مع تزايد تقدم تنظيم الدولة المعروف بـ "
داعش"، هناك ملامح عن دعم له في
لبنان. وفي تقرير نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" حول تزايد دعم سنة لبنان لـ "داعش" بزيادة غضبهم على الدولة، كما يقول ياروسلاف تروميفوف في تقرير أعده من مدينة
طرابلس، شمال لبنان.
وينقل التقرير ما يقوله الشيخ نبيل رحيم، الذي يعبر عن انزعاجه عند استماعه إلى ما يقوله أبناء الأحياء المحرومة والفقيرة في مدينة طرابلس، "يقولون إنهم بحاجة لتنظيم الدولة، والتنظيم قادم، ولكنهم لم يتحدثوا أبدا مع أي شخص من التنظيم" ويعتبر رحيم شيخا سلفيا مؤثرا وسجن أكثر من مرة.
ويقول إن الدعم تراجع للجماعات الإسلامية الأقل راديكالية "لأنها لم تحقق انتصارات كبيرة".
ويلاحظ التقرير أن الدعم في باب التبانة، الذي ينتشر فيه الدعم للإسلاميين، وتتعرض فيه نقطة التفتيش التابعة للجيش اللبناني لهجمات يومية. فقد تم رسم صورة ضخمة لعلم "داعش" على جدران بناء كبيرة في داخله. وينقل عن صاحب محل اسمه سام عمر، الذي قتل ابن عم زوجته في واحد من الهجمات على طرابلس "حدثت أشياء مخيفة في العراق وسوريا، والآن يحدث نفس الأمر في طرابلس".
ويرى الكاتب أنه رغم هذه المخاوف فلن تقع طرابلس تحت سيطرة "داعش" في وقت قريب. لكن "داعش" يمثل تهديدا كبيرا من داخل المجتمع في طرابلس. فحسب تقارير المخابرات اللبنانية وجد تنظيم "داعش" تربة خصبة بين السكان
السنة، ويقوم باستغلال نفس مشاعر الحرمان والعزلة التي عانى منها السنة في سوريا والعراق وأدت لصعوده السريع.
ويقول معين المرعبي، النائب في البرلمان اللبناني "هناك ظلم، هناك تهميش".
ويبين التقرير أن الحرب الأهلية اللبنانية المدمرة، التي استمرت 15عاما وانتهت عام 1990 باتفاق الطائف، الذي كان من المفترض أن يحسن من أوضاع السنة، ويقوي منصب رئيس الوزراء السني على حساب الرئيس المسيحي. لكن اغتيال رفيق الحريري، رئيس الوزراء اللبناني الأسبق عام 2005 حرّم السنة من قيادة معتدلة، جذابة، ودفع الكثير من السنة باتجاه البديل الإسلامي. وحمل الكثيرون سوريا وحلفاءها
الشيعة في لبنان مسؤولية اغتياله.
ويشير الكاتب إلى أنه منذ ذلك الوقت راقب السنة وبنوع من الفزع كيف سيطر حزب الله، الذي يحتفظ بجناح عسكري، على الدولة اللبنانية، خاصة بعد إظهار عضلاته ضد أحياء السنة في بيروت عام 2008.
ويجد التقرير أن مشاركة حزب الله في الحرب الأهلية السورية ودعمه للنظام ألهب مشاعر السنة في لبنان وأشعرهم بالظلم، خاصة أن الثورة السورية لديها مؤيدون كثر بين سنة لبنان.
ويعتقد تروميفوف أن تدخل حزب الله أدى لجلب الحرب إلى لبنان نفسه، حيث يقوم المقاتلون السوريون باستهداف الجيش اللبناني، الذي يتهمونه بالتعاطف مع حزب الله، خاصة في بلدة عرسال القريبة من الحدود السورية، ولا يزال المقاتلون مع جماعات مرتبطة بـ "داعش" وجبهة النصرة السورية يحتفظون بأسرى من الجيش اللبناني.
