اتهم المرجع الشيعي محمد
الصرخي المؤسسة الدينية (المرجعية) في النجف، بتقديم تبرعات مالية ضخمة لمؤسسات خيرية خارجية، في الوقت الذي تغض النظر عن معاناة
النازحين العراقيين الذين قال: إنهم أصبحوا "مادة للصفقات الرابحة التي يعقدها السياسيون الفاسدون".
وقال المرجع الصرخي في خطبة الجمعة التي يلقيها نيابة عنه في مدينة الديوانية (جنوب العراق) الشيخ عايد الحسني: "إن التحرك لإغاثة النازحين لم يحظ بدعم المؤسسة الأهم في العراق، وهي المؤسسة الدينية التي غضت الطرف عن معاناة النازحين، بل إنها أدارت وجهها عنهم".
واستغرب الصرخي قيام المؤسسة الدينة في النجف بتقديم مبلغ 5 ملايين دولار تبرعاً لمؤسسة ملالا الخيرية في الباكستان، في وقت لم تقدمه للنازحين واللاجئين العراقيين، متسائلاً: "أليس الأقربون أولى بالمعروف وهؤلاء هم أبناء البلد؟"، على حد قوله.
وأضاف الصرخي في خطبته التي تلقت "عربي21" نسخة منها: "إن النازحين واللاجئين يتعرضون لأشد وأقسى أنواع الإهمال، حتى إن بعضهم ومن على الفضائيات قام بتمزيق هويته (الجنسية العراقية)، والآخر عرض هويته للبيع مقابل أن يحصل على تعليم لأبنائه".
وتابع: "كل ما يخصص لهم من أموال فهو يذهب إلى كروش وبطون الساسة، حتى أصبحت مسألة النازحين واللاجئين هي صفقة رابحة للسياسيين الفاسدين"، متهماً الحكومة العراقية بإهمالهم وعدم توفير أبسط مقومات الحياة لهم.
ونظم مكتب الصرخي يوم الجمعة الماضية وقفات احتجاجية في محافظات البصرة والنجف والديوانية، بالإضافة الى العاصمة بغداد، للمطالبة "بحقوق النازحين وفضح الساسة الفاسدين" بحسب ما جاء في اللافتات التي رفعوها، فيما ألقى خطباء المساجد التابعة للصرخي خطباً دعت إلى إغاثة العائلات النازحة بعيداً عن الميول الطائفية.
وقال مصدر من مكتب الصرخي: "إن مقلدي سماحة السيد الصرخي استجابوا لنداء زعيمهم بتخصيص فعاليات الجمعة الماضية بأكملها لملف النازحين، الذي يعد الأكثر حساسية في الوقت الحالي مع تجاوز عدد الذين يعانون من ويلات النزوح أكثر من مليوني عراقي".
وأشار الشيخ حافظ الياسري في تصريح لــ"عربي21" إلى أن "هذه الفئة من العراقيين يعانون إهمال وتلكؤ السياسيين، لأننا في فترة بعيدة عن الانتخابات، فضلاً عن تحرك متواضع جداً من الحكومة"، مبيناً أن خطاب المرجع العربي الصرخي، يشدد على أن يكون لهذا الملف الأولوية من اهتمام السياسيين والحكومة، بعيداً عن الاعتبارات الطائفية التي يستغلها البعض لزيادة الاحتقان في الشارع العراقي.
وكشف الشيخ الياسري عن معلومات بحوزتهم، تشير إلى تفاصيل دقيقة عن حجم السرقات والفساد في التعامل مع الأموال العامة المخصصة لملف إغاثة النازحين، مضيفاً أن موظفين نظموا مئات الملفات بأسماء وهمية من أجل استلام مخصصاتهم المالية، بالإضافة إلى وسائل وأساليب متعددة تم استخدامها في اختلاس الأموال الضخمة، التي استقطعت من الموازنة العامة لتوزيعها على المتضررين من ترك منازلهم والانتقال إلى المخيمات.
وكانت لجنة النزاهة في البرلمان العراقي قد أكدت في وقت سابق وجود صفقات فساد مالي، داخل اللجنة الحكومية المكلفة بإدارة ملف النازحين الموجودين في أغلب المحافظات العراقية، تمثلت في عدم استلام النازحين منحة المليون دينار المخصصة لهم، بالإضافة إلى تقصير اللجنة في تقديم أي خدمات للنازحين بحسب ما نص عليه الأمر الحكومي الخاص بتأليف هذه اللجنة.
وتشير تقديرات المنظمات الإغاثية إلى وجود أكثر من مليوني نازح، فروا من ديارهم عقب التطورات التي تلت سيطرة مقاتلي تنظيم "داعش" على مدينة الموصل في حزيران/ يونيو الماضي. ولجأت النسبة الأكبر منهم إلى مدن إقليم كوردستان في الشمال، في حين توجهت نسبة منهم إلى المحافظات الجنوبية.
ويعيش معظم النازحين العراقيين في خيام داخل معسكرات خصصت لهم داخل محافظات الإقليم الكردي الثلاث، بالإضافة إلى مخيم في ديالى وآخر في مدينة كربلاء جنوب العراق. ويعاني النازحون بشكل جماعي من عدم ملاءمة الخيام والأرضية التي يقام عليها المخيم لموجات الأمطار والعواصف الشديدة، التي بدأت مبكراً هذا العام، في وقت أطلقت منظمات إنسانية حملة موسعة لحث الحكومة العراقية على التحرك، واستبدال الخيم الحالية بمنازل خشبية وتجهيزات أخرى مشابهة لما يتم استخدامة في مخيمات النزوح في دول العالم.