توفي الجمعة الشاعر والأديب
اللبناني،
سعيد عقل، الذي يعتبر من أبرز الشعراء العرب المعاصرين، عن عمر يناهز 102 عام.
ولد عقل في زحلة بالبقاع في شرق لبنان عام 1912، وعمل في التعليم والصحافة، ولقب بالشاعر الصغير، إذ كان شاعراً منذ طفولته.
كتب عقل في
الشعر والنثر، وكان أول من سعى إلى الترويج "للهجة اللبنانية"، بمعزل عن اللغة العربية الفصيحة، واقترح أبجدية لاتينية لكتابتها.
ولسعيد عقل الكثير من المؤلفات الأدبية والشعرية، ترجم بعضها إلى الفرنسية والإنجليزية، وكانت بكورتها كتاب "بنت يفتاح" عام 1935.
تميزت أشعاره بالرمزية والفرح، بعيداً عن التباكي، وهو الذي قال يوماً: "في شعري شيء من الرمزية، لكن شعري أكبر من ذلك، يضم كل أنواع الشعر في العالم. هؤلاء الذين يصدقون أنهم رواد مدرسة من المدارس ليسوا شعراء كباراً.. الشعراء الكبار هم الذين يجعلون كل أنواع الشعر تصفق لهم".
اعتبر عقل من أبرز الشعراء الذين كتبوا المسرحية الشعرية، فكانت له مسرحية "قدموس" عام 1944، التي اعتبرت عمارة شعرية ذات مقدمة
نثرية رائعة، وشكلت لوناً جديداً من الملاحم الشعرية.
وبين عامي 1944 و1960، نشر ثلاثة دواوين، هم "المجدلية" و"رندلى" و"أجمل منك لا"، كما أن له كتابات في النثر، من بينها "مشكلة النخبة" و"لبنان إن حكى" و"شعر ونثر".
وغنت الفنانة اللبنانية الكبيرة فيروز من أشعاره "لبنان الحقيقي جايي" و"ردني إلى بلادي".
كما أنه خص البلدان العربية بالكثير من الأشعار التي غنت بعضها فيروز، ومنها "زهرة المدائن" و"أحب دمشق" و"بالغار كللت"، و"عمّان في القلب"، و"شط إسكندرية"، و"قرأت مجدك"، و"شام يا ذا السيف لم يغب".
إضافة إلى تعمقه في اللاهوت المسيحي، تعمق أيضاً في تاريخ الإسلام وفقهه، وكانت قصيدته الشهيرة "غنيت مكة" خير دليل على ذلك.
أثارت مواقفه من "اللهجة اللبنانية" جدلاً كبيراً، كما في مواقفه المناهضة للوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، إبان الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990 في لبنان.
وفي عام 1962، أنشأ عقل جائزة شعرية من ماله الخاص، تمنح لأفضل صاحب أثر في الكتابة، وحاز العديد من الكتاب اللبنانيين على هذه الجائزة، وكان منهم الكاتب والشاعر زاهي وهبي.
وقال وهبي: "سعيد عقل شاعر كبير أعطى الشعر العربي واللغة العربية الفصحى كنوزاً لن تفنى، على الرغم من مواقفه التي ذهبت في اتجاه آخر. نختلف معه، ولا نختلف عليه، وعلى مكانته الشعرية الشاهقة. سعيد عقل ينتمي إلى مجرة الشعراء المضيئة، وتبقى قصائده حاضرة، ومخترقة لحدود المكان والزمان"، على حد تعبيره.
وتابع: "ظل عقل يدرس ويكتب ويعمل، حتى وقت ليس ببعيد، وكان كلما زاد في العمر عاماً، زاد تألقاً وعطاء، وهو الذي لخص طموحه بالقول: أقول: الحياةُ العزمُ حتى إذا أنا انتهيتُ تَوَلّى القَبرُ عزمي من بَعدي".