أشرف غني الذي نصب رسميا الاثنين رئيسا لأفغانستان، مفكرٌ طموح، يعرف بمزاجه الحاد وغضبه السريع ويصف نفسه بأنه "روح حرة" وعليه الآن أن يثبت قدرته على توحيد البلاد ومواجهة مختلف المشاكل التي تعاني منها.
يملك غني (65 عاما) خبرة واسعة في المجالين الاكاديمي والاقتصادي بعد أن غادر أفغانستان في 1977 ليعود إليها بعد 24 عاما ليحقق حلمه بإعادة بناء بلاده.
درس في جامعة كولومبيا في نيويورك، وعمل في مجال التدريس في الولايات المتحدة خلال الاحتلال السوفياتي لأفغانستان في ثمانينات القرن الماضي.
عمل في البنك الدولي من العام 1991 حيث أصبح خبيرا في صناعة الفحم الروسية، وعاد إلى كابول مستشارا خاصا كبيرا للأمم المتحدة بعيد الإطاحة بطالبان في 2001.
وفي الأيام التي تلت كان مهندسا رئيسيا للحكومة الانتقالية وأصبح وزيرا للمالية في ظل رئاسة حميد كرزاي من 2002 حتى 2004، وشن حملة ضارية على الفساد.
ويعرف غني بنشاطه وطاقته على العمل فقد قام بطرح عملة جديدة، ووضع نظام ضرائب، وشجع المغتربين الأفغان الأغنياء على العودة إلى وطنهم، وتقرب من المانحين في الوقت الذي كانت تخرج بلاده من عهد طالبان.
إلا أنه عرف بصفة لا تزال تلاحقه حتى الآن وهي سرعة الغضب.
وكتب أحمد راشد الذي عرف غني لمدة 25 عاما "لم يسمح غني لأي شخص كان بأن يقترب منه كثيرا. وكان مترفعا".
وأضاف "للأسف فإن نوبات غضبه ومزاجه الحاد وغطرسته مع الأفغان والغربيين تكررت وجعلت منه شخصية غير محبوبة".
لم يحقق غني نتائج جيدة في
انتخابات الرئاسة في 2009، كما أثار صدمة العديد من الأفغان هذه المرة باختياره الجنرال عبد الرشيد دوستم للترشح لمنصب نائب الرئيس، لأن زعيم الحرب الأوزبكي متهم بارتكاب العديد من انتهاكات حقوق الإنسان.
إلا أن غني حقق العديد من الانتصارات في حملته الانتخابية بفضل خطاباته النارية، كما حقق نتائج افضل من تلك التي توقعها العديدون في الجولة الأولى من الانتخابات حيث حصل على 31.6% من الأصوات مقابل 45% لخصمه عبدالله عبدالله.
وأظهرت النتائج الأولية لجولة الإعادة التي جرت في حزيران/ يونيو تفوقه بـ13 نقطة على عبدالله عبد الله، كما أكدت النتائج الرسمية التي أعلنت الأحد فوزه في الانتخابات، رغم عدم كشف أي أرقام.
ورغم المزاعم بحدوث عملية تزوير واسعة، إلا أن النتيجة تعتبر نصرا لغني الذي يقول أن تعامله بصبر مع مفاوضات تشكيل "حكومة وحدة وطنية" مع عبدالله أظهر أنه مؤهل لأن يكون الرئيس الموحد لأفغانستان.
وغني هو من الباشتون، مثل كرزاي، وبدأ مؤخرا باستخدام اسم قبيلته أحمدزاي لكي يؤكد على أصله، مع أنه يشدد على أهمية توحيد قبائل أفغانستان الأثنية المشتتة.
وكانت آخر مهامه الإشراف على نقل المسؤوليات الأمنية من قوة الحلف الأطلسي إلى القوات الأفغانية، وهو الدور الذي استغله ليتجول في جميع أنحاء البلاد ويزيد من تعريف الناس إليه.
وصرح غني لوكالة فرانس برس مؤخرا: "لن أعيش حياة معزولة في القصر الرئاسي".
وأضاف: "اعتزم أن أتنقل، كما فعلت أثناء دوري في نقل المهام الأمنية. لا يمكنني الجلوس في أماكن مغلقة". وتابع "يقولون لي إن شخصا أو آخر سيغتالني، ولكنني لا أزال أتنقل".
وغني متزوج من رولا التي التقاها أثناء دراسته الجامعية في الجامعة الأميركية في بيروت، وله منها ولدان. ويحافظ على روتين يومي ثابت بعد أن أصيب بسرطان المعدة الذي اضطر الأطباء إلى إزالة جزء من معدته، ما يجعله غير قادر على تناول وجبات كاملة ويكتفي بالوجبات الخفيفة.
ويقول البعض إن اقترابه من الموت أذكى تصميمه وعزمه الأكيدين، كما عزز قراره أن يتولى أكبر منصب في البلاد رغم كل شيء.
وصرح لوكالة فرانس برس أن الأمر الوحيد الذي سيندم عليه إذا حصل على الرئاسة هو أن عليه أن يعيش في قصر في وسط كابول بدلا من بيته الواقع على مشارف المدينة.
وأضاف: "اعتقد أنني سأتمكن من التسلل إلى منزلي .. والقانون يحتم علي العيش في القصر. لقد تأكدت من ذلك. وكان هذا أكثر شيء مؤسف اكتشفته".
وتابع: "حديقة منزلي بدأت تؤتي ثمارها من الفواكه والخضروات، وآمل في أن استمتع بها".
وعند تسلمه السلطة يرجح أن يعمل غني على إصلاح العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة، إلا أن أسلوبه العدائي قد يؤثر سلبا على علاقاته مع عبدالله والرئيس المنتهية ولايته حميد كرزاي.