تستعد مصر لعودة المظاهرات الحاشدة يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، بدعوة من الجبهة السلفية، وهي إحدى مكونات "التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب" الداعم للرئيس محمد مرسي الذي أطيح به في انقلاب عسكري قاده الرئيس الحالي لمصر في 3 تموز/ يوليو 2013.
ودعت الجبهة في وقت سابق هذا الشهر، إلى ما سمته "الثورة الإسلامية" أو "انتفاضة الشباب المسلم"، يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري (الجمعة المقبل)، للمطالبة بـ"فرض الهوية الإسلامية دون تمويه، ورفض الهيمنة على القرارات السياسية والاقتصادية، وإسقاط حكم العسكر".
من جانبها، دعت الصفحة الرسمية لـ"انتفاضة الشباب المسلم"، على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، إلى أن تكون أولى فعالياتهم "خروج الجماهير في مليونية عقب صلاة فجر الجمعة القادم، من كافة مساجد الجمهورية".
وقال البيان الذي نقلته وكالة الأناضول التركية: "لتخرج مصر كلها في أولى فعالياتها في مليونية صلاة الفجر يوم الجمعة، كل في مسجده ومنطقته، طلبا لنصر الله، واستعدادا للخروج العظيم من جميع مساجد مصر بعد صلاة الجمعة، من أجل إعلاء الهوية ورفض التبعية وإسقاط الأنظمة العسكرية".
وسبق أن توقع المتحدث باسم الدعوة للانتفاضة، محمد جلال، في تصريحات صحفية سابقة حملة اعتقالات موسعة تطال قيادات الجبهة في الفترة التي تسبق "يوم الانتفاضة"، وهو الأمر الذي لن يغير شيئا أو يدفعهم لتغيير موعد اندلاع الثورة الإسلامية، على حد قوله.
وأثارت دعوة الجبهة السلفية لقيام "الثورة الإسلامية"، وهي المرة الأولى منذ الإطاحة بالرئيس مرسي، مطلع الشهر الحالي، حفيظة قوى سياسية مؤيدة للسلطات الحالية، محسوبة على التيار الإسلامي، في مقدمتها الدعوة السلفية وحزب النور السلفي.
وقال محمد جلال المتحدث باسم الجبهة في تصريح لـ"الأناضول"، إن الجبهة "قامت بالتنسيق مع شباب حزب الاستقلال (أحد مكونات التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، الداعم لمرسي)، وألتراس نهضاوي (حركة شبابية مؤيدة لمرسي)، بالإضافة إلى حزبي الأصالة والفضيلة (سلفيان)، وآلاف من شباب التيار الإسلامي المؤمن بالفكرة".
وتعد هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها الدعوة إلى "ثورة إسلامية" صراحة بمصر منذ الانقلاب على الرئيس مرسي في 3 تموز/ يوليو 2013.
ولم تعلن رسميا أي من هذه الكيانات مشاركتها مع الجبهة السلفية، عدا "ألتراس نهضاوي"، في الوقت الذي أعلنت فيه جماعة الإخوان المسلمين، تأييدها لمظاهرات الجمعة، حفاظا على هوية الشعب المصري، وانتصارا للثورة، بحسب بيان صادر عن الجماعة.
الإخوان: الجمعة المقبل موجة جديدة للثورة المصرية
وقالت الجماعة، في بيان لها: "يثمِّن الإخوان هذه الدعوة حفاظا على هوية الأمة التي ناضل الشعب المصري، والإخوان جزءٌ منه، من أجلها، فهوية الأمة هي مصدر نهضتها، وأساس تحررها، ولن يقبل الشعب المصري بطمس هويته والحرب على مقدساته وتدمير المساجد وحرق المصاحف وقتل شبابه وسحل نسائه".
