
من شأن عملية الاختطاف أن تحفز عباس على القول بأنه لا يمكنه بحال أن يقدم أي تنازلات للحركة الإسلامية لما يوجه إليها من لوم وانتقاد، ونظراً لحساسية الموقف بالنسبة للأمريكان وغيرهم من الأطراف المانحة الذين لن يسعدهم أن يتهموا بأنهم يقدمون الدعم والمساندة لمن نفذوا عملية الخطف.
ثمة احتمال آيضاً فيما لو ثبت أن حماس هي التي نفذت عملية الخطف ألا ينعكس ذلك سلباً على عباس وإدارة أوباما لأن خطف طلبة المعهد الديني اليهودي سيهيء لهم الفرصة للمضي قدماً في الطريق الذي رسموه لأنفسهم ابتداء، ألا وهو الإصرار على أن تكون المصالحة بشروط عباس ودون تقديم أي تنازلات لحماس.
وفي هذه الحالة، أياً كان الحرج الذي قد يشعر به الأمريكان أو عباس بسبب عملية الخطف فإنها ستمكنهم من الضغط على حماس أكثر فأكثر.
ويبقى السؤال الأكبر هو: إلى متى سيستمر الوضع الراهن في الضفة الغربية كما هو؟ لم يحدث أن اعتمدت حركة تحرير وطني بهذه الكثافة -في مجالات التمويل والأمن والدبلوماسية والوساطة- على أقرب حلفاء من يحتلون بلادها.
ما من شك في أن التمويل الذين يقدمه الأمريكان للفلسطينيين يشكل عقبة أو حجة للامتناع عن ممارسة أي ضغط ضد الإسرائيليين قد يجد الفلسطينيون سبيلاً إليه.
فبالنسبة للقيادة في رام الله، الإبقاء على علاقات قوية مع الولايات المتحدة الأمريكية يعني أنها لا تستطيع تشجيع الاحتجاجات الشعبية في الضفة الغربية، ولا تستطيع وضع حد للتعاون الأمني حينما تغزو إسرائيل المناطق التي من المفروض أنها تحت سيطرة السلطة الفلسطينية، ولا تستطيع الانضمام إلى عدد من الوكالات الدولية التابعة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات، ولا تستطيع منح الحرية لأفراد حماس غير العسكريين، ولا تستطيع إشراك حماس بطريقة لها معنى في منظمة التحرير الفلسطينية، ولا تستطيع حتى أن تسمح بديمقراطية حقيقية في فلسطين.
تقول حماس بأن المعونة الأمريكية المالية والأمنية التي تقدر بثلاثمائة مليون دولار سنوياً يجدر بها أن تستبدل بتمويل من دولة قطر ودول أخرى مثلها لأن تكلفة الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية باهظة جداً.
يذكر أن الحركة الإسلامية وصلت إلى السلطة عام 2006 بفضل برنامج نشر الديمقراطية الذي تبناه حينها الرئيس جورج دبليو بوش.
ولكن، منذ انتصار حماس ذلك، تبدلت السياسة الأمريكية تجاه الفلسطينيين وبات عنوانها منع الديمقراطية. إلا أن من غير المحتمل أن ينجح الأمريكان في سعيهم لإنجاز تسوية نهائية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني إذا كانوا يتعاملون مع قادة ينقصهم التفويض الشعبي.
(نقلا عن "ذي نيويورك ريفيو أوف بوكس".. ترجمة "عربي 21")