لاقى قرار الرئيس
اليمني عبد ربه منصور هادي بتشكيل
الحكومة الجديدة، معارضة شديدة من حزب
صالح، وجماعة "أنصار الله"
الحوثيين، بسبب مخالفة التشكيل الحكومي لاتفاق "السلم والشراكة الوطنية" الذي يرتكز على معايير الكفاءة والنزاهة، بحسب بياناتهم الصادرة بهذا الشأن.
في غضون ذلك، أعلنت جماعة "أنصار الله" الحوثيين، اعتراضها على التشكيل الوزاري لحكومة الكفاءات الوطنية، الذي أقره مساء الجمعة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي والمكون من 35 حقيبة وزارية.
وقال المجلس السياسي للجماعة في بيان وصل "عربي 21" نسخة منه، إن "التشكيل الحكومي الجديد"،جاء مخيباً للآمال كونه لم يلتزم بالمعايير المتفق عليها في اتفاق "السلم والشراكة الوطنية"، وكذا اتفاق مستشاري الرئيس هادي بهذا الشأن.
وأكد الحوثيون على أن "تشكيلة الحكومة الجديدة اشتملت على عدد من الأسماء التي لا تنطبق عليها المعايير المتفق عليها، خصوصا وأنها متورطة في "ملفات فساد" لدى الأجهزة الرقابية في البلاد.
واعتبر البيان أن قرار الرئيس اليمني، يمثل تحدياً واضحا لمسار العملية السياسية لحساب مصالح خاصة وضيقة، يعكس عدم الجدية في تنفيذ استحقاقات المرحلة الحساسة التي تمر بها اليمن.
وطالب بيان الحوثيين بتعديل التشكيل الحكومي الجديد، وإزاحة من لم تنطبق عليه المعايير المنصوص عليها، وفي مقدمة تلك المعايير "الكفاءة والنزاهة والحياد" في إدارة شؤون البلاد، وكذلك المتورطين في "ملفات فساد" بحسب البيان.
واعتبر بيان الحوثي السياسي، أن قرار مجلس الأمن الأخير بفرض عقوبات على زعيمهم "عبد الملك الحوثي"، والقائد الميداني للجماعة "أبو علي الحاكم" الذي وصفهم البيان بأنهم "مواطنون يمنيون" يمثل استفزازا صارخا لمشاعر اليمنيين، وتدخلاً سافراً في شؤونهم الداخلية، بهدف تأزيم الأوضاع وعرقلة العملية السياسية، وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة الوطنية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
وأشار بيان الحوثيين إلى أن "قرار مجلس الأمن، أتى على خلفية الهزائم والضربات الكبيرة التي تعرض لها "تنظيم القاعدة" في أكثر من منطقة بالبلاد من قبل الحوثيين، خلال الأسابيع الماضية، ما يُجسّد حالة الانزعاج الشديد لدى الإدارة الأمريكية وحلفائها من هذه الإنجازات" على حد وصف البيان.
وبموجب اتفاق تفويض الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، الذي تم التوقيع عليه من قبل جميع المكونات السياسية، ومنهم جماعة الحوثي، في مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، لا يحق لأي مكون الطعن في الصيغة الوزارية التي سيتم إقرارها من قبل الرئيس هادي، ورئيس حكومته خالد بحاح.
تشكيلة الحكومة الجديدة مستفزة للقوى السياسية
وتعليقاً على هذا الموضوع، قال رئيس تحرير صحيفة "اليمن اليوم" التابعة لحزب المؤتمر الشعبي العام عبدالله الحضرمي إن "تشكيلة الحكومة كانت مفاجئة، أريد بها استفزاز القوى السياسية، وإيجاد مشكلة جديدة، بهدف خلط الأوراق، التي تزامنت مع قرار العقوبات الدولية ضد مواطنين يمنيين".
وأضاف في حديث خاص لــ"عربي 21" أن "ميلاد الحكومة، جاءت رديفا للعقوبات الدولية التي فرضها مجلس الأمن، ضد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، وقائدهم الميداني أبو علي الحاكم، فضلاً عن كونها تجاوزت المعايير المتفق عليها في اتفاق "السلم والشراكة"، واتفاق التفويض الأخير للرئيس هادي، اللذين نصا على مراعاة معايير "الكفاءات والنزاهة" لوزراء الحكومة التي تم إعلانها، مساء الجمعة "، منوها إلى أن الرئيس هادي شكل الحكومة بهدف
الاعتراض عليها، لتبقى المشكلة قائمة في البلاد".
ولفت الحضرمي إلى أن "هناك وزراء ثبت فشلهم في حكومة باسندوة، ومع ذلك أعيدوا مرة أخرى في التشكيلة الحالية، بينما تم اختيار شخصيات غير مستقلة ومحسوبة على أحزاب معينة"، فمثلاً "كان نصيب حزب الإصلاح (إخوان اليمن) ست وزارات، لم يُسمّها، وثلاثة أخرى لشخصيات موالية لها "، على حد تعبيره.