وتورد الصحيفة قول نهاد مشنوق، وزير الداخلية في حكومة الائتلاف "هناك مشكلة كبيرة، والوضع غير متوازن"، مضيفا "يشعر السنة أن حزب الله الذي يقاتل في سوريا وكأنه يقاتلهم، ويشعرون بأنهم ممنوعون من عمل هذا وذاك، وفي نفس الوقت يسمح لبقية الأحزاب مثل حزب الله عمل ما يريد".
ويذهب مشنوق إلى أن من يترجم مشاعر الإحباط هذه لدعم "داعش" "لا يزالون حتى الآن قلة"، ويؤكد للصحيفة "أؤكد حتى الآن، وهذا يعتمد على ما سيحصل في العراق ولاحقا في سوريا. نحن جزء من المنطقة ونحن الآن جزء من الحرب في سوريا والحرب في العراق".
ويذكر التقرير أنه من أجل منع انتشار العنف في طرابلس أقام الجيش اللبناني سلسلة من نقاط التفتيش وجدران عازلة لحماية عربات الهمفي المستخدمة، التي زودت الولايات المتحدة الجيش اللبناني بها وناقلات الجنود "أم-113". ويهدف الجيش بالتحديد لمراقبة ميليشيا عاملة في باب التبانة، يقودها شادي مولوي، في العشرينيات من عمره.
وكان مولوي، الذي سجن في حملة الاعتقالات، التي شنها الجيش اللبناني عام 2012، وأفرج عنه بعد سلسلة من التظاهرات، سيطر على مسجد في باب التبانة واتخذه قاعدة للسيطرة على المنطقة، بحسب التقرير.
وتشير "الغارديان" إلى أن محكمة لبنانية أصدرت حكما غيابيا بإعدام مولوي هذا الشهر؛ لاتهامه بالهجوم على القوات اللبنانية في آب/ أغسطس. وقد أخلى مولوي المسجد واختبأ، لكن المسؤولين يقولون إنه ورجال لا يزالون يسيطرون على المنطقة.
ويقول مسؤول أمني إن ميليشيا مولوي كانت في البداية عصابة حي، وأصبحت الآن لها روابط مع "داعش". وهو ما ينكره مولوي ونقلته عنه محطة تلفازية لبنانية. ويقول سكان باب التبانة إن الراغبين بالانضمام عرض عليهم مبلغ 1.500 دولار في الشهر، وفق تقرير الصحيفة.
وتنقل الصحيفة عن مدير غرفة تجارة طرابلس ولبنان الشمالي توفيق دبوشي، "في الوقت الذي لا يزال فيه عدد المسلحين قليلا، إلا أن الفقر يخلق الأجواء كي ينتعش السلاح". واتهم دبوشي الحكومة اللبنانية بإهمال المدينة "لا أحد في الحكومة يثق بالمدينة أو يعمل من أجل تطويرها".
ويلفت الجنرال علي كنسو من الجيش اللبناني إلى أن أراضي الدولة محاطة بالجبال، ولا مخرج لها على البحر، ولهذا تمنحها السيطرة على المدينة اللبنانية معبرا للبحر. ولن يحدث هذا لأن "داعش" لا يحظى بشعبية في لبنان. ويقول كنسو "أفكار (داعش) ليست مقبولة من أهالي طرابلس". مضيفا للصحيفة "أهلنا متعلمون، فمن يوافق على قطع رأس أو بيع امرأة كرقيق في القرن الحادي والعشرين؟".
ويعتقد الكاتب أنه محق في كلامه لحد ما، فرغم حنق السكان على الجيش اللبناني وتعاونه مع حزب الله، إلا أن هناك ترحيبا بوجوده. ويقول وليد الدناوي، عامل كهرباء بلا وظيفة "لو جاء (داعش) إلى هنا، لحملت السلاح وانضممت للجيش اللبناني".
ويختم تروميفوف تقريره بالإشارة إلى أن الدعم للجيش يعتمد على الكيفية التي يتجنب فيها الجيش والدولة اللبنانية الانجرار للحرب في سوريا. وفي حالة جاء حزب الله إلى طرابلس فبالتأكيد سيقف الناس مع "داعش" ضد حزب الله، كما يقول داعية إسلامي.