منذ بداية الحرب على قطاع
غزة، لم تجد الطفلة
دينا خليفة، ابنة التسعة أعوام، طريقة تهرب فيها من جحيم هذا
العدوان الإسرائيلي، إلى عالم يخلو من رائحة البارود ولون "الدم"، إلا أن تغمض عينيها، وتخيّل نفسها تأكل قطعة من "الحلوى"، كما كانت تفعل يوميا في حياتها الطبيعية، أو أن تلهو مع أخوتها في حديقة المنزل.
لكنّ تلك الأمنيات، التي قد تكون أقرب إلى "الخيال" بالنسبة للطفلة "دينا"، في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة.
وفي آخر مرة، تذكر فيها الطفلة دينا أنها هربت من خوف هذه الحرب إلى ملاذ "أمنياتها"، أغمضت عينيها، وكانت أمنيتها الوحيدة أن تنجو وعائلتها من الجنون الإسرائيلي الذي كان يستهدف المنطقة المحيطة بمنزلها بشكل عشوائي.
لم تمضِ دقائق حتى حالت أربع قذائف من المدفعية الإسرائيلية بين دينا وأمنياتها، إذ أصيبت بشظايا تلك الصواريخ في كافة أنحاء جسدها، كما أدى اللهيب الحارق لشظايا الصواريخ والغازات السامة الناتجة عنها إلى "التصاق" عيونها.
تقول عمتها بَهَا خليفة، التي ترافقها في مستشفى الشفاء، بغزة: "لم يعد بمقدورها (دينا) أن تفتح عينيها وتغمضهم وقتما شاءت".
وتضيف: "تركت شظايا الصواريخ الإسرائيلية حروقا وحفرا كثيرة متناثرة بطريقة عشوائية على وجه الطفلة دينا".
وتابعت: "حتّى هذه اللحظة، لم يعرف الأطباء إذا كان بمقدور (دينا) أن تفتح عينيها أم لا، هل فقدت بصرها أم لا، وضعها الصحي لا زال ضبابيا".
وفي وقت الاستهداف، في تمام الساعة الرابعة فجرا، كانت دينا تنام إلى جانب أخوتها الستة، في صالة المنزل التي طالما أخبرهم والداهم أنه أكثر الأماكن أمنا، وأصيب كل أخوتها بشظايا الصواريخ الإسرائيلية.
وبيّنت أن الاستهداف المدفعي الإسرائيلي يكون عشوائيا للمناطق الآهلة بالسكان المدنيين.
وذكرت أن لحظة استهداف المنزل على رؤوس ساكنيه، كانت لحظة مرعبة، خرجت (بها)، التي تعيش في ذات المنزل، مصابة ببعض الشظايا، تطلب النجدة من الجيران.
وذكرت أنها لم تر شيئا في تلك الليلة، سوى وجوه الأطفال الممتزجة بغبار الركام، والدماء.
وتابعت (بها): "الأخت الصغرى لدينا، إبنة الخمسة أعوام، أصيبت بشظايا في رأسها، ما تسبب بكسر جمجمتها، ووضعها الصحي خطير، وقد أبلغنا الأطباء أن حياتها غير مضمونة لخطورة إصابتها".
وأضافت: "كما أصيب أخاها الكبير، إبن الـ(19) عاما بجروح متوسطة، فقد على إثرها جزء من أذنه، أما البقية فقد أصيبوا اصابات مختلفة".
وذكرت أنه نظرا لاكتظاظ مستشفى الشفاء الطبي، الذي تمكث فيه (دينا) وأختها الصغرى، فإن أخوتها يتلقون العلاج داخل منزلهم، ويشرف على الوضع الصحي للأطفال الذين يتلقون العلاج في المنزل ممرض خاص".
وتشن إسرائيل حربا على قطاع غزة، منذ السابع من تموز/ يوليو الماضي، أسفرت حتى الأربعاء عن استشهاد 1875 فلسطينيا وإصابة 9563 آخرين، بحسب وزارة الصحة الفلسطينية.
وفي الجانب الإسرائيلي، أسفرت الحرب حتى التوقيت نفسه، بحسب بيانات رسمية، عن مقتل 64 عسكريا و3 آخرين، وإصابة نحو 1008من بينهم 651 جنديا و357 إسرائيليا، بينما تقول كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، إنها قتلت 161 جنديا، وأسرت آخر.