ناشدت آلاف الأسر
العراقية النازحة من مناطق
جرف الصخر جنوبي العاصمة بغداد وتقيم الآن في العراء، منظمات الإغاثة الناشطة العراقية والعربية والدولية، تقديم المساعدة العاجلة ومد يد العون لهم، علماً بأنهم يعانون سوء الأحوال الجوية والبرد القارس والجوع والعطش وتفشي الأمراض بينهم، حيث يقيمون في مناطق الحلة وبعض أحياء بغداد الفقيرة، وبخاصة بين الأطفال حديثي الولادة، نتيجة الإهمال الحكومي وقلة الكوادر الصحية.
إحسان محمد (40 عاماً)، ترك منزله في جرف الصخر وفر مع مجموعة من أقاربه قبل نحو خمسة أشهر، ليستقر بهم الحال في بيت صغير بائس لم يشيد بعد في حي الدورة ببغداد، عندما بدأ الاقتتال بين الدولة الإسلامية والمليشيات للسيطرة على جرف الصخر.
ويقول إحسان في حديث خاص لـ"عربي21": "نزحنا بشكل جماعي من المنطقة، ووجدت هذا المنزل الذي ينقصه كل شي من نوافد وأبواب". وأضاف بغضب: "أحتاج إلى مكان جديد، كرفان أو خيمة محكمة فيها مدافئ وأفرشة وأغطية تحميني أنا وأطفالي من البرد القارس".
ويقول إنه "منذ بداية أزمة النزوح ونحن نسمع عبر وسائل الإعلام المتعددة أن الحكومة العراقية ستوفر للنازحين الخيم والكرفانات، لكننا نسمع جعجة ولا نرى طحيناً كما يقول المثل"، موضحاً أن "واحدة من أهم مآسينا أنه لا أحد يشعر بنا نحن وأطفالنا، ولو تسمح لنا المليشيات بالعودة إلى منازلنا في جرف الصخر لعدنا للموت والإهانة، وهذا أشرف لنا مما نمر فيه، لأننا نعيش الموت يومياً في ظل البرد والجوع والمرض، في مكان لا يكترث أي مسؤول أو منظمة إنسانية لظروفه".
أما لطيف مزهر -أبو قيس- (54 عاماً)، وهو من من جرف الصخر أيضاً، ويعيش منذ عدة شهور في خيمة هو وأبناؤه الأربعة، فيقول: "السكن في العراء مع
شدة البرد وقلة الخدمات هنا هو موت بطيء، لذلك أفضل أن أموت في بيتي ومدينتي التي نشأت فيها".
ويضيف ويداه ترتعشان بسبب مرض السكري: "لم يعد لنا مكان على أرض العراق، فالحياة بدأت تضيق بنا نحن وأطفالنا، وحاولت العودة إلى مدينتي جرف الصخر، إلا إنني لم أصل إلى بيتي لأن الميليشيات المسيطرة على المنطقة منعتني من رؤيته، متذرعة بأن الدولة الإسلامية فخخت جميع المنازل بالعبوات الناسفة. وعليه فإنه لا عودة لكم بالوقت الحالي إلى منازلكم، إلى حين تفكيك كافة الدور المفخخة، وهذا سيستغرق منا عاماً كاملاً".
ويوضح أبو قيس أنه يشعر بالخوف من أن يموت أمام عينيه ابنه الرضيع همام، الذي ولد حديثاً قبل أيام من تهجيرهم من جرف الصخر، ويعاني مرض التهاب الرئة منذ لحظة ولادته، و"ما زاد من تدهور حالته الصحية هو الانتقال إلى الخيمة وتعرضه للبرد الشديد".
ويقول: "أخشى أن يموت أمامي وأنا لا أستطيع فعل شيء لإنقاذ حياته، ولا يوجد هنا كوادر طبية"، محملاً مجلس محافظة بابل وبغداد مسؤولية ما تمر به العائلات النازحة من معاناة.
بدورها، أكدت مديرة دائرة الهجرة والمهجرين، أن عدد العائلات التي نزحت من جرف الصخر إلى مركز مدينة الحلة، ومدن أخرى بلغ 2620 عائلة نازحة، وأن العشرات منهم لا يجدون غطاء ولا دواء يقيهم البرد وأمراضه.
وخلال الأسبوع الماضي وصلت حالات مرضية من تلك الأسر إلى المستشفيات في بغداد بابل، تعاني من أمراض شتى أبرزها مرض التهاب الرئتين لدى الأطفال حديثي الولادة وحالات تسمم المعدة، بسبب البرد القارس وتلوث المياه وكثرة تفشي الأوبئة التي تفتك بالنازحين.