قالت صحيفة "
ديلي تلغراف" إن مبعوث السلام للشرق الأوسط، رئيس الوزراء البريطاني السابق توني
بلير قدم لرئيس
كازخستان الديكتاتوري نور سلطان نزار باييف، نصائحَ حول كيفية تجاوز مذبحة ارتكبتها قواته الأمنية بحق المدنيين في عام 2011.
وفي رسالة للحاكم المستبد حصلت عليها صحيفة "تلغراف"، أخبر بلير الرئيس الكازخستاني أن مقتل 14 محتجا "وإن كان مأساويا إلا أنه يجب أن لا يخفي التقدم العظيم" الذي أحدثه نظامه في البلاد.
ويمضي بلير الذي يتلقى الملايين سنويا لتقديم النصيحة لنزارباييف ويقترح إدخال عدد من الفقرات في خطاب للرئيس، كان سيلقيه في جامعة كامبريدج للدفاع عن الفعل.
ويتلقى بلير مقابل خدماته عبر شركته الاستشارية "توني بلير وشركاه" التي أنشأها بعد مغادرته الحكومة عام 2007، ويعتقد أن شركته أرسلت عددا من المستشارين للعمل في كازخستان.
واتهمت منظمات
حقوق الإنسان فعل بلير "بالمشين" لأنه كان يحاول تعزيز موقف الرئيس الكازخستاني ومصداقيته على المسرح الدولي مقابل "ملايين من الجنيهات الإسترلينية".
وأرسل بلير الرسالة في تموز/ يوليو 2012 قبل خطاب للرئيس نزارباييف في كامبريدج، وقبل ذلك بأشهر أي في 16-17 كانون الأول/ ديسمبر أطلقت الشرطة النار على محتجين قتلت 14 منهم وجرحت 64 آخرين في البلدة النفطية زانيازون، فيما تم اعتقال المحتجين وهم عمال وتعذيبهم حسب تقارير.
وبدأ بلير بالتعاون مع نزار باييف في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 أي قبل أسابيع من المذبحة.
وفي الرسالة التي كتبت على ورق مروس باسم شركته، قال بلير "عزيزي الرئيس، هذا هو مقترح لإدخال فقرة لخطاب كامبريدج، واعتقد أنها تكفي للتصدي لقضية زانيازون. وكونك قمت بإصلاحات بعدها، وعلى أي حال، فهذه الأحداث وإن كانت مأساوية يجب أن لا تخفي التقدم العظيم الذي حققته كازخستان. وعليه فالتعامل معها -المجزرة- بالطريقة التي اقترحتها هي أحسن طريقة للتعامل مع الإعلام الغربي، ويمكن أن تستخدم للاقتباس في أي وضع مقبل عندما يتعلق الأمر بكازخستان".
وعلق بلير بخطه هو في أسفل الرسالة "تمنياتي الحارة وأتطلع للقائك في لندن، صديقك الدائم توني بلير".
ووضع بلير مع الرسالة فقرتين من 500 كلمة كي يقتبس منها نزارباييف في خطابه. فالكلمات كلمات بلير ولكن التي ألقاها هو بلير. وفيها صوَّر بلير نزار باييف كقائد صاحب رؤية حسّن من الأوضاع المعيشية لبلده.
ويتربع نزار باييف على الحكم منذ انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991. وبلده يعتبر من دول النفط والغاز المهمة، ومساحته أكبر من مساحة غرب أوروبا. وفي الانتخابات الأخيرة عام 2011 حصل على نسبة 96%.
ونصح بلير عميله لإدخال الفقرة التالية في خطابه "أحب بلدي، وعملت جاهدا على مساعدتها للتخلص من الإرث المر الذي مرت به في تاريخها الحديث، وكنت على رأس إدارتها وهي تتقدم بخطوات واثقة لتحسين أوضاع المعيشة وزيادة الثروة والرفاه لشعبها، وأشعر بالبهجة لما تعيشه من تسامح ديني يسمح لأبناء الديانات الأخرى ممارسة معتقداتهم بحرية". وذكر بلير في الخطاب بالدور الذي لعبته كازاخستان في مساعدة قوات الناتو بالانسحاب من أفغانستان، وقرار باييف التخلي عن السلاح النووي الذي ورثه من الاتحاد السوفييتي السابق.
وفي موضوع مذبحة زانيانون، اقترح بلير على نزارباييف: "هناك قضايا تتعلق بالديمقراطية وحقوق الإنسان يجب علي التطرق إليها، فأنا أتفهم وانصت لنقدكم، ومع ذلك أقول هذا لكم: فتوصلوا لحكمكم بكل الطرق وأنا أؤكد لكم أنني استمع لها. ولكن اعترفوا بالتغييرات الضخمة التي قمنا بها وذات الطبيعة الإيجابية التي حققتها البلاد خلال العشرين عاما الماضية. فنحن سنمضي خطوة خطوة".
وفي النهاية ألقى الرئيس الكازاخستاني خطابه، ولكنه فشل في ذكر نقطة مهمة وهي المذبحة؛ مع أنه اتبع نصيحة بلير بحذافيرها إلا في هذه النقطة.
وفي تقريرها الأخير، أشارت منظمة هيومان رايتس ووتش لسجل البلد الفقير في حقوق الإنسان والذي تراجع في عام 2013، حيث قمعت السلطات حرية الرأي ولاحقت المعارضة وأساءت تفسير القانون في ملاحقتهم.
ووصف هيو ويليامنسون، مدير مكتب أوروبا ووسط آسيا في هيومان رايتس ووتش، دور بلير: "عار أن يقوم توني بلير بتلقي ملايين الجنيهات من مستبد ليكتب له خطابا بدون أن يتصدى لمشكلة حقوق الإنسان في كازاخستان".
وينفي بلير أن يكون متنفعا شخصيا من علاقته مع كازاخستان، ولكن شركته تقوم بالتعاون معها ويعتقد أنها عقدت مع البلد عقدا قيمته 7 ملايين دولار كل عام.