أزمة قضائية ساخنة تلوح في سماء
المغرب، على خلفية رفض
الحكومة المغربية في اجتماعها الأخير، المصادقة على مشروع القانون التنظيمي الذي يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، والذي يقر باستقلال
النيابة العامة على سلطة وزير العدل، في وقت هدد فيه نادي قضاة المغرب بالتصعيد ردا على هذا الخطوة الحكومية.
ورفض مجلس الحكومة، المنعقد يوم أمس الخميس، المصادقة على مشروع قانون التنظيمي رقم 13-100 الذي يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، بسبب اقتراحه المشروع استقلال النيابة العامة عن سلطة وزير العدل، مفضلة إرجاء نقاش الموضوع إلى موعد لاحق دون تسميته.
وكشفت مصادر مطلعة، في تصريح خصت به "عربي21"، أن "أعضاء مجلس الحكومة رفضوا المصادقة على مشروع القانون، المثير للجدل"، معتبرين أن "استقلال النيابة عن سلطة وزير العدل غير مقبولة، ولا يمكن تمريرها".
وتابعت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "من حق الحكومة أن ترجئ نقاش المشروع، وأن تقدم ما تراه مناسبا لها، كما من حقها أن ترفض إدراج نقطة من مشروع قانون، مضيفة أن للبرلمان الحق في التصويت من عدمه على المشروع بعد إقراره، كما له حق تعديل القانون".
وأضافت المصادر، أن "التنصيص على استقلال النيابة في مشروع القانون التنظيمي المقترح واجه رفضا كبيرا من قبل أعضاء مجلس الحكومة، الذين طالبوا بتعديله، بما يجعله متناسبا مع المقتضيات الدستورية، خاصة ما يتعلق منها بالمسؤولية والمحاسبة".
وأوضحت ذات المصادر، أن الحكومة تكون قد اختارت عدم الالتزام بـ"توصيات ميثاق إصلاح العدالة"، مشددة على "أنها تبقى توصيات و لا ترتقي إلى قرارات ملزمة"، مع تسجيلها أن الحكومة مارست حقها وما تراه مناسبا، ويبقى من حق البرلمان العمل بما يراه مناسبا.
هذا وقرر مجلس الحكومة تعميق مدارسة مشروع القانون التنظيمي رقم 13-100 الذي يتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، خلال اجتماع لاحق للمجلس.
وذكر بلاغ لمجلس الحكومة حصلت "عربي21" على نسخة منه، عقب انعقاد المجلس، أن هذا المشروع، الذي تقدم به وزير العدل والحريات السيد مصطفى الرميد، يأتي تنزيلا للمقتضيات الدستورية التي نص عليها الدستور الجديد، خاصة من المادة 107 إلى المادة 128.
وذكر بأن هذه المواد نصت على إحداث المجلس الأعلى للسلطة القضائية كمؤسسة دستورية يرأسها الملك، تسهر على تطبيق الضمانات الممنوحة للقضاة، وتخويل الرئيس الأول لمحكمة النقض مهام الرئيس المنتدب، والتنصيص على حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة ودور
القضاء في حماية حقوق الأشخاص والجماعات وحرياتهم.
وأشار إلى أن المشروع، الذي تم إعداده في إطار منهجية تشاركية واسعة، قد تأسس على دستور المملكة، ثم التوجيهات الملكية ذات الصلة الواردة في الخطب والرسائل الملكية السامية، إضافة إلى مضامين ميثاق إصلاح منظومة العدالة، ثم المبادئ والمعايير الدولية المتعلقة باستقلال السلطة القضائية.
وأكد أن المشروع نص على أن المجلس الأعلى للسلطة القضائية مؤسسة دستورية مستقلة تتمتع بالأهلية الاعتبارية والاستقلال الإداري والمالي، وأنه تطرق إلى تنظيم وتسيير المجلس.
وأوضح أن المشروع أكد على اعتماد المجلس في تدبير الوضعية المهنية للقضاة على مبادئ تكرس تكافؤ الفرص والاستحقاق والشفافية والحياد والسعي نحو المناصفة، مشيرا إلى أنه وضع معايير خاصة بكل وضعية مهنية على حدة، سواء تعلق الأمر بترقية القضاة أو انتقالهم أو انتدابهم أو تأديب القضاة، كما نص على دور المجلس في تخليق القضاء واحترام القيم القضائية والتشبث بها، وإشاعة ثقافة النزاهة والتخليق بما يعزز الثقة في القضاء، و حماية استقلال القاضي.
الحديث عن رفض الحكومة لاستقلال النيابة العامة عن السلطة القضائية، اعتبره مسؤول بـ"نادي قضاة المغرب" تهربا من تكاليف الإصلاح وانقلابا على توصيات الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، التي دعت إلى إقرار
استقلالية النيابة العامة عن سلطة وزير العدل".
وتابع المتحدث، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، في تصريح لـ"عربي21" أن الحكومة وفق هذا الاختيار تكون قد لجأت إلى التصعيد في مواجهة استحقاق استقلال النيابة العامة، والمضي إلى الأمام في مجال تحقيق استقلال العدالة عن كل ما من شانه التدخل من قريب أو بعيد في عملها".
وفيما يشبه التهديد ذكر المتحدث بـ"قافلة القضاة"، حيث هدد "نادي قضاة المغرب" بالموازاة مع الاحتفال بالذكرى الأولى لتوقيع وثيقة المطالبة باستقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، وهي الوثيقة التي وقعها ما يزيد عن 2000 قاض وقاضية غداة انعقاد الدورة الثانية للمجلس الوطني للنادي في الخامس من ماي 2012 بالمعهد العالي للقضاة، هددوا في إثرها بتنظيم قافلة تنتهي باعتصام أمام وزارة العدل.