في ما يسمى "دولة الخلافة" التي أعلنها مؤخرا تنظيم "الدولة الإسلامية" (
داعش) في سورية والعراق، يتم تجنيد الأطفال الصغار وتفرض رؤية التنظيم للدين بقوة السلاح، كما كشف فيلم وثائقي يعرض لمحات أولى عن الحياة في "عاصمتها" الرقة.
وصور هذا الفيلم الوثائقي الذي يمتد لـ42 دقيقة؛ "مدين ديرية"، وهو صحفي بريطاني فلسطيني. وقد بثه الخميس الموقع الالكتروني الاعلامي فايس نيوز الذي يتخذ من نيويورك مقرا له.
ومنذ البداية، يبدو الوضع واضحا اذ يقول احد محاوري الصحفي الذي تابع لثلاثة اسابيع تنظيم "الدولة الاسلامية"، ان "الشريعة لا يمكن ان تفرض إلا بقوة السلاح". وتؤكد فايس نيوز ان الصحفي تمكن من "الوصول بشكل غير مسبوق الى الجماعة في سورية والعراق".
وفي الرقة يتجول مقاتلون مدججون بالاسلحة على دبابات وعربات أمريكية استولى عليها من الجيش
العراقي بينما تقوم الشرطة الدينية بدوريات مسلحة برشاشات. وتصدر الشرطة أمرا الى تاجر بإزالة ملصق إعلاني "لكفار"، ورجلا آخر بتغيير قماش حجاب زوجته وضرورة ألا ترفع عباءتها عن الأرض. وقال قائد الدورية ان "الذين لا يطيعون سيجبرون" على ذلك.
وقد صلب رجل متهم بالقتل في ساحة عامة، وتركت جثث جنود سوريين في الفرقة 17 على الأرصفة وعلقت رؤوسهم على اوتاد.
ويظهر سجناء جالسون على الارض يروون انهم اعتقلوا لأنهم باعوا الخمر او شربوه بينما يؤكد احدهم انه سعيد لأنه تاب، مع اعتبارهم أن الجلد المفروض عليهم هو حق. كما يظهر رجل متهم ببيع المخدرات ينتظر الحكم عليه، ويقول إنه تاب يتحدث عن فرحته لأنه "في عقر دار الخلافة" حسب قوله.
ويوضح صبية في سن التاسعة والحادية عشرة والرابعة عشرة أنهم يريدون القتال لقتل "الكفار". ويقول طفل في التاسعة من العمر انه يريد التوجه قريبا الى معسكر للتدريب على استخدام الكلاشنيكوف "لمحاربة الروس.. وأمريكا".
ويسأل رجل قدم من بلجيكا، وقال ان اسمه عبد الله البلجيكي، لصبي في السادسة من العمر: "هل تريد ان تكون جهاديا او تقوم بعملية استشهادية؟". ويرد الطفل "جهادي" قبل ان يوضح تحت ضغط الاسئلة المتلاحقة ان الكفار "يقتلون المسلمين".
ويعود الرجل نفسه ليهدد أوروبا بالغزو، وبأنه سيتم قتل الأطفال وسبي النساء وقتل أزواجهن انتقاما لقتلهم المسلمين، كما قال.
وللأطفال الذين تقل أعمارهم عن الخامسة عشرة تنظم معسكرات لتعليمهم الشريعة وفقا لمنهج التنظيم. وبدءا من سن السادسة عشرة يمكن للفتية المشاركة في العمليات العسكرية، كما يقول ابو موسى الناطق باسم تنظيم "الدولة الاسلامية".
ويقول رجل بينما يقوم فتية بالسباحة في نهر الفرات: "نعتقد ان هذا الجيل من الأطفال سيكون جيل الخلافة وسيقاتل الكفار والمرتدين، الأمريكيين وحلفاءهم. إنهم يدرسون العقيدة الجيدة وكلهم يريدون القتال من اجل الدولة الإسلامية".
والنساء القليلات اللواتي تظهرن في التسجيل عرضا، يرتدين الحجاب الأسود الكامل، الذي يغطيهمن الرأس إلى القدمين.
وقال أحد قضاة التنظيم: "نريد ان نرضي الله ولا نكترث بالمعايير الدولية". وأضاف ان قضاة متخصصين سيتولون فرض تطبيق الشريعة خصوصا في ما يتعلق بالخمر والزنى.
وبعد هجوم كاسح أعلن تنظيم "الدولة الاسلامية" المتهم بارتكاب فظائع "دولة الخلافة" في نهاية حزيران/ يونيو على الأراضي التي يسيطر عليها في شمال سورية وشرق العراق. وقد نزح مئات الآلاف من الاشخاص بسبب هذا الهجوم.
ومنذ حوالى عشرة ايام تقدم مقاتلو التنظيم باتجاه إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي وطرد عشرات الآلاف من أفراد الطائفة الايزيدية الكردية وغير المسلمة خصوصا من مدينتي سنجار وقره قوش.
ونادرة هي وسائل الاعلام التي توجهت الى المكان لأسباب أمنية. وكانت صحيفة نيويورك تايمز نشرت تحقيقا الشهر الماضي لم تذكر فيه اسم معده ولا الاشخاص الذين تحدث إليهم.
وقال كيفن ساتكليف مسؤول فايس نيوز يوروب ان ديرية هو الشخص الوحيد الذي سمح له التنظيم "بالدخول لهذه الفترة الطويلة".
و"فايس نيوز" التابع لمجموعة "فايس مالتيميديا" تأسس في كانون الأول/ديسمبر "من اجل ومن قبل جيل على اتصال" بالواقع. وهو يريد نقل "صورة بلا تجميل على بعض الاحداث في زمننا" حسب تعريفه.