أكد عبد الواحد
المتوكل رئيس الدائرة السياسية لجماعة
العدل والإحسان المغربية، في مقابلة مع "عربي 21" أن النظام المغربي يشن حربا ممنهجة على الجماعة من أجل ترويضها، واعتبر معلقا أن هذا الظلم لن يدوم، مشددا على رفض الجماعة لشروط النظام لأنها شروط مذلة على حد تعبيره.
القيادي بالجماعة العائد بدكتوراه للدولة من جامعة "إكستير" البريطانية قبل خمسة أشهر، شدد على أن المغرب لا يعرف أي تحول ديمقراطي، بل إن ممارسات في العهد الجديد حسب المتوكل فاقت زمن الملك الراحل الحسن الثاني.
عضو مجلس شورى جماعة الراحل الشيخ عبد السلام ياسين، الذي قدم صورة غارقة في السوداوية عن المغرب، شدد على أنهم في الجماعة لا يريدون أن يصيب المغرب ما أصاب البلاد الأخرى، مردفا "نريد الاستقرار ونريد الأمن لوطننا، ولكن الاستقرار لا يكون بالأماني وترويج أن كل شيء على ما يرام".
أحد أبرز قادة العدل والإحسان الإسلامية، حاول دفع تهمة الانتظارية عن الجماعة وترقبها حدوث معجزات تغير الواقع، مسجلا أن متهمي الجماعة بالانتظارية ينظرون للتغيير من داخل المؤسسات فقط، ليطرح سؤالا مفتوحا كالتالي: قل لي بربك، ما الذي حققه الموجودون في المؤسسات الرسمية؟
وفيما يلي نص المقابلة:
تتحدث قيادات في جماعة العدل والإحسان عن وجود هجمة منظمة من طرف متسمونه المخزن، ما صحة هذا الزعم وما مؤشراته؟
هذا صحيح بالتأكيد، وأعتقد بأن هذه الهجمة التي تستهدف الجماعة ليست جديدة، فمنذ تأسست الجماعة وهي تتعرض للتضييق والملاحقات بصورة منهجية، قد تخف في فترة من الفترات ولكنها سرعان ما تعود، وبأشكال متعددة ربما لا يتسع المقام لذكرها، ولو فسحنا المجال لوجدنا الأمثلة كثيرة، من اعتقالات وغيرها، وإلى اليوم ليست لنا مقرات ولا أماكن كغيرنا من
الأحزاب، وليست لنا صحف، إلى غير ذلك، وحتى المخيمات التي كنا ننظمها لم يعد بإمكاننا أن ننظمها، وهذه حرب موصولة لم تنقطع. وهي محاولة جديدة لترويض جماعة استعصت على الترويض، لا أقل ولا أكثر.
أنتم، حسب البعض، كذلك لا تفوتون فرصة للنيل من النظام من خلال تقارير بحثية وبيانات ومسيرات... والبعض يعتبر أنها حرب بين الجماعة والنظام وليست من النظام انجاهكم فقط؟
لا أبدا، نحن لسنا في حرب مع أحد، إنما نقوم بهذا الواجب ونتحدث عن بعض ما هو موجود، وليس كله، ولو عدت إلى التقارير الدولية، وما تكتبه الصحف، رغم الهامش الضيق من الحرية، لوجدت أمورا كثيرة، فنحن نقوم ببعض الواجب في فضح هذا الواقع الذي يريدون أن يزينوه للخارج، بالقول أن هناك استقرارا وديمقراطية وتحول، فنحن نقول أنه ليس هناك أي تحول. هناك أشياء كنا نقوم بها في عهد الحسن الثاني وصرنا ممنوعين من القيام بها اليوم، مثل المخيمات التي لم تكن تمنع حينها ومنعت في ما يسمى العهد الجديد، فالواقع أنه لم يتغير أي شيء، فنحن نكشف ما هو واقع وما تؤكده الأيام والاحتجاجات والبطالة والمآسي، نحن نخاف على بلدنا.
فعندما ترى أن المشاكل تتراكم يوما عن يوم، في غياب استراتيجية واضحة يمكن أن تخرج البلد من هذه الأزمات المتراكمة، ماذا تنتظر في النهاية، اليوم أو غداً، المآل واضح، ونحن أبناء هذا الوطن، ولا نريد أن يصيب وطننا ما أصاب البلاد الأخرى. نريد الاستقرار ونريد الأمن لوطننا، ولكن الاستقرار لا يكون بالأماني وترويج أن كل شيء على ما يرام، فالمآسي والأزمات تتراكم والمغرب في خطر.
