قال النائب الفتحاوي أشرف جمعة:
- الفلسطينيون يدفعون ثمن تحولات الربيع العربي من الإيجاب إلى السلب
- من الممكن أن نغير استراتيجيتنا بين لحظة وأخرى إلى المقاومة المسلحة
- الفلسطيني لا يستطيع التنازل عن ثوابت قضيته وواهم من يظن غير ذلك
- أداء حكومة التوافق ليس بالمستوى المطلوب لكننا لا نحملها المسؤولية
- يجب على إخواننا في "حماس" أن يقبضوا على مرتكبي التفجيرات بغزة
- خصومتنا مع "حماس" سياسية.. وعدونا المشترك هو الاحتلال الإسرائيلي
- لا يمكن إجراء انتخابات فلسطينية دون مصالحة مجتمعية بين كل الأطراف
- نتفهم إغلاق الحكومة المصرية لمعبر رفح بعد مقتل جنودها في سيناء
- زيارة عباس لغزة ستحل كثيرًا من الإشكالات وبالذات مع حركة حماس
أكد القيادي في حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، النائب في المجلس التشريعي أشرف جمعة، أن حركته سلكت مسار السلام، ولكنها لم تترك السلاح.
وقال جمعة في حوار مع "عربي21" إن المفاوضات فشلت في تحقيق الأمل المنشود بإقامة دولة للفلسطينيين، مؤكدا أن
حركة فتح لديها خيارات واستراتيجيات مختلفة عن خيار التفاوض قد تفاجئ الجميع.
وأضاف أن التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال يهدف إلى الحفاظ على حياة المواطنين، وتيسير شؤونهم كالسفر وإدخال البضائع، رافضا أنواع التنسيق الأخرى "التي لا يقبل بها أحد"، على حد تعبيره.
وتطرق الحوار إلى عدد من القضايا المتعلقة بالشأن الفلسطيني، كأداء حكومة التوافق، والعلاقة بين حركتي فتح وحماس، والخلافات الداخلية لحركة فتح، وحصار غزة، وغيرها..
وتاليا نص الحوار:
* المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية متوقفة، والاستيطان مستمر، والتهويد على أشده، فأين الدور المقاوم لحركة فتح؟
- يتابع الجميع ما تقوم به "فتح" عبر السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير من جهود في سبيل إنهاء هذا الوضع والتوجه للمجتمع الإقليمي والدولي لإيقاف ممارسات الاحتلال.
ولكن يجب على الجميع أيضا أن يعرفوا أن هناك متغيرات سياسية في المنطقة، والدول العربية في أسوأ حالاتها بعد الربيع العربي الذي انقلب سلبا لا إيجابا، وبالتالي نحن الفلسطينيين ندفع الثمن.
لذلك؛ نوجه نداءً عاجلاً أنه بدون إنهاء الاحتلال الإسرائيلي البغيض وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس؛ فإن العنف والتطرف سيكونان سيدَي الموقف في هذه المنطقة، وإذا كانت "إسرائيل" الآن فرحة بإصدار عدة قوانين تهويدية؛ فإنها ستدفع الثمن غاليا في مرحلة ما؛ لأن الانفجار الذي سيتولد بسبب الضغط الكبير على أبناء شعبنا الفلسطيني سيكون كله باتجاه هذا الاحتلال المتغطرس، وستكون العواقب وخيمة على الجميع، ونحن نحذر من طول الصبر؛ لأن نفاد الصبر سيكون له تبعات لا تحمد عقباها.
* هل من المتوقع أن تغير "فتح" من استراتيجيتها في التعامل مع الاحتلال؟
- نحن من تولى زمام الثورة الفلسطينية وقاومنا الاحتلال، لكن في فترة من الفترات وقفنا مع أنفسنا وقلنا إن مقاومة الاحتلال لها أشكال مختلفة، سواء
الكفاح المسلح الذي لم تتوقف عنه حركة فتح، أم المقاومة السلمية ومختلف أنواع المقاومة التي كفلها القانون. ولذلك؛ فقد تتغير استراتيجيتنا بين لحظة وأخرى إلى المقاومة المسلحة إذا وجدنا أنه لا مناص من الدخول فيها.
* يعني، هل ننتظر أن تعلن "فتح" في أحد الأيام، فشل مسار المفاوضات، والعودة لحمل السلاح؟
- كثيرون يعيبون على "فتح" أنها تركت السلاح! نحن لم نترك السلاح، وإنما سلكنا في فترة ما مسار السلام، وحاولت "فتح" أن توصل رسالة السلام للجميع بعلم الجامعة العربية والأمم المتحدة وكل دول العالم. وتوافق الجميع على دعم هذا المسار، لكن "إسرائيل" رفضت كل المساعي عبر عدة سنوات من المفاوضات التي فشلت في تحقيق الأمل المنشود للفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس. لكنّ هذا الزمن لن يبقى كما هو، وسيكون هناك تغيرات، ومن ثم ستكون هناك خيارات واستراتيجيات مختلفة قد يفاجأ بها الجميع.
