تواجه منظمات
حقوق الإنسان في
مصر خطر الملاحقة والقمع بعد نهاية الموعد الذي ينتهي اليوم للتسجيل، بناء على قانون يعود لعهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، وتقول منظمات حقوق الإنسان إنه يهدد
الحريات المدنية. ويعني عدم التسجيل ووضع المنظمة أو المنظمات تحت رقابة الدولة الغرامة وإمكانية السجن.
وبحسب صحيفة "فايننشال تايمز" تخشى منظمات حقوق الإنسان المحلية من
انتهاكات وتمييز، وغير ذلك من الممارسات القمعية، التي قد تؤدي إلى شل عملها بناء على القانون الذي يمنح الحكومة الصلاحية لمراقبة عمليات جمع الأموال لنشاطاتها، وما تقوم به من أعمال.
ويشير التقرير إلى اعتماد عدد من المنظمات على التمويل الأجنبي من الحكومات الغربية والمتبرعين لمواصلة عملها، ولكن عندما تسجل في قوائم الحكومة فهي مطالبة بالحصول على ترخيص منها في كل حالة حصلت فيها على تبرعات من الخارج.
وتقول الصحيفة إن طلب الحكومة من المنظمات الحقوقية، التي تعمل كمؤسسات أو شركات محاماة، التسجيل، بناء على قانون الجمعيات القانونية والمؤسسات الصادر عام 2002، ينظر إليه كإشارة أخرى للتراجع السريع للمساحة الممنوحة للمعارضة منذ الانقلاب، الذي قام به الجيش ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي، والانتخابات التي تبعت ذلك وجلبت قائد الجيش عبدالفتاح
السيسي.
وتضيف أن المنظمات المحلية والدولية تشكو من الانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان، في وقت تواصل فيه السلطات عمليات القمع ضد مؤيدي الإخوان المسلمين، الجماعة التي صنفت الآن منظمة إرهابية. وبالإضافة للآلاف من الإسلاميين السجناء تم سجن أعداد من الناشطين العلمانيين ممن تحدوا السلطات وتظاهروا رغم القانون الذي يحظر التظاهر.
وتنقل الصحيفة عن خالد منصور، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي مؤسسة بحث تدافع عن حقوق الإنسان "لا يمكنك قبول القانون الذي يحول المنظمات غير الحكومية إلى تابع لواحدة من الوزارات؛ لأن هذا يعني إغلاق المجتمع المدني، ويعني قيام موظف بيروقراطي بطرد أو الاعتراض على بحث حول التعذيب".
ويلفت التقرير إلى أن الضغوط تأتي وسط هجوم على منظمات وجماعات حقوق الإنسان في الإعلام الرسمي والخاص في مصر، حيث يتم وصف ناشطي حقوق الإنسان في معظم الأحيان "بالطابور الخامس"، وعدم الولاء للمصريين، والذين يتلقون تمويلا أجنبيا لإضعاف الدولة والدفاع عن المتطرفين، بما في ذلك الهجوم على الجنوب في شبه جزيرة سيناء الشهر الماضي، والذي قتل فيه 31 جنديا.
وينفي خالد سلطان، المسؤول عن الجمعيات في وزارة التضامن الاجتماعي الاتهامات من أن الحكومة تحاول إغلاق المجتمع المدني "هناك 45.000 جمعية مسجلة بموجب قانون عام 2002، وليس صحيحا القول إننا نقوم بالحد من المساحة المتوفرة للمجتمع المدني فقط لأنه طلب من 100 جماعة التسجيل بموجب القانون".
ويضيف للصحيفة إن أي جماعة تفشل بالتسجيل "سيتم الاتصال بها بعد مرور الموعد المحدد، والتحاور معها، وتحديد حقوقها وواجباتها، ولن يكون هناك ضغط".
ويبين التقرير أن منظمات المجتمع المدني عبّرت عن قلقها من قرار الحكومة الشهر الماضي تعديل البند 78 من القانون الجنائي، حول تلقي التمويل الأجنبي، والذي سيتم بموجبه الحكم بالسجن مدى الحياة وغرامة ضخمة لكل شخص يتلقى دعما ماليا من الخارج لارتكاب جرائم، بما فيها ما صيغ بعبارات غامضة "تهديد السلم العام".
وتذكر الصحيفة أن عددا من المدافعين والناشطين في مجال حقوق الإنسان اضطروا للهجرة من البلاد؛ خشية الاعتقال. ويقول منصور "لو أضفت حالة عدم الوضوح إلى حملة التشويه، فالدولة تخلق جوا من الخوف في وقت لا نريد فيه التركيز على أنفسنا، ولكن على انتهاكات الحقوق في البلاد".
وتعلق "فايننشال تايمز" بأن الذكريات لا تزال حية بعد ثلاثة أعوام من مداهمة المكاتب المحلية للمنظمات الأميركية الداعمة للديمقراطية والمرتبطة بالكونغرس الأميركي، وهو ما قاد باتهام 16 أميركيا وعدد من المصريين العاملين معهم بتهم استخدام التمويل الأجنبي لإثارة الفوضى في البلاد. وفي الوقت الذي رحل فيه الأجانب من البلاد بعد أن دفعت الولايات المتحدة كفالة الإفراج عنهم، تلقى المصريون أحكاما قيد التنفيذ.
وتختم الصحيفة بالإشارة إلى أن هناك عددا من ناشطي حقوق الإنسان يرفضون الإجراءات الجديدة، فبحسب المحامي نجاد البرعي الناشط في مجال حقوق الإنسان، والعامل في الجماعة المتحدة، وهي جماعة حقوقية "أتوقع دخول السجن، ولكن إن كان هذا هو الثمن الذي سأدفعه للدفاع عن المبادئ والآخرين، فأعتقد أنه ثمن يستحق الدفع".