بدأ جزائريون، سلسلة "
محاكمات متنقلة"، للدول الكبرى الدائمة العضوية بمجلس الأمن، من خلال سفاراتها بالجزائر، ويلتقي وفد من قادة أحزاب معارضة وأساتذة جامعيون وقادة منظمات حقوق الإنسان، سفراء الدول المعنية لتبليغهم بالرفض القاطع لتواطؤ الدول العظمى مع الكيان الصهيوني الذي يشن حرب إبادة ضد سكان
غزة.
وتوجه الوفد، الاثنين، 4 آب/ أغسطس 2014، إلى سفارة روسيا، والتقى بالسفير ألكسندر زولوتوف، واحتج لديه على ما أسماه الوفد بـ "الصمت الروسي إزاء الحاصل من جرائم جيش الاحتلال الصهيوني على سكان القطاع منذ 28 يوما".
ويتكون الوفد
الجزائري من كل من: جيلالي سفيان رئيس حزب "جيل جديد" الحداثي، وعبد الرزاق مقري رئيس حركة "مجتمع السلم" الإسلامية، ومحمد ذويبي الأمين العام لحركة "النهضة" الإسلامية كذلك، وصالح دبوز رئيس "المكتب الوطني للرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان"، ومصطفى بوشاشي الرئيس السابق لـ"الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان"، وناصر جابي الأستاذ بجامعة الجزائر، ومحمد ارزقي فراد المفكر والكاتب المؤرخ.
وكان الوفد تنقل، الأحد 3 آب/ أغسطس 2014 بين سفارتي فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، والتقى بسفيري البلدين وتحادث الطرفان بخصوص
العدوان الصهيوني على غزة.
وشدد الوفد في بيان، الاثنين، على "الرفض والاستغراب الكبيرين من مواقف الدولتين المنحازتين للعدوان الإسرائيلي". وأكد "التنديد بالانتهاك الشامل لحقوق الإنسان والقانون الدولي تحت غطاء المنظمات الدولية التي تسيطر عليها القوى الكبرى".
وأبلغ الوفد سفيرا فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بـ "رفض الجزائريين لسياسة الكيل بمكيالين الذي تنتهجه هاتان الدولتان، والذي ظهر جليا في الموقف الداعم لعمليات الإجرام الحاصلة بغزة"، كما أبلغ ممثلي الدبلوماسيتين "رفض التعليل الذي تتحجج به القوى العظمى بكون العدوان سببه تصرفات المقاومة ضد إسرائيل، حيث إن القانون الدولي ذاته لا يقبل استهداف المدنيين في كل الأحوال ومهما كانت الظروف".
وطالب الوفد بـ "اتخاذ الإجراءات العاجلة غير المشروطة لرفع الحصار عن غزة ومساهمة كل المجتمع الدولي في إعادة الإعمار وتوفير الحماية والأمن الدائمين للشعب الفلسطيني، خصوصا عند الإخلال بمبدأ توازن القوى والحذر عند المواجهة كما تفعل إسرائيل حاليا، وفق ما أكدته معاينة المفوضية السامية لحقوق الإنسان".
وقال جيلالي سفيان، رئيس حزب"جيل جديد" بالجزائر، والناطق الرسمي باسم الوفد المتنقل بين سفارات الدول الدائمة العضوية بمجلس الأمن بالجزائر، لـ"عربي21" الاثنين: "قلنا للسفير الفرنسي أندري رابان، إن بلاده تنتهج سياسة الكيل بمكيالين وتدعم إسرائيل في بحثها عن أمن مطلق على حساب الفلسطينيين، ونحن نعرف أن الأمن المطلق لفائدة طرف واحد لا يؤدي بدوره إلى الأمن في المنطقة، إذ إنه يحقّ للفلسطينيين أن ينعموا بالأمن كذلك".
وأكد سفيان المترشح المنسحب من انتخابات الرئاسة بالجزائر في 17 نيسان/ إبريل الماضي: "أبلغنا السفير الفرنسي أن الشعب الجزائري غير راض عن سياسة بلاده في فلسطين، وسيحاكمك التاريخ غدا.. عليكم أن تغيروا سياستكم تجاه القضية الفلسطينية"، وتابع: "شخصيا، قلت للسفير إننا كنا ننتظر منكم موقفا حياديا على الأقل".
ونقل سفيان رد السفير الفرنسي على الوفد الذي ندد بسياسة فرنسا حيال القضية، بقوله: "إن سياستنا متوازنة تجاه القضية الفلسطينية، ونحن نهتم لشعور الجزائريين إزاء ما يحدث بغزة، لكني شخصيا سأبلغ الرئاسة الفرنسية بوجهة نظركم".
وبالنسبة للأمريكيين، أفاد سفيان لـ"عربي21"، بأن الوفد الذي تحادث مع السفير الأمريكي بالجزائر "هنري آنشر"، ندد بصمت الولايات المتحدة الأمريكية حيال المجازر اليومية بغزة، وقال: "نبهت السفير إلى أن التاريخ سيكتب أنكم تخلفون عار كبيرا للأجيال القادمة". وأضاف المتحدث: "نقلنا لهم استغرابنا لموقف أوباما الذي دعا إلى إطلاق سراح الجندي المختطف من قبل كتائب القسام، بينما لا يحاسب الجندي الإسرائيلي الذي يكتب بمواقف التواصل الاجتماعي إنه قنص 13 طفلا غزاويا".
وذهب الوفد أيضا إلى سفارة روسيا، والتقى بالسفير، ألكسندر زولوتوف، الذي "قال لنا كنا ننتظر موقفا صريحا من الجامعة العربية لكنها لم تفعل"، وذلك ردا على عتاب الوفد لموقف روسيا التي "سوت بين الظالم والمظلوم"، حسب محمد دويبي، رئيس حركة" النهضة" في تصريحه لـ"عربي21" الاثنين.
ويذهب الوفد الجزائري غدا الثلاثاء، إلى سفارتي الصين وبريطانيا لإبلاغهما بموقف الشعب الجزائري المندد بالعدوان الصهيوني على غزة و"بالصمت الممزوج بالتواطؤ للدول ذات العضوية الدائمة بمجلس الأمن" حسبما أضاف، محمد دويبي.
وفي سياق مشابه، أعلنت وزارة الصحة الجزائرية الاثنين، جاهزيتها الكاملة لاستقبال الجرحى الفلسطينيين جراء العدوان الإسرائيلي الهمجي الذي يتعرض له قطاع غزة "مهما كان عددهم"، وذلك حالما تشرع السلطات الفلسطينية في تحويلهم إلى الجزائر.
وقال سليم بلقاسم المسؤول عن الاتصال بوزارة الصحة في بيان الاثنين، إن الجزائر في انتظار شروع السلطات الفلسطينية في تحويل الجرحى المصابين جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة منذ أزيد من ثلاثة أسابيع، مضيفا أنها "ستضمن لهم أحسن تكفل طبي" على مستوى هياكلها الصحية المتخصصة.
وأكد بلقسام أن قطاع الصحة "على أتم الاستعداد لوجيستيكيا" لاستقبال هؤلاء الجرحى والتكفل بهم، وهي الخطوة التي تأتي بناء على تعليمات وجهها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.