دعا المحلل الإسرائيلي إيلي افيدار إسرائيل للانضمام إلى التحالفات الجديدة التي ظهرت في الشرق الأوسط، والانخراط فيها لأنها قادرة من خلالها على تحقيق مصالحها الأمنية بأفق سياسي معتدل.
وفي مقالته لصحيفة "معاريف"، الثلاثاء، أكد افيدار أنّ الشرق الأوسط تحول بعد عقود من الجمود إلى المكان الأكثر دينامية في العالم. فمنظومة التحالفات الإقليمية توجد في حركة دائمة؛ عدو الأمس هو صديق اليوم، وصديق الأمس سيكون غير ذي صلة غدا.
وشدد على أنّ المحور الأبرز الذي ظهر في السنة الأخيرة بالشرق الأوسط؛ هو التحالف الاستراتيجي بين
مصر،
السعودية، اتحاد الإمارات، الكويت والبحرين.
وأضاف بأنّه وللمرة الأولى في تاريخ العالم العربي، ظهر اتحاد لا تقوده دولة سائدة أو زعيم كريزماتي بل فكرة.
ووصف هذا الحلف بأنّه تحالف سني يسعى إلى الوقوف في وجه الحركات الإسلامية بكل تفرعاتها، وعدَّدَ هذه الحركات: "ايران، حزب الله، الأسد، الإخوان المسلمين وحماس"، وأضاف إليها حركات أسماها بالحركات المتطرفة كالدولة الإسلامية وجبهة النصرة، والمصرفيين خاصتهم من قطر، بحسب معاريف.
وأشار إلى أنّ هذا الحلف ليس له مصدر صلاحيات خارج الشرق الأوسط، مشددا على أنّه "بالتأكيد ليس الولايات المتحدة. فالسعودية ومصر تريان في الأمريكيين مسؤولين عن صعود المتطرفين في ليبيا، تونس، اليمن، العراق وسوريا. وهما مستعدتان للتعاون مع واشنطن في مواجهة الدولة الإسلامية، ولكنهما لن يمنحاها حق الفيتو على سلوكهما".
وأضاف: "ليست إسرائيل جزءا من مجموعة الدول هذه، ولكن نشأ لنا تماثل مصالح وخصومة مشتركة مع المحور الحماسي – القطري – التركي. هذا هو الحلف الذي منح إسرائيل مجال عمل في أثناء "الجرف الصامد".
وتطرق افيدار إلى أنّ السعودية لم تعدى ترى في إسرائيل عدوا. مستشهدا بمقال نشر مؤخرا في صحيفة "الحياة"، يتحدث صراحة حتى عن إنهاء النزاع الإسرائيلي – العربي في صيغته التاريخية. وتحدث المقال عن أنّ خصوم إسرائيل هم ايران وتركيا، وقطر التي أصبحت معزولة عن باقي العالم العربي. وجعل ضعفُ الأنظمة العربية الاتفاقَ الشامل مع إسرائيل مقبولا، فيما إسرائيل تحتفظ منذئذ بصمت مطبق؛ وفقا لمقالة صحيفة الحياة.
عباس الفلسطيني المفضل
وأوضح افيدار أنّ فتح والسلطة الفلسطينية هما جزء من المحور المصري – السعودي.
وقال إنّه في أثناء "الجرف الصامد" تردد عباس بين التنسيق السياسي مع حماس وبين المصريين والسعوديين. ولكنه حسم أخيرا أمره لصالح الحلف مع الأنظمة العربية المعتدلة.
وأكد أنّ عباس عاد ليتخذ خطا حازما ضد حماس، حيث استمر بعد الحرب بتسريب توبيخاته لخالد مشعل في قطر، متهما حماس بالأكاذيب بالنسبة لاختطاف الفتيان؛ بل حتى يهدد بحل حكومة الوحدة؛ بحسب افيدار.
واستدرك على حديثه السابق بالقول إنّ السعودية ومصر تعلمان بأن أبو مازن لا يمكنه أن يسيطر على غزة. ولكن من بين الخيارات على الطاولة، عباس هو الفلسطيني المفضل لديهما. كما أن المصريين يواصلون جهودهم للتأثير على حماس في غزة.
ونوه المحلل الإسرائيلي إلى أنّ "ما تريده مصر والسعودية حقا هو خطوة سياسية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية. ليس لديهما أوهام: هذه الخطوة لن تجعل الشرق الأوسط مستقرا. ولكن يمكنها أن تخلق أفقا محليا وتضعف حماس، قطر وتركيا؛ تغلق جبهة أخرى في مواجهة الإسلام المتطرف، وتوجه أساس الانتباه والجهد إلى سوريا، العراق وليبيا. هذه أهداف هامة لما يكفي لاستثمار الجهود فيها".
وشدد على أنّ التحديات الجديدة التي تواجه إسرائيل على الأبواب. والمطلوب هو خطوة متواضعة وذكية تتناسب والفرصة الحالية، على حد تعبير افيدار. مشيرا إلى أنّه لا توجد حلول سحرية، كما لا توجد خطوات أحادية الجانب تحل كل تحديات الساعة. العكس هو الصحيح، الانسحابات أحادية الجانب من لبنان ومن غزة خلقت فراغا امتلأ بمحافل الإرهاب.
وأكد على أهميّة أن تكون الخطوات التالية بعيدة المدى، وأن تتم بتنسيق وتوافق واسعين قدر الإمكان، بما في ذلك داخل الجمهور الإسرائيلي، وكذا مع الدول العربية المعتدلة.
وقال إنّ الأنظمة الهامة في العالم العربي ترى بانسجام مع رؤية إسرائيل خريطة التهديدات، وستكون أكثر إنصاتا للاضطرارات
الأمنية الإسرائيلية. فالسعوديون والمصريون يقرؤون الاستطلاعات التي تعلن بأن حماس ستنتصر على أبو مازن في أي انتخابات ديمقراطية ستحدث في الضفة الغربية.
وأضاف إن السعودية ومصر ستوافقان على طلب عباس تبني سياسة داخلية تساعد الفلسطينيين وليس فقط توجيه الاتهامات لإسرائيل. وبناء الاقتصاد الفلسطيني هو مصلحة حكم للسلطة، باستثناء أنه لا يمكنه أن يقوم على أساس الفساد.