* ما هي تلك الخيارات؟
- لا نريد أن نستبق الأحداث.. الكل يعلم ما حدث عام 2000، عندما فشلت محادثات كامب ديفيد، ما أدى لاندلاع انتفاضة الأقصى التي انتهت باستشهاد القائد ياسر عرفات.
وأؤكد أن أي فلسطيني لا يستطيع أن يتنازل عن أي ثابت من الثوابت الفلسطينية، ومن يظن ذلك فهو واهم. لكنّ الطرق والوسائل هي التي تختلف من تنظيم لآخر، وجميع الفصائل والتنظيمات الفلسطينية بمختلف هوياتها الوطنية والإسلامية تتفق على أن الهدف هو دولة فلسطينية عاصمتها القدس، وهذه نقطة البداية.
حكومة التوافق
* ما تقييمك لأداء حكومة التوافق؟
- أداء الحكومة ليس بالمستوى المطلوب، لكن يجب ألا نحملها كامل المسؤولية التي يتحملها جميع الأطراف. أضف إلى ذلك أن الحكومة لم تأخذ فرصتها حتى هذه اللحظة لتحقيق المطلوب والمتفق عليه؛ فمع تشكيلها بدأت الحرب على غزة، وتفاقمت المشاكل، ثم حدثت تفجيرات غزة التي أوقفت سير عملها في القطاع، ولم تستطع حكومة التوافق والوزراء الوصول إلى العمل على ترتيب الوزارات والسيطرة على الأجهزة الأمنية.
ولذلك، أقول إنه يجب التعجيل بإفساح المجال لحكومة التوافق لتقوم بعملها وفق ما تم الاتفاق عليه. وأقول لإخواننا في "حماس" إنه يجب إنهاء مسألة التفجيرات بالقبض على الجناة. وأقول لإخواني في "فتح" يجب ألا نجعل هذا المسمار آخر ما يُدق في النعش، ويجب أن نبدأ بالتقارب، ونضع أيدينا بأيدي بعضنا البعض، لأن التاريخ سيحاسبنا جميعا، خاصة وأن الوضع في القدس - وهي الخط الأحمر - بدأ بالخروج عن السيطرة.
* فيما يتعلق بموضوع تفجيرات منازل قيادات "فتح" في غزة، نفت حركة حماس أن يكون لها أي علاقة بالتفجيرات.. فهل ستبقى المصالحة معلقة في حال لم تصل التحقيقات إلى نتائج؟
- بالتأكيد ستبقى معلقة. وبعيدا عن المناكفات واتهام أية جهة، حدثت تفجيرات في 15 منزلا، وهذا يحتاج إلى 100 شخص يتعاونون على تنفيذ تفجيرات كهذه. وبالتالي فليس من الصعوبة كشف المنفذين أو بعضهم. وأنا أتساءل: كيف تستطيع الحكومة أن تأتي برئيسها ووزرائها إلى غزة، ليتحركوا فيها بأمان واطمئنان في ظل مثل هذه التفجيرات؟
* هل هناك تعاون بين حركتي حماس وفتح حول هذا الموضوع؟
- أجهزة الأمن موجودة في غزة، وتستطيع معرفة كل شيء، ولا يجوز لأحد أن يتدخل في عملها. يجب أن ننتهي من هذا الموضوع حتى نعود لما تم الاتفاق عليه، ونكون موحدين تجاه عدو واحد.
وأؤكد أننا خصوم سياسيون، ولسنا أعداء، وكل منا له مكانته، واختلافنا أمر طبيعي وديمقراطي، ولنا عدو مشترك وحيد هو الاحتلال الإسرائيلي الذي يعيث فسادًا في بلادنا كما يريد، ونحن ما زلنا نختلف.
التنسيق الأمني وخلافة عباس
* ما رأيك بالتنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال، في الوقت الذي تستبيح فيه "إسرائيل" كل شيء في الضفة والقدس وقطاع غزة؟
- كثير من الكتاب والمفكرين يظنون أن التنسيق الأمني يتمثل في القبض على أشخاص معينين.. هذا أمر خاطئ، فهناك العديد من المرضى يريدون الخروج في مكان إقامتهم للعلاج، وأنا نائب عن "فتح" ولا أستطيع الدخول للضفة أو السفر عبر معبر بيت حانون (إيريز) بدون التنسيق الأمني.
