لم يكتفِ النظام في
مصر بملاحقة النشطاء والمعارضين على الأرض ليعلن بدء ملاحقتهم في الفضاء الرقمي، بملاحقة أصحاب صفحات التواصل الاجتماعي "
فيسبوك" و"تويتر".
يقول المحامي الحقوقي السابق في مؤسسة حرية الفكر والتعبير أحمد عزت لـ"عربي21": "أصبح النشاط الرقمي خطرا على المستخدمين بحيث يمكن استخدامه كدليل اتهام ضدهم، وكلها اتهامات فضفاضة، هدفها كبت حرية التعبير"، مشيرا إلى وجود عدد من النشطاء يدفعون سنوات من أعمارهم خلف القضبان بسبب "تويتة" أو "بوست"".
وأضاف: "ترى الدولة أن
مواقع التواصل الاجتماعي مصدر تهديد لروايتها الرسمية، وذلك بعد سيطرتها على وسائل الإعلام المختلفة، فيما تسرد منصات التواصل الاجتماعي روايات أخرى مغايرة تفند فيه ما تدعيه الدولة".
وأكد عزت أن الدولة تحولت من فكرة الملاحقات إلى السعي بجدية لفرض رقابة شاملة تشمل جميع المستخدمين وليست الصفحات التي تحرض على العنف بحسب روايتها من خلال مشروع منظومة قياس الرأي العام (مراقبة فيسبوك وتويتر)، مشيرا إلى أن قطاع المعلومات والتوثيق في وزارة الداخلية يقوم باختراق الحسابات الشخصية في انتهاك للدستور والمواثيق الدولية التي تنص على حق كل شخص في تلقي وإرسال المعلومة بأي شكل.
النظام.. والجري وراء السراب
بدوره، وصف الأمين العام لحركة "صحفيون ضد الانقلاب" أحمد عبدالجواد ملاحقة أصحاب صفحات التواصل الاجتماعي بالجري وراء السراب، وقال لـ"عربي21": "الأمر يأتي في سياق سياسة تكميم الأفواه عقب إغلاق جميع القنوات الفضائية والصحف والمواقع الإلكترونية المناهضة لسياساتهم القمعية، وفي ذلك إشارة إلى ضعف موقف النظام الذي جيش كل الصحف والإعلام العام والخاص لصالحه".
وأضاف عبد الجواد: "لقد فقدت جميع وسائل الإعلام في مصر مصداقيتها؛ بسبب الخطاب الممجوج بتكرار الكلام وتصديع رؤوس الناس بالسيمفونيات الرتيبة وخسرت نحو نصف شعبيتها وقرائها في الشارع".
في المقابل يرى عميد كلية الإعلام بجامعة فاروس بالإسكندرية الدكتور فوزي عبدالغني أن ما يحدث ضرورة أمنية، وقال لـ"عربي21": "الحرص على الوطن أهم من كافة الأصوات الداعية لحرية الرأي والتعبير؛ فنحن في حالة حرب وبحاجة إلى متابعة ما يروج على تلك الصفحات المشبوهة لمواجهتها".
وأضاف فوزي: "لقد أثبتت الدراسات بشكل قاطع أن مواقع التواصل الاجتماعي تروج للإشاعات وتعتمد على معلومات مغلوطة وغير دقيقة، وهو ما يمثل خطرا على الصحة الفكرية للناس".
النظام يقتل في صمت ويعتقل بصمت
النشطاء بدورهم رفضوا الاتهامات لهم بإثارة التحريض على صفحاتهم الشخصية، وقال القيادي بحركة "الاشتراكيين الثوريين" هيثم محمدين لـ"عربي21": "ما يحدث جزء من تضييق مساحات الحرية، ومصادرة للرأي، ولن تجدي كل السياسات القمعية في حجب سماء المعلومات الرقمية، وبمقدور الكثيرين مواجهة ملاحقات الداخلية والإفلات منها كما نجحوا في ذلك على الأرض".
وشدد النشطاء على استمرارهم في الكتابة على صفحاتهم بما يرونه ويعتقدون بصحته أيا كانت التبعات، ولن يخيفهم استطالة ظل ذلك البعبع الشرطي لإنه مجرد ظل أكبر من الواقع.
من جهته قال الناطق الرسمي باسم حركة "طلاب ضد الانقلاب" أحمد ناصف في حديث لـ"عربي21": "ما يحدث هو محاولة ترهيب الطلاب والنشطاء والثوار ولن يجدي نفعا؛ بسبب إصرارنا على المضي قدما في مقاومة كل محاولات الإرهاب الفكري الذي يمارسه النظام الذي يعتبر حرية الرأي تهمة يحاسب عليها صاحبها".
وأشار ناصف إلى أن "النظام يخاف من كل شيء يظهرهم على حقيقتهم في الداخل والخارج، بعدما فشلت جميع وسائل الإعلام في إقناع الأخر بكذبهم؛ فهم يريدون أن يقتلوا في صمت، ويعتقلوا في صمت وهذا مستحيل في ظل تعدد وسائل التواصل، فهناك وسائل كثيرة للتغلب على تلك التطبيقات التي يسعى النظام لفرضها".
جهات سيادية تقوم بمراقبة حسابات المسؤولين
واعتبر الائتلاف الثوري للحركات المهنية "حراك" موقف الداخلية من مواقع التواصل الاجتماعي بالمخزي والمشين، وقال منسق العام د. هاني جابر لـ"عربي21": "النظام يتخوف من انطلاق ثورة جديدة يتم الدعوة إليها والتنسيق لها من خلال صفحات "الفيسبوك" و"تويتر"، بسبب تردي الوضع الاقتصادي، وسياسة القمع والكبت، وممارسة العنف، واستغلال السلطات".
وكشف الائتلاف أن لديه معلومات تفيد بأن جهات سيادية تقوم بمراقبة حسابات مواقع التواصل الاجتماعي الخاصة بجميع المسؤولين وتصدر إليهم تحذيرات بضرورة حذف هذا المحتوى أو ذاك الصديق أو تلك الصورة.
واتفق النشطاء في نهاية المطاف على شيء واحد أنهم مستمرون في إدارة صفحاتهم، ولن ترهبهم محاولات النظام القمعية، وسيواصلون كشف الحقائق للجمهور، بدورها تعهدت الداخلية بإنها لن تألوَ جهدا في تتبع الصفحات المحرضة ضد الجيش والشرطة والمتسببة في العديد من عمليات التخريب في الشوارع والجامعات والقبض على من يديرونها لصالح جماعات معينة.