كتب سايمون هندرسون، زميل بيكر ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، معلقا على زيارة الشيخ صباح الخالد الحمد
الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية
الكويتي، للمسجد الأقصى قبل عشرة أيام تقريبا، أنها جزء من التغييرات التي فرضها صعود تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش".
وقال الباحث إن الزيارة التي تمت في 14 أيلول/ سبتمبر الحالي تنم عن بعض النوايا الدبلوماسية للكويت "ففي ظل الظروف الراهنة، يمكن أن تعكس الزيارة جهود البلاد لتعزيز سمعتها في محاولة الوساطة (على غرار محاولاتها الفاشلة حتى الآن للتوسط في المصالحة بين قطر والمملكة العربية السعودية)".
ويرى هندرسون أنه قد تفسر الزيارة على المستوى
الإسرائيلي بأنها محاولة من الكويت للانضمام إلى المعسكر السني - الذي يضم السعودية والإمارات العربية المتحدة والأردن - والذي يُعتقد أن لإسرائيل علاقات أمنية معه حتى في غياب علاقات دبلوماسية رسمية مع الرياض وأبو ظبي ضد "داعش".
وكانت صحيفة "جيزوزاليم بوست" علقت على الزيارة بالقول إنها تمت بالتنسيق مع إسرائيل، مع أن دعوات لم توجه لأي ممثل من الحكومة الإسرائيلية أو بلدية
القدس للقاء الشيخ الصباح.
كما نقلت الصحيفة عن مسؤول إسرائيلي لم تذكر اسمه قوله: "عندما يريد زعيم عربي الصلاة في المسجد الأقصى، سنسهل هذه العملية".
ويشير هندرسون إلى أن زيارة الشيخ الصباح الجانبية للقدس، والتي تمت على هامش زيارته لرام الله واجتماعه مع الرئيس محمود عباس، لم تثر جدلا لأن "الوزير الكويتي لم يقم بزيارة إسرائيل فعليا، بل زار فقط الأراضي المحتلة التي ضمتها إسرائيل إليها بعد حرب عام 1967".
وبالرغم من كل هذا، يرى الكاتب أن خطوة الشيخ الصباح جاءت في تناقض واضح مع المقاطعة العربية - الطويلة الأمد - لزيارة الحرم القدسي الشريف.
وقال الكاتب إن الموقف الرسمي الكويتي من القدس نابع من «إعلان الكويت»، الذي صدر في ختام مؤتمر القمة العربية الذي انعقد في مدينة الكويت في أيار/ مايو، حيث اتفقت جميع الدول المشاركة على "الرفض المطلق والقاطع للاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، ولاستمرار الاستيطان وتهويد القدس والاعتداء على مقدساتها الإسلامية والمسيحية وتغيير وضعها الديمغرافي والجغرافي".
وبعيدا عن جدل الزيارة يرى الكاتب أن زيارة الشيخ الصباح لرام الله مهمة "نظراً إلى عداء الكويت المستمر مع الفلسطينيين لوقوفهم إلى جانب الرئيس العراقي السابق صدام حسين عندما غزت العراق بلادهم عام 1990".
يذكر أن الرئيس عباس قد دعا القادة العرب في الماضي لزيارة الأماكن الدينية الإسلامية المقدسة في القدس، إلا أنه تم التنديد بتلك الخطوة - التي أثارت الجدل - كونها تدعو إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل. ومن هنا فإن "غياب الاستياء الشعبي على المستويات العليا في العالم العربي الأوسع من بادرة الشيخ الصباح يمثل أهمية كبيرة" بحسب هندرسون.
ولا يتجاوز عدد الزيارات المعروفة من قبل مسؤولين عرب بارزين إلى الحرم الشريف منذ عام 1967، عدد أصابع اليد الواحدة وهم: الرئيس المصري أنور السادات في عام 1977، ووزير الخارجية المصري عمرو موسى في عام 1994، ومفتي مصر وأمير أردني في عام 2012، كما أورد المقال.
ومنذ فترة غير بعيدة تعود لأيار/ مايو من هذا العام، رفض رئيس المخابرات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل علناً دعوة لزيارة القدس كونها تحت الاحتلال، على الرغم من أن نظيره الإسرائيلي السابق عاموس يادلين هو من قدّم الدعوة، عندما كان الأخير يناقش علناً مع الأمير القضايا الإقليمية، وبذلك تم نقض عرف دبلوماسي عربي آخر.