تواجه
الجزائر ظاهرة
عنف من نوع جديد، أنتجتها إجراءات ترحيل سكان الصفيح إلى مساكن جديدة بتجمعات سكنية مختلطة، وهي العملية التي بدأت منذ الأول من شهر تشرين أول/ يناير من العام الجاري 2014.
الشارع في الجزائر، وخاصة بعاصمة البلاد، لم يعد حاضنا، فقط، لتجمعات المعارضة التي تنظم من حين لأخر مظاهرات ضد قرار منع المسيرات، ولكنه أضحى مرتعا لظاهرة عنف من نوع جديد أبطالها شباب الأحياء.
فقد رافق عمليات
ترحيل سكان الصفيح إلى مساكن جديدة، الذي أقره رئيس البلاد، عبد العزيز بوتفليقة، حروب شوارع حقيقية بين المنتسيبن لأحياء مختلفة، جرى بموجب عمليات الترحيل، إسكانهم في تجمعات واحدة، حيث تختلف العادات و التقاليد بالنسبة لكل حي.
وتواجه الحكومة الجزائرية، معضلة حقيقية بسبب الشجارات التي تشن بين شباب الأحياء المختلفة، والتي عادة ما تنتهي بجرائم قتل في "معارك" بالسيوف والخناجر ومحارق "المولوتوف".
لا رادع عقابي
ويعزو أستاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر عبد الحميد تغريت، إلى سبيين أولهما غياب الرادع العقابي؛ ففي الوقت الذي تهتم فيه الحكومة بشراء السلم الاجتماعي، لا تقوم بمعالجة العنف معالجة جدية وجذرية".
أما السبب الآخر، فهو بحسب تغريت يتعلق برواسب العنف الذي تتركها التنظيمات المسلحة في الوطن العربي، مثل داعش والقاعدة، عند الشباب.
وصار الآلاف من الشباب بالجزائر، يتناقلون مشاهد العنف التي تحدث بأحيائهم، بين فريقين من شباب الأحياء الذين نقلوا إلى تجمعات سكنية جديدة واختلطوا ببعضهم بعد عقود من عيشهم لوحدهم.
ويرى تغريت أن الظاهرة استفحلت بقوة في ظل "غياب دور الأسرة و المدرسة والمسجد و الجمعيات المدنية التي ترشد الشباب"، وتابع" للأسف، فإن مواقع التواصل الاجتماعي غالبا ما كانت سببا في تغذية العنف وسط الشباب بسبب صور المعارك التي تنشر على موقع اليوتوب مثلا".
ومدن الصفيح هي المناطق السكانية العشوائية التي بنيت من مواد خام، صفيح أو خشب أو بلاستيك، وتعود إلى العهد الاستعماري، ويعاني قاطنوها ضنك العيش بسبب عدم ملائمة ظروف الحياة.
المسكن نعمة تحول لنقمة
ويقول تغريت إن "الترحيل إلى المساكن الجديدة، نعمة تحولت لدى الحكومة إلى نقمة، فهناك تجمعات كبرى تضم أكثر من ثلاثة آلاف عائلة، تحولت من مساكن إلى مراقد، لا تحتوي على وسائل الترفيه والتثقيف أو فضاءات لممارسة الرياضة، فلا يجد الشاب ما يفعله سوى الإنحدار إلى العنف".
وحسب دراسة قامت بها "المديرية العامة للأمن الوطني" بالجزائر، فإن المعارك بين شباب الأحياء" غالبا ما تكون خلفيتها، صراع حول الزعامة، أي من يتزعم الحي الجديد، من هؤلاء الذين يرحلون إليه قادمين من أحياء صفيح.
كما يكفي الأمر معاكسة فتاة من هذا الحي أو ذاك، أو إزعاج بسيط لأحد الجيران، لأن يتحول الخلاف الثنائي إلى معركة بين قبيلتين، باستعمال السيوف والخناجر ومختلف الأسلحة البيضاء، بينما غالبا ما لا تتمكن الشرطة من فض المعارك.
وقال أيمن السعيد، وهو شاب جامعي من سكان الصفيح لـ"عربي21"، إن "غياب وسائل الترفيه ونقص التوعية واللاعقاب أسباب فاعلة في تنامي العنف وسط شباب الأحياء".
وأفاد زميله حسين معلم، إن "الظاهرة قد تتطور بسرعة إن لم تجد لها حلا، ما يحدث غير معقول".
وتسببت المعارك بين شباب الأحياء في مقتل 11 شخصا خلال الربع الأول من العام الجاري، كما أن لدى المحاكم أكثر من 35 ألف قضية تخص القتل و السب و الشتم و التهديد و الإخلال بالأمن العام، أغلبها تتعلق ب"حروب الشوارع".