تحوّلت مدينة "الرياض" الواقعة في جزيرة جربة
التونسية (جنوب شرق) إلى معرض مفتوح لـ"
فن الشارع"، بعدما ازدانت جدرانها بلوحات فنية رسمها تشكيليون قدموا من 30 دولة، ما جعل المدينة الهادئة ذات الشوراع المظلمة والمغبرة وجهة للزوار والسياح.
ومنذ حزيران/ يونيو الماضي، رسم نحو 100 فنان حوالي 250 لوحة على جدران المدينة ضمن تظاهرة ثقافية تحمل اسم "جربة هود" أطلقها الفنان التونسي المقيم في فرنسا مهدي بن شيخ، الذي سبق له إطلاق تظاهرة شبيهة لكن أقل حجما، في العاصمة الفرنسية باريس.
وحوّل الفنانون المشاركون في تظاهرة "جربة هود" جدران مبان فخمة وأخرى متهالكة أو مهجورة في مدينة الرياض إلى لوحات رسموا عليها زخارف وصورا لأشخاص وحيوانات حقيقية أو أسطورية (الحصان الطائر) ونباتات وأزهار، معتمدين في بعض أعمالهم تقنية الخداع البصري (ترمبلوي).
وقبل تظاهرة "جربة هود" كانت مدينة الرياض الواقعة بعيدا عن الفنادق السياحية المنتشرة على سواحل جزيرة جربة، مجرد نقطة عبور نحو كنيس "الغريبة"، أقدم معبد يهودي في إفريقيا.
وتحولت المدينة بفضل التظاهرة الفنية الى مزار يومي لتونسيين وسياح من محبي فنون الشارع.
وجلبت الرسوم الجدارية والأموال التي ينفقها الزوار والسياح الذين يحلون بالمدينة السعادة إلى عدد من سكان الرياض.
ويقول وائل عروة (15 عاما)، وهو يشاهد مع صديقين له رساما فلسطينيا يكتب باللونين الأزرق والأحمر عبارة "جربة حرة" على أحد الجدران "الرسومات (الحائطية) زينت مدينتنا (..) وجلبت السياح".
ويضيف أنه حصل مع ابن عمه على 20 دينارا (حوالي 10 يورو) من ثلاثة سياح مقابل مرافقتهم في جولة لمشاهدة اللوحات الجدارية في المدينة.
ويقول محمد بن موسى، وهو بقّال في أحد أحياء المدينة: "الرسوم حركت عجلة التجارة، وجلبت السياح، ووجوها جديدة لم نرها في السابق".
ورغم أن معرض "جربة هود" يفتتح رسميا يوم 20 أيلول/ سبتمبر الحالي، إلا انه اجتذب (قبل افتتاحه) العديد من محبي "فن الشارع" الذين سمعوا بالتظاهرة عبر شبكات التواصل الاجتماعي مثل ياسين الحناشي وصديقته نادية عثمان حيث قدمتا خصيصا من العاصمة تونس.
وتقول نادية: "ما كنا لنأتي إلى هنا لولا تظاهرة (جربة هود) لأن هذا الحي عادة ما يكون منطقة مهملة".
وأعرب الفنان الأمريكي بوغان هيكس (43 عاما) الذي يشارك في التظاهرة الفنية عن "ذهوله" لحجم ونجاح "جربة هود".
ويقول هيكس :"اشتغلت على عدة مشاريع من هذا النوع، لكن هذه المرة الأولى التي أرى فيها مشروعا ينجح بمثل هذه السرعة".
ويرجع الفنان الأمريكي نجاح "جربة هود" إلى مشاركة فنانين "يفهمون الثقافة (المحلية) أو يتذوقون جماليتها".
ويقول بحماسة: "لدينا أناس يبنون حوارا (..) بدل وضع بصمتهم (الفنية) الخاصة من دون أن تكون لها صلة بالمجتمع" المحلي.
ورسم الفنان الأميركي زخارف شرقية على واجهة مدرسة مهجورة بهدف "تخليدها (..) حتى وإن كانت آيلة للسقوط"، على حد قوله.
ويأمل بعض سكان الرياض ديمومة معرض "فن الشارع" بمدينتهم.
ويقول بائع الدواجن العروسي مرهاغ الذي رسم فنان صورة دجاجة على واجهة محله "أنهم يرسمون مباشرة على جدران مقشرة، الرسوم سوف تتطاير ولن تدوم".
وقال مهدي بن شيخ منظم تظاهرة جربة هود: "بعض الأشياء (الرسوم) ستمحى تلقائيا، والبعض الآخر سيتحلل (..) عندها سيأتي فنان آخر وتظهر جداريات أخرى".