البيان، الذي حمل عنوان "هويَّةُ أمةٍ.. وثورةٌ تنتصرُ"، قال إن يوم الجمعة المقبل يمثل "موجة جديدة للثورة المصرية، متمسكة بهوية الشعب وانتصارا لثورته السلمية".
وأشار إلى أن "الإخوان يؤكدون حق كل فصيل من فصائل الشعب المصري في التعبير عن رأيه بحرية كاملة دون تخوين أو تكفير". ولم يعلن البيان المشاركة في مظاهرات الجمعة المقبلة بشكل رسمي.
وحذر بيان الإخوان من "ارتكاب أعمال تخريب أو تدمير أو قتل للأبرياء ومحاولة إلصاق ذلك بثورة الشعب المصري السلمية وتاريخ الانقلاب في هذا الإجرام واضح للجميع".
وأشار البيان إلى أنهم "مستمرون مع أبناء شعب مصر الحر، في ثورتهم متمسكين بهويَّتهم حتى انتزاع كامل حقوقهم، محققين أهداف ثورة 25 يناير من عيش حرية وعدالة اجتماعية وكرامة إنسانية".
و"الجبهة السلفية" تعرف نفسها على أنها رابطة تضم عدة رموز إسلامية وسلفية مستقلة، كما أنها تضم عدة تكتلات دعوية من نفس الاتجاه ينتمون إلى محافظات مختلفة في مصر.
الداخلية باشرت باعتقال منظمي المظاهرات
وأعلنت وزارة الداخلية
المصرية اليوم الاثنين اعتقال خمسة سلفيين وصفتهم بأنهم "بؤرة إرهابية" تخطط لتظاهرات 28 تشرين الثاني/ نوفمبر المرتقبة التي دعت إليها
الجبهة السلفية.
وأفادت وزارة الداخلية المصرية في بيان على موقع "فيسبوك" بأنها اعتقلت خمسة من "عناصر إحدى البؤر الإرهابية تضم قيادات تنظيمية" في حي مدينة نصر، شرق القاهرة.
وأضافت الداخلية أن المعتقلين من ضمن بؤرة "تخطط للتحركات التي دعت إليها يوم 28 الجاري لإشاعة الفتنة والفوضى والعنف المسلح والتعدي على المنشآت العامة بالبلاد".
وأشارت إلى ضبط أوراق "تتضمن مخططات تسعى لإشاعة الفوضى والعنف المسلح".
من جانبها، أكدت الجبهة السلفية في بيان على "فيسبوك" توقيف الخمسة الذين وصفتهم بـ"القادة".
وقالت الجبهة: "نؤكد أن هؤلاء القادة قد اعتقلوا في مقدمة صفوف الشباب المسلم الذي دعوه إلى الانتفاض ضد الظلم والظالمين". كما أنها شددت على استمرار دعوتها للتظاهر.
والأحد، جددت جماعة
الإخوان المسلمين، دعمها لتظاهرات 28 تشرين الثاني/ نوفمبر دون دعوة أنصارها بشكل صريح للمشاركة فيها.
وقد أعلنت شرطة السلطات الحالية أنها مستعدة دون تهاون لمواجهة دعوة الجبهة السلفية للتظاهر.
وأفردت صحف مصرية الاثنين صفحاتها لتأكيد استعداد الجيش والشرطة لمواجهة تظاهرات السلفيين المرتقبة.
وفي 20 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، أوقفت الشرطة محمد علي بشر القيادي في جماعة الإخوان المسلمين ووزير التنمية المحلية في عهد الرئيس الإسلامي محمد مرسي.
وقالت المصادر الأمنية حينها إن بشر متهم "بالتحريض على العنف والتظاهر ضد الدولة".
وكانت الداخلية المصرية، قالت في خطوة لترهيب المتظاهرين، إنها سوف تستبق المظاهرات بالقبض على منظميها، قبل بدايتها.
