سجل الإعلامي البريطاني جون سنو شهادته على الأوضاع المأساوية في غزة، جراء العدوان الإسرائيلي على القطاع، والذي راح ضحيته أكثر من ألف شهيد.
وقال سنو في تقرير نشرته القناة الرابعة بالتلفزيون البريطاني "لا أستطيع أن اقتلع صورة نعمة من ذهني، نعمة التي لا تبلغ من العمر إلا سنتين، فجمجمتها وأنفها المكسوران، أورثاها تقيحات كبيره بحجم عيني الباندا، مما أغلق عينيها الصغيرتين على نحو فعال"، كان هذا ما بدأ به المذيع البريطاني جون سنو رسالته الإخبارية التلفزيوينة من مستشفى الشفاء في غزة.
يقصد سنو بحديثه عن نعمة، الفتاة المصابة في غزة، جراء العدوان الوحشي الإسرائيلي على غزة، فقد قال سنو في تقريره إن نعمة : "منذ أن أصيبت خلال قصف مدفعي إسرائيلي قبل خمسة أيام، لم تنطق بكلمة واحدة وتبدو كأنها بكماء دون أن ندري ما إذ كان ذلك سيكون مؤقتا أم إلى الأبد" .
ويسرد قصة طفل آخر مصاب من غزة، اسمه نور الدين قائلا: "أما نور الدين فقد أصيب بشظية صاروخ أطلق من طائرة أف 16 حينما كان يلعب في شارع مزدحم، ففي ذلك الانفجار جرح أكثر من 45 شخصا وقتل اثنان، معظمهم من الأطفال".
ويروي قصة ثالثة: "أخيرا وللحظة واحدة، مها التي تهشم ظهرها وترضرض وجهها، قد ذبلت تحت خرقة غطاء بسيط، فأوساخ الشارع لا تزال متشبثة بقدميها. إنها في السابعة من العمر" .
وقال: "أنا أتحسس المكان من خلال المتاهة الكثيفة لعنابر الأطفال في الطابقين الثاني والثالث من مستشفى الشفاء المذهل في غزة"، مبينا أن "هذا هو مكان ولادة القديسين وساحة موت الملائكة".
وأشار سنو الذي لا يستطيع مغادرة القطاع منذ ثلاثة أيام إلى أن "القديسين هم الأطباء الذين جاءوا من جميع أنحاء العالم ليتعاملوا مع عواقب هذه الحرب الدامية، أما الملائكة فهم الأطفال الأبرياء الذين سحقتهم المعركة لدرجة يصعب معها البقاء" .
ولفت إلى الطبيب النرويجي الدكتور مادز جيلبرت، الأستاذ في طب الطوارئ من النرويج، إذ ينقل
عنه أن "مخزونات الأدوية الخاصة بالتخفيف من الألم قد غرقت تحت ما يسميه بالخط الأحمر". ولكن على الرغم من التحدي البشع، يعمل هذا المستشفى بطريقة رائعة وسط ركام الحرب الطاحنة.
ويتابع ما قاله الطبيب النرويجي: "إن 166 طفلا قتلوا وإن 1310 جرحوا، لكن هذا الوضع قد يتغير في أية لحظة"، مضيفا أن "695 من البالغين قتلوا و 4519 جرحوا خلال هذه الحرب، أما على الجانب الإسرائيلي فقد قتل 32 جنديا وجرح ثلاثة مدنيين".
ويتحدث نقلا عن الطبيب ذاته: "يقول الطبيب النرويجي، إن بعض الأطفال الذين يعتني بهم، تعرضوا لإصابات جدية خطيرة ويحتاجون إلى عمليات جراحية كبيرة، وبتر للأعضاء، ولجراحة في الدماغ، ولجراحة في العامود الفقري لدرجة سيصعب على البعض منهم العودة إلى حياتهم الطبيعية من جديد" .
وقال: "لقد أثبتت إسرائيل حقيقة مرة، بأنه ليس هناك شيء قد يوصف على أنه هجوم جراحي دقيق، ففي هذا الشريط الرفيع المزدحم بالسكان والمعزول عن بقية العالم، يستحيل كما تم إثباته قتل متشدد، دون قتل طفل، عشرين طفلا، أو جدة، عمة، ابن عم، ابن عم ابن العم".
وأوضح أن "المجتمع الغزاوي هو بناء من الأسر الكبيرة المتشابكة عبر ألأراضي، فمن الصعب وخز رجل واحد بالدبوس ، قتله، وترك المكان، إذ يمكنك مسح منزله، وعلى الأرجح أنه لن يكون هناك، ولكن أقاربه السبعة عشر سيكونون هناك، وفي نهاية الهجوم سيكونون وراء الحياة نفسها".
وختم سنو حديثه عبر رسالته الإخبارية قائلا: "وأخيرا، إنا محاصر في مدينة غزة منذ ثلاثة أيام. فالوضع خطير جدا كي تتحر وتبتعد، بيد أن أسوأ المذابح كانت جنوب هذا المكان، حيث لم يتمكن إي صحفي من المغامرة فيه حتى الآن، مستدركا بقوله "ولكن فليتبارك اليوتيوب، جنبا إلى جنب مع إمدادات قصيرة من الهاتف والكهرباء، لأنها مكنت صور السكان المحليين من الوصول إلى العالم الخارجي، حتى نتحقق منها نحن الصحافيون وننسجها في تقاريرنا، العالم يشهد ما يحدث في غزة. فلا بد أن يكون هناك حكم على ما يحصل هناك".