رجل الأعمال
المصري له طابع خاص، فهو يعمل في ظل ظروف شديدة الخصوصية، تجعل منه شخصا قادرا على الربح، ولكنه في الوقت نفسه غير قادر على الابتكار أو التجديد.
كثير من هؤلاء لا يملك مقومات ومؤهلات النجاح، ولكنه يملك (العلاقات) بالطبقة الفاسدة الحاكمة التي تجعل منه ستارا يربحون من خلاله، وبالتالي يربح هو خلال أدائه لهذا الدور.
رجل الأعمال المصري (غالبا) يستنسخ مشاريع الآخرين، محليا، وإقليميا، ودوليا، لذلك تعودنا حين ينجح محل كشري أن يمتلئ الشارع كله بمحلات الكشري !
وكذلك تعودنا على أن نستنسخ، أول من استنسخ برنامج (من سيربح المليون؟) كان العرب، وأول من استنسخ (The Daily Show) كان العرب، ونحن أساتذة (الفرينشايز)، جميع الماركات العالمية في المقاهي والمطاعم والملابس ... الخ.
حتى أصبحنا أمة لا تستطيع أن تقوم بعمل (ساندويتش) دون إشراف من الخواجات، ودون أن تطبع على هذا المأكول أو المشروب طابع الخواجة، لكي يأكله الناس وهم مطمئنون.
مقاهينا تقدم القهوة الغربية فقط، مقاه عربية، في بلاد عربية، ثم تطلب فيها قهوة (ع الريحة)، فيقول لك الجرسون بملل (ما فيش)، لماذا؟ السبب الحقيقي لأن (الخواجة) لا يقدمها في بلاده.
غالبية
رجال الأعمال في مصر لا إبداع لديهم، الاستثناءات قليلة، تجدها عند هؤلاء الذين يستثمرون في الخارج.
النجاح خارج مصر هو مقياس (الاحتراف) في رجل الأعمال المصري.
رجال الأعمال في مصر يعملون في ظل ظروف شديدة الصعوبة، فقد كان المطلوب منهم أن يعملوا في ظل القانون المكتوب برغم تعنته وتحجره وتخلفه.
ثم أصبح مطلوبا منهم بعد انقلاب يوليو 1954 أن يعملوا في ظل قانون مكتوب، وآخر غير مكتوب.
واليوم أصبح المطلوب منهم أي يعملوا في ظل قانون مكتوب، وقانون غير مكتوب، مع دفع إتاوات مفاجئة، وغير منطقية، وغير مسببة، وعدم التعاون في هذا الأمر معناه بكل بساطة أن تفتح النيران على هذا المستثمر من كل اتجاه.
رجل الأعمال المصري (شأن سائر رجال الأعمال في العالم) انتهازي، ولكن قسوة المناخ في مصر تحول رجال الأعمال إلى كائنات شديدة الانتهازية.
البناء على الأرض الزراعية مثلا، يربح منه البعض مليارات، برغم أنه يهدد الأمة المصرية في وجودها.
الاعتداء على البيئة البحرية، والشعب المرجانية، أشياء لا تقدر بمال، ولكن رجال الأعمال في سيناء والبحر الأحمر يرتكبون هذه الموبقات بشكل شبه يومي دون أن يهتز لهم جفن !
يقول البارون روتشيلد (أحد النبلاء البريطانيين القرن الثامن عشر)، وعضو عائلة روتشيلد المصرفية (اليهودية) : "أفضل الأوقات لشراء العقارات حين تسيل الدماء في الشوارع" !
when there is blood on the streets buy property
أصبحت هذه الجملة (على حقارتها وانتهازيتها) آية مقدسة في سفر كل رجل أعمال في العالم كله، فتشترى العقارات في حالات الذعر، وبأسعار تحقق ربحا كبيرا لمن يصبر قليلا.
هل يفعل رجال الأعمال المصريون ذلك الآن؟
الحقيقة أن هناك حالة ذعر في الوسط، وجميع من أعرفهم يشكون مُرَّ الشكوى من إجراءات ظالمة، مطالبات ضريبية مفاجئة، ملفات من ضرائب المبيعات، محاضر سرقة تيار كهربائي، مطالبات بمستحقات على أراض وعقارات تم شراؤها منذ سنوات طوال، (تلاكيك) من سائر مؤسسات الدولة من أجل جباية المال بالحق وبالباطل.
دوائر رجال الأعمال كانت داعما رئيسيا لما حدث في الثالث من يوليو 2013، والغالبية الآن في (حيص بيص) !
رسالتي لكل رجال الأعمال أستطيع أن ألخصها في الآتي :
(لقد أخطأتم حين ظننتم أن دعمكم لانقلاب عسكري سوف يخدم أعمالكم، وأخطأتم كذلك حين ظننتم أن انتصار
ثورة يناير معناه إفلاسكم.
والحقيقة أن أي دولة تحت حكم عسكري ليست ملاذا آمنا لأي ثروة، وهي مكان خطر على أي استثمار، وهذا معروف عند كل من يعيش على ظهر هذا الكوكب.
أما عن ثورة يناير فتأكدوا أن تحيزها للفقراء، ولكنها في الوقت نفسه لا تعاديكم لذواتكم، وستسمح لكم بالعمل في إطار القانون، ولن تقيم الثورة إلا دولة قانون، ولن تكون دولة فساد، ولن تكون دولة فيها قانون مكتوب، وآخر "غير مكتوب"، فضلا عن أن تكون دولة جباية وإتاوات !
رسالتي لكم بكل بساطة ... لا تساهموا في تقوية الأوضاع الخاطئة، وساهموا في أسقاطها، وتأكدوا أن دولة القانون تحميكم، وتحمي استثماراتكم، إذا التزمت بالقانون).
موقع إلكتروني: www.arahman.net
بريد إلكتروني:
[email protected]