وفي وقت سابق، أوضح اللواء هاني عبد اللطيف، المتحدث باسم الوزارة، أنهم أعدوا خطة "لضبط الداعين لمظاهرات 28 نوفمبر، قبل اندلاعها".
وأضاف: "الوزارة وضعت خطة لضبط الهاربين، وفق قرارات صادرة من النيابة العامة، وذلك في إطار ضربات استباقية نقوم بها تجاه العناصر التكفيرية والإخوانية".
ولم يحدد المتحدث باسم الداخلية، توقيت ضبطهم، لكنه قال: "مستمرون في المتابعة الأمنية وسيحدث ذلك خلال الأيام القليلة القادمة".
موازاة مع ذلك، تشن مؤسسات السلطة الحالية في مصر ووسائل الإعلام التابعة لها حملة مكثفة لترهيب المصريين من المشاركة في مظاهرات 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، وصدرت فتاوى تحرم الخروج في هذه المظاهرات.
وشاركت في رسائل الترهيب جهات عديدة رسمية وغير رسمية كان القاسم المشترك بينها التحريض على إطلاق النار على المتظاهرين. وساهمت المؤسسات الدينية كالأزهر والأوقاف مع عدد من مشايخ الدعوة السلفية بفتاوى عدة في حملة الترهيب.
وتزامنت حالة القلق البادية على معسكر السلطة من مظاهرات 28 تشرين الثاني/ نوفمبر، مع مواقف وتصريحات ذات دلالة من المعسكر الداعم للانقلاب الذي أطاح يوم 3 تموز/ يوليو 2013 بالرئيس محمد مرسي.
وصدرت انتقادات للرئيس عبد الفتاح السيسي وطريقة حكمه مؤخرا، من شخصيات مثل محمد البرادعي ونجيب ساويرس ووحيد حامد ووائل غنيم، وغيرهم.
أوقاف مصر تفتي بتحريم مظاهرات 24 نوفمبر
وكانت وزارة الأوقاف المصرية قد ألزمت خطباء المساجد بإلقاء خطبة موحدة يوم الجمعة، تشرين الثاني/ نوفمبر 2014، تحت عنوان "الدعوات الهدامة.. كشف حقيقتها، وسبل مواجهتها".
وقالت الوزارة إنه سيتم نشر قوافل من علماء الأزهر والأوقاف في أكثر من سبعين مسجدا على مستوى الجمهورية الجمعة، "لتكشف زيف الدعوات الهدّامة، وتوضيح سبل مواجهتها من منظور إسلامي يدعو إلى عبادة الله عز وجل، وعمارة الكون، وتزكية النفس، بعيدا عن الإفساد بالقول، أو بالفعل"، بحسب الخطبة.
واجتمع وكلاء الأوقاف في محافظات عدة لمناقشة الخطبة، وعقدوا اجتماعات مع أئمة المساجد وخطبائها طيلة الأيام الماضية؛ للتنبيه والتشديد عليهم بضرورة الالتزام بموضوع الخطبة الموحدة.
وألزم وكلاء الأوقاف مديري الإدارات والمفتشين بمتابعة أداء هذه الخطبة، وتقديم تقارير مفصلة تبين مدى التزام الأئمة والخطباء بها، والإفادة بأسماء المخالفين منهم، مع تسليم التقارير لمديري عموم الدعوة في الوزارة في موعد أقصاه الأحد.
وكان وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، أطلق سيلاً من التصريحات طيلة هذا الأسبوع، قال فيها إن الدعوة للتظاهر يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، هي "دعوة هوجاء، ودعوة خوارج ضد الوطن والدين، ودعوة للقتل، ومخطط وعمالة وخيانة للشعب".
وأضاف، في تصريحات صحفية، أن "دعوة رفع المصاحف تحت مسميات سياسية أو حزبية هوجاء، ليس لها أي وجود فعلي، ولكنها أقرب إلى الحرب النفسية، وإثارة الشباب، أو حمل رسائل سياسية".