فالمقصود من التنسيق الأمني هو الحفاظ على حياة المواطنين، وتيسير شؤونهم كالسفر وإدخال البضائع، وغير ذلك مما يهم المواطن الفلسطيني. أما غير ذلك من أنواع التنسيق الأمني، فهو مرفوض ولا يقبله أحد.
* هناك دعوات لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، والرئيس محمود عباس تحدث عن نيته عدم الترشح، فمن المرشح لخلافة أبي مازن؟
- الانتخابات ليست القضية الأهم في ظل الظروف الحالية للقضية الفلسطينية؛ لأن هذه الانتخابات لن تضيف شيئا - بغض النظر عن الطرف الفائز، سواء كانت "فتح" أم "حماس" - لسبب بسيط جدا، هو أن الوضع الحالي للضفة وغزة إذا بقي على ما هو عليه فلن يستطيع فريق السيطرة على الآخر، وستبقى الضفة كما هي، وغزة كما هي، مع أن كل ما يحدث حولنا يتطلب منا التوافق الذي هو أهم من كل شيء.
نحن نريد الانتخابات، ولكن لا يمكن إجراء انتخابات دون مصالحة مجتمعية، وفي ظل وجود معتقلين سياسيين لدى الجهتين، ودون معالجة الجرحى وإصلاح البيوت.
أما من سيخلف الرئيس عباس؛ فلا أستطيع أن أقدم أي أسماء، فأبو مازن هو قائد حركة فتح ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية هي الجهة المخولة باختيار قائد جديد لحركة فتح، وهذا يتوقف على الظروف التي نعيشها، فلكل أجل كتاب، والأمر بيد الله، ويجب علينا أن لا نتعجل الأمور.
حصار غزة
* ما دور حركة فتح في إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة؟
- حركة فتح ليست ضمن تشكيلة حكومة التوافق التي تم التوافق عليها بين الجميع، وبخاصة حركتي فتح وحماس. والجميع شارك في وضع أسماء وزرائها، وحركة فتح ليست هي من يفرض الحصار، ولها موقف واضح وصريح من هذه المسألة، لكن هناك أخطاء وعوائق تقف في وجه حكومة التوافق في القطاع.
* من الذي يرتكب تلك الأخطاء؟
- على سبيل المثال ما يتعلق بالمعابر، قلنا لـ"حماس": "اتركوا معبر رفح لحرس الرئاسة، ولنتوافق بعد ذلك على وضعية الأمن حوله". لكنّ "حماس" تصر على أن تبقى مسيطرة على الوضع القائم في القطاع.
إن هناك متغيرات إقليمية ودولية يجب أن نفهمها جميعا لنتجاوز هذه العقبات، وأرفض إلغاء الآخر، لأن ذلك بحد ذاته مصيبة، فحكومة التوافق يجب أن تعمل لجميع أبناء الشعب الفلسطيني دون استثناء، والجميع له حق فيها، ولا يحق تفضيل تنظيم على آخر، ولا أن يفرض تنظيم شروطه على الآخر. نحن محتاجون لآلية توافق حقيقية حتى لا نعود مرة أخرى لمربع الصفر في هذه الظروف العصيبة.
* ما رأيك بإغلاق السلطات المصرية لمعبر رفح الذي يعد المنفذ الوحيد لآلاف الحالات الإنسانية؟
- نحن نتفهم ما تقوم به الحكومة المصرية فيما يتعلق بإغلاق المعبر بسبب الحادثة الأليمة التي أودت بحياة عشرات الجنود المصريين في سيناء، ومع ذلك فنحن ناشدنا وطالبنا بأن يبقى المعبر مفتوحا لأنه منفذ غزة الوحيد على العالم. وأؤكد وجود تفاهمات هناك حول أن يعود المعبر إلى وضعه الطبيعي بشكل تدريجي خلال الأيام القادمة.
* كثيرون من أصحاب البيوت المهدمة في غزة يتساءلون عن موعد زيارة الرئيس محمود عباس لغزة، فمتى سيكون ذلك؟
- الرئيس حاول القدوم، وبسبب بعض الظروف أُجلت الزيارة، ومن خلال حديثي معه أكد أن رغبته الشديدة في زيارة غزة، لكن للأسف يشعر القادم إلى القطاع أنه لا أمان فيه.. ونحن نطالب يوميا بقدوم الرئيس لغزة، وخصوصا أن مجيئه للقطاع سيحل كثيرا من الإشكالات، وبالذات مع حركة حماس.