كيف يمكن أن تصف هذه العلاقة الحاصلة الآن بينكم وبين النظام أو ما تصفونه بالمخزن، هل هي حرب، أم شد وجذب؟
نحن جماعة معارضة، والنظام لا زال يمنعنا من أبسط حقوقنا، لأنه حتى نظفر ببعض حقوقنا يشترط شروطا لا يمكن نحن أن نقبل بها، لأنها شروط مذلة. وكمثال صارخ على ذلك، الجماعة هي جماعة قانونية، بنصوص القانون وبأحكام قضائية من قضائهم، ولم نخترعها نحن، هناك العشرات من الأحكام القضائية التي تؤكد أن جماعة العدل والإحسان جماعة قانونية وتأسست وفق المساطر المعمول بها، ولا زالوا يعتبرون الجماعة غير قانونية.
أي أفق تراه لهذه العلاقة بينكم وبين النظام، هل سيبقى هذا الصراع إلى الأبد أم ماذا تتقد؟
نعتقد بأن الظلم لا يدوم، ولا بد لهذا الوضع السيء وهذا الطغيان والفساد والاستبداد أن ينتهي، وسينتهي حتما بإذن الله.
أمام هذا الواقع الذي تصفونه بالسوداوية، البعض يؤاخذ عليكم ما يسمى بالانتظارية وأنكم لا تبادرون عمليا لتغيير هذا الواقع، وربما تنتظرون حدوث المعجزات أو شيئا من هذا القبيل؟
لا، نحن لا ننتظر، الذي يعرف الجماعة وأعضاءها يعرف أنهم يشتغلون بالليل والنهار، وليس هذا من إطراء الذات، ولكن يمكن أن أقول أن الدينامية التي تتوفر عليها الجماعة والنشاط الذي يتميز به أفرادها هو نشاط متميز، ويشهد به الخاص والعام وفي المناسبات التي يطلع عليها البعض، فإذن هؤلاء الناس ليسوا في فراغ، وإنما هم يؤسسون. الذي يريد أن يبني مشروعا ينبغي أن يؤسس له، لا ينبغي أن تؤسس مشروعا بين عشية وضحاها، نحن نشتغل في المساحة المتوفرة وبالوسائل المتاحة وبإمكانياتنا على تواضعها، ولكننا لا ننتظر.
الناس عندهم تصور خاطئ، حيث يعتبرون أن من لا ينتظر هو الموجود في المؤسسات الرسمية، قل لي بربك، ما الذي حققه الموجودون في المؤسسات الرسمية؟ طيب، لنفرض جدلا أن الجماعة لم تحقق أي شيء، فهل حقق من يوجدون في المؤسسات شيئا يذكر لهذا البلد؟ لم يحققوا شيئا، الكل يقول هذا والكل يكتب هذا. الخطر أنهم ذبحوا مصداقيتهم ويذبحونها، فالخطر أن لا نحقق شيئا ولا نحافظ على مصداقيتنا، عوضا أن ننخرط ونكذب على الناس ونوهمهم ونعدهم ونحن نعلم بأننا لا نستطيع أن نفي بوعودنا، هذا هو الخطر، أن يفقد الشعب المصداقية في الطبقة السياسية.
هل تعتقد أن موضوع المصداقية هذا سيبقى بنفس العذرية للمشتغل بالمجال السياسي؟
ينبغي أن نكون واضحين، أنا عندما أدخل إلى المجال السياسي، وأعي جيدا بأنه لا يمكن لأي حزب فائز في الانتخابات أن يحصل على أكثر من الخمس، فلماذا أدخل، هذا يعني أنني سوف أضطر لأن أتحالف مع أحزاب فاسدة، فماذا يقول الناس؟ وهذا الأمر لا يخص حزبا واحدا، بل هناك أحزاب متعددة، وانظر ماذا فعلوا في تركيا مثلا، حيث رفعوا ما يسمى "العتبة" حتى تتمكن أحزاب قليلة من دخول البرلمان، أما عندما تكون هناك نية مبيتة في البلقنة لكي لا يكون لأي حزب القدرة على تنفيذ أي برنامج فعدم المشاركة خير له. فلو تهيأت الظروف وكان هناك أمل لكي أحق جزءا من الأهداف على الأقل فهذا يستحق، أما والحال على ما هو عليه فإن الشعب سيقول أن الآمال التي علقناها عليكم خيبتموها أنتم أيضاً كغيركم من الناس.