قال البرلماني
المغربي المعارض
حسن طارق، تعليقا عن الإصلاحات التي تخوضها الحكومة المغربية، "لا يمكن للبسطاء فقط، والذين أدوا فاتورة الفساد، أن يؤدوا اليوم فاتورة الإصلاح".
واعتبر أستاذ العلوم السياسية، في حواره مع "عربي21"، أن المغرب وبشكل عام، يعيش فشلا في كسب رهان دستور 2011، أغلبية ومعارضة، نخبا وأحزابا سياسية، ما جعل النخب حسب تعبير مُحاورنا، تضيّع فرصة من فرص الانتقال الديمقراطي، مسجلا أن النقاش العمومي في مغرب اليوم "يعيش إحدى أسوأ أيامه".
وفي إطار النقد الذاتي، قال عضو لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب عن الفريق الاشتراكي، "إن تحويل المعارضة إلى منصة لإطلاق الصواريخ الكلامية وتبادل البوليميك مع الحكومة، لا يفيد لا البلاد ولا الديمقراطية ولا التناوب".
وأضاف القيادي في حزب
الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن هناك من يريد أن يحصر دور المعارضة في المعارضة المنهجية والآلية للحكومة، وهناك من يريدها أن تتحول إلى ما يشبه جيوبا لمقاومة الإصلاح، معبرا عن انتصاره لفكرة "أن الوجود في المعارضة هو وجود يجب أن ندعم من خلاله التجربة الديمقراطية".
في هذه المقابلة يعلق حسن طارق عن مشروع قانون مالية 2015، وعن تصدعات أحزاب من المعارضة كما يدلي بدلوه في موضوع إصلاح المنظومات الوشيكة على الإفلاس.
وفيما يلي نص المقابلة:
على خلفية الخطاب الملكي الأخير في افتتاح الدورة البرلمانية الحالية، وتقديم مشروع مالية 2015 ومدى جاهزية النخبة السياسية، ما هي قراءتك الإجمالية للظرفية السياسية التي يعيشها المغرب؟
المغرب لحد الآن، وبشكل عام، يعيش فشلا في كسب رهان دستور 2011، أغلبية ومعارضة، نخبا وأحزابا سياسية، ولا يبدو أن انتظار المغاربة لما بعد 2011 قد حققت حتى في حدها الأدنى، والقفزة السياسية التي حققها هذا الدستور لا تجد امتداداتها على مستوى عمل المؤسسات وعلى مستوى تمثل النخبة لدورها في قيادة عملية التحول الديمقراطي، لذلك فجزء من النقد الذي وجهته الكلمات القوية التي جاءت في الخطاب الملكي الأخير، يحمل هذا النفس النقدي تجاه الخطاب السياسي، ومن ورائه طبعا تجاه مدى قدرة النخب والأحزاب السياسية على تطوير الأداء السياسي وترقيته، في أفق الاستحقاقات الانتخابية القادمة.
كيف يمكن تتبعُ هذا الفشل الذي تحدثتم عنه، ومن يتحمل مسؤوليته؟
المسؤولية هي بالتأكيد جماعية، والشباب الذي خرج إلى الشارع في 20 شباط/ فبراير 2011 خرج من أجل القطع مع الاستبداد، ومن أجل محاربة الفساد، والوثيقة الدستورية لسنة 2011 جاءت لتدخل المغرب في مرحلة سياسية جديدة، هل هذه النخب في الأغلبية وفي المعارضة كانت في مستوى هذا النص؟ لا يبدو الأمر كذلك. فعلى مستوى الأغلبية ومعها الحكومة تابعنا مسلسلا من التنازلات الإرادية عن الصلاحيات الموجودة في الدستور، وتابعنا إعلانا لأولوية التطبيع وكسب الثقة مع الدولة، بدل مواجهة الملفات الكبرى التي شكلت جوهرا للتعاقد الانتخابي في تشرين الثاني/ نونبر 2011، وسجلنا بمناسبة النسخة الثانية من الحكومة عودة للتكنوقراط، بمعنى العودة لمنطق اللامسؤولية، وتجاوزا للوثيقة الدستورية التي جاءت من أجل توسيع فكرة المسؤولية السياسية، وفكرة الحكومة المنتخبة، وحكومة الأحزاب، والحكومة السياسية، وفكرة ربط صناديق الاقتراع بالقرار العمومي، وفكرة ربط المسؤولية بالمحاسبة.
ماذا يعني هذا من الناحية السياسية؟
من الناحية السياسية هذا يعني تراجعا طبعا، فمع الصلاحيات التي أعطيت للحكومة والتي أعطيت للبرلمان، كان من المنتظر أن ندخل في مرحلة جديدة من التدافع والصراع المبني على البرامج والاختيارات والسياسات العمومية، ومع الأسف فإن الخطاب السياسي في العديد من تمظهراته لا يتمثل هذا الدور الذي أعطي للأحزاب، وسجلنا انحدارا كبيرا في أداء الكثير من الفاعلين، وتابعنا كيف أصبح النقاش العمومي يعيش إحدى أسوأ أيامه، وتابعنا كيف عوض القذف والسب النقاش حول الأفكار والبرامج والمقترحات، وتابعنا في العموم كيف أن النخبة تضيع هذه الفرصة من فرص التحول الديمقراطي.
هذا في ما يتعلق بالحكومة؟
هذا الكلام لا يعني الحكومة وحدها، وبالنسبة للمعارضة، -وفي إطار النقد الذاتي- فإن هناك حصرا لدور المعارضة في المعارضة المنهجية والآلية للحكومة، وهناك من يريد للمعارضة أن تتحول إلى ما يشبه جيوبا لمقاومة الإصلاح، وهناك من يفكر في معارضة الحكومة دون النظر في مدى تنزيل وتطبيق الوثيقة الدستورية، وكمثال على ذلك، في مناقشة الحصيلة المرحلية للحكومة، تابعنا بعض زعماء المعارضة يتدخلون، وفي كل التدخلات لم تكن هناك أي إشارة إلى التراجعات التي عرفتها النسخة الثانية من الحكومة، بإدخال وزراء سيادة ووزراء لا منتمين، ولم يكن هناك أي أحد قد توقف عند هذه النقطة، بمعنى أن الحكومة قامت بتحجيم صلاحياتها واختصاصاتها، والمعارضة تريد أن تحجم كذلك من دورها. المعارضة أيضا تمتنع عن تقديم بدائل، وتعتبر أنه لا يمكن أن نقدم أفكارا.