يدور سؤال في الشارع
الفلسطيني في ظل المجازر التي يرتكبها جيش الاحتلال
الإسرائيلي في قطاع
غزة، متى ستنضم فلسطين لكافة المعاهدات والمواثيق الدولية؟ وفي مقدمة ذلك محكمة روما التي تمهد الطريق لانضمامها إلى محكمة الجنايات الدولية، لمساءلة ومحاسبة المسؤولين الإسرائيليين.
ويشهد القطاع مجازر جماعية تحصد عشرات الأرواح ولا تفرق بين طفل وامرأة ومسن وشاب، ففي اليوم الثامن عشر للعدوان ارتقى نحو 50 شهيدا 6 منهم أطفالا و10 شهداء من عائلة واحدة منذ ساعات فجر اليوم الخميس، ليبلغ عدد الشهداء قرابة 745 شهيدا، وأكثر من 4633 جريحا، إضافة إلى هدم آلاف المنشآت والبيوت.
وفي رده على هذا السؤال، قال واصل أبو يوسف، عضو الجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية: "هناك إقرارا من القيادة الفلسطينية من اجل التوقيع على معاهدات وإلغاء معاهدات، والأمر بانتظار التوقيت المناسب".
وأضاف في حديث لـ"عربي21"، أن الرئيس محمود عباس وقع طلبا للأمين العام للأمم المتحدة من اجل حماية دولية للشعب الفلسطيني، ودولة فلسطين الواقعة تحت الاحتلال من هذه الجرائم والمذابح المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني، وطلب بوضع فلسطين ودولة فلسطين تحت الحماية لحماية الشعب الفلسطيني من هذا الإجرام والمحرقة المتواصلة ضده، إضافة إلى الاعتداءات والعدوان المتواصل أيضا في الضفة الغربية كما جرى من حرق الطفل محمد أبو خضير.
وأوضح: "اعتقد انه بات المطلوب الآن توفير هذه الحماية من مجلس الأمن الدولي التزاما بالنواحي القانونية المتعارف عليها؛ بالأمس كان هناك قرار لمجلس حقوق الإنسان بتشكيل لجنة التحقيق من اجل الوقوف على طبيعة الجرائم والمجازر التي يقوم بها الاحتلال، بالإضافة إلى دعوة الأطراف ذات العلاقة بالحرب الالتزام بالمبادئ الدولية، وكان هناك قرار بأهمية التطبيق لكل المعاهدات التي تعتبر استحقاقا فلسطينيا بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية في
الأمم المتحدة".
بدوره يرى أستاذ العلوم السياسية كمال إبراهيم علاونه، أن هناك العديد من الأسباب والعوامل التي جعلت القيادة الفلسطينية لا تتوجه إلى مؤسسات الأمم المتحدة، من أهمها بحسب رأيه "الإملاءات والابتزازات والضغوط الأمريكية والصهيونية والعربية على منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، للبقاء في ظل الأمر الواقع الصهيوني".
إضافة إلى "الخوف من العقوبات والمقاطعة الاقتصادية والسياسية الأمريكية والصهيونية بل والعربية أيضا، ووقف ضخ الأموال الفلسطينية التي تجبيها وزارة المالية الصهيونية للخزينة الفلسطينية، وبالتالي توقف صرف رواتب موظفي القطاع الحكومي الفلسطيني المدني والعسكري".
ومن الأسباب الأخرى التي أشار إليها علاونه في حديثه لـ"عربي21": "عدم الجدوى القانونية والسياسية الفعلية المؤثرة على أرض الواقع، كون الولايات المتحدة كعضو دائم في مجلس الأمن الدولي تستطيع استخدام حق النقض (الفيتو) ضد أي قرار أممي، والتهديد الأمريكي بقطع المعونات المالية عن هذه المنظمات الدولية؛ إضافة إلى الوهم السياسي الرسمي الفلسطيني، بإمكانية العودة إلى مسيرة التسوية الفاشلة".
ومن الأسباب الأخرى وفق تعبير علاونه "الخوف الرسمي الفلسطيني من انهيار السلطة الفلسطينية، والملاحقة الميدانية للقيادات الفلسطينية، وخاصة قيادات منظمة التحرير الفلسطينية والفصائل الوطنية، وعدم التمكن من قيادة مؤسسات دولة فلسطين في ظل الاحتلال العسكري الصهيوني، وصعوبة قيادة أجهزة ومؤسسات فلسطين من الخارج في ظل الانشغال العربي في الأوضاع الداخلية والحرب الأهلية في العراق وسوريا وتدهور الأوضاع العامة في مصر والجزائر واليمن وتونس وغيرها؛ إضافة إلى الحرج الرسمي الفلسطيني من تواصل اطلاق صواريخ المقاومة الفلسطينية باتجاه التجمعات السكانية اليهودية في القدس وتل أبيب وغوش دان وحيفا وأسدود وعسقلان وديمونا وغيرها".
مطالب الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية لم يعد مطلب المؤسسات الحقوقية أو فئات نخبوية فلسطينية، وإنما نجده شعارا يرفع في المسيرات المنددة بالعدوان، ومطلبا جماهيريا، وهذا ما لوحظ في مسيرات ووقفات في رام الله ونابلس وغيرهما.
وقال سميح محسن، مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان لـ"عربي21": "نطالب منذ انضمام فلسطين دولة كعضو مراقب في الأمم المتحدة بانضمامها لكافة المعاهدات والمواثيق الدولية، وفي مقدمة ذلك نظام محكمة روما الذي يمهد الطريق لانضمامنا إلى محكمة الجنايات الدولية، وفي حال انضمام فلسطين كعضو محكمة الجنايات الدولية نستطيع أن نلاحق سلطات الاحتلال الإسرائيلي على مختلف الجرائم الذي اقترفتها في الأراضي الفلسطينية".
وأضاف: "لا أتحدث فقط عن الجرائم البشعة التي تقترف بحق شعبنا في قطاع غزة وإنما أتحدث عن قضايا مثل جدار الفصل العنصري، الاستيطان؛ وهذه القضايا أيضا تعتبر جرائم حرب فملفات هذه القضايا واضحة تماما مثل قضية الجدار المسنود بالقرار الاستشاري في محكمة العدل الدولية في لاهاي، وأيضا قضية الاستيطان التي يجرمها القانون الدولي ويعتبرها جريمة حرب، ومن ثم الجرائم التي تقترفها في غزة في السنوات الماضية وهذه السنة، فهناك ضرورة ملحة ومطالبة حثيثة من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية والإقليمية".
وجدد مطالبته السلطة التوجه لمحكمة العدل، لأنها هي "القادرة على ملاحقة إسرائيل وجعلها دولة تحت القانون وليس دولة فوق القانون، كما يعمل الآن من قبل مجلس الأمن الذي يساند إسرائيل".
وكان الرئيس الفلسطيني وقع على وثيقة للانضمام إلى 15 معاهدة ومنظمة دولية في نيسان/أبريل من العام الجاري، لتعزيز موقف الفلسطينيين لدى الهيئات الدولية، بعد تأخر إسرائيل في الإفراج عن الدفعة الرابعة من المعتقلين الفلسطينيين.
وقد دفعت هذه الخطوة وزير الخارجية الأمريكي جون كيري لإلغاء زيارته إلى المنطقة.