معظم وزراء حكومة اليمن الجديدة مستقلون
وبخلاف ما طرحه الحضرمي، يؤكد القيادي في حزب الإصلاح متعب بازياد أن" تشكيلة الحكومة الجديدة ،جيدة جداً، ولأول مرة يحدث في اليمن ،أن يقوم رئيس الوزراء باختيار وزراء حكومته ".
وقال لــ"عربي 21" إن "الحكومة الجديدة، اشتملت على مجموعة من المهنيين والمحترفين، ومعظمهم مستقلون من العمل السياسي، وأمل اليمنيون في هذه "الكفاءات الوطنية" كبير"، منوها إلى أن "هناك 28 وزيرا جديدا شاركوا لأول مرة في الحكومة من مجموع الوزارات المُشكلّة والبالغة عددها 35 وزارة".
ورأى بازياد أن "التهم الموجه ضد بعض شخصيات حكومة اليمن الجديدة، تبقى مجرد تهم بلا أدلة، معتبرا أن "تحريك ورقة الفساد في هذه اللحظة تحديدا، يأتي ضمن محاولات إفشال الحكومة، التي يعول عليها تفعيل أجهزة الرقابة، المتخمة بملفات الفساد" بحسب وصفه.
وكان حزب صالح قد أعلن مساء السبت رفضه للمشاركة في الحكومة اليمنية الجديدة بحجة تجاهله، داعياً وزراء المؤتمر بالاعتذار عن أي مقعد منح لهم في الحكومة.
تواجد كثيف للتيار العلماني في الحكومة
وفي السياق ذاته، يرى الكاتب والمحلل السياسي عباس الضالعي أن "الحديث عن الحكومة الجديدة، لم يعد ذا جدوى، بسبب الانسحابات الفردية لبعض الوزراء، وقرار حزب صالح عدم المشاركة فيها، بالإضافة إلى موقف جماعة الحوثي الرافض لبعض الشخصيات التي تضمنها التشكيل الحكومي الجديد".
وأوضح في حديث خاص لــ"عربي 21" أن "تشكيلة الحكومة اليمنية غابت عنها معايير الكفاءات، وظهر عليها طابع الولاء للرئيس هادي، بالإضافة إلى تواجد كثيف للتيار العلماني بشكل واضح، ما يعكس حجم التأثير لمبعوث الأمم المتحدة لليمن جمال بنعمر، وبعض سفراء الدول العشر الراعية لمرحلة الانتقال السياسي في البلاد "، على حد تعبيره.
وأشار الضالعي إلى أن "حجم مقاعد الحكومة كان كبيرا ويشكل وباءً جديدا وهمّا إضافيا، نتيجة التضخم الذي ظهر عليها، الذي شكّل صدمة لدى الشارع اليمني الذي كان ينتظر تقليص عدد الحقائب الوزارية إلى النصف، ليفاجأ اليمنيون بوزراء دون وزارات، مستدلاً بمنصب (وزير الدولة عضو مجلس الوزراء) لعدد من الشخصيات التي تم اختيارها ضمن التشكيلة الجديدة للحكومة اليمنية".
بنعمر يؤكد أن الرئيس اليمني التزم بتشكيل حكومة كفاءات
في سياق متصل، قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لليمن جمال بنعمر السبت إن "تشكيل الحكومة الجديدة مثل خطوة مفصلية باتجاه تنفيذ اتفاق "السلم والشراكة الوطنية "، معبرا عن ثنائه للرئيس هادي ورئيس حكومته خالد بحاح بالتزامهما بتشكيل حكومة الكفاءات، خلال أسبوع من اتفاق الأطراف السياسية بهذا الشأن في 1 تشرين الأول/ نوفمبر الجاري.
وحث بنعمر في بيان اختتم به زيارته لليمن القوى السياسية على الإيفاء بالتزاماتهم بتقديم كافة أشكال الدعم الضروري لمساعدة حكومة "السلم والشراكة الوطنية" على تنفيذ المهام المناطة بها، لاستكمال استحقاقات المرحلة في سبيل تنفيذ مخرجات الحوار الوطني وصولا إلى التحضير للاستفتاء على الدستور الجديد والانتخابات المقبلة".
وأكد المبعوث الأممي أنّ "التحديات التي تواجه اليمن ما تزال قائمة، وتقتضي من كل اليمنيين التعامل معها بروح وطنية من أجل تغليب المصلحة العليا لليمن، منوها إلى أن "الأمم المتحدة ستواصل دعمها الدؤوب لليمن في مسيرته الانتقالية".
ومن المتوقع أن تؤدي الحكومة الجديدة، التي أقرها الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي برئاسة وزير النفط الأسبق وسفير اليمن السابق لدى الأمم المتحدة خالد بحاح، اليمين الدستورية، صباح الأحد، في ظل اعتراض حوثي، ورفض حزب صالح المشاركة فيها.