برزت على الساحة الفلسطينية مؤخرا قضية التقارب بين حركة "
حماس"، والقيادي المفصول من "فتح" محمد
دحلان، في ظل "المأزق" التي تعيشه "حماس"، من حصار سياسي واقتصادي، وطرد
عباس لدحلان، فهل يحقق هذا التقارب المصلحة الوطنية ويحقق كل طرف ما يسعى له؟
ظهور قوى جديدة
أكد الدكتور ابراهيم أبراش أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر ووزير الثقافة الأسبق أن التقارب بين حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وبين القيادي في "فتح" محمد دحلان سيؤثر على الساحة الفلسطينية ويؤدي الى "مزيد من الانقسامات بين حركتي "حماس وفتح"، وداخل حركة "فتح"، وفصائل منظمة التحرير بعضها البعض"، مرجحاً "ظهور قوى جديدة" على الساحة الفلسطينية.
ويقول أبراش لـ"عربي21" إن هذا التقارب ظهر منذ عامين تقريباً من خلال زيارة نواب عن "حماس" في المجلس التشريعي لمحمد دحلان بالإمارات، والسماح بعودة بعض القيادات الفتحاوية المحسوبة على دحلان لغزة"، مؤكدا أن ما دفع الجانبين لهذا التقارب هو "المأزق" الذي تعيشه "حماس"، في قطاع
غزة, ورغبة دحلان في العودة للمشهد السياسي الفلسطيني من بوابة قطاع غزة، جعل كل طرف يراهن على الآخر في تحقيق أهدافه".
التقارب من القطيعة
ويرى الوزير الأسبق أن هذا التقارب هو "تقارب مصلحة وآني ولا يقوم على أساس برنامج سياسي، ولا رؤية مشتركة"، مبينا أن هدف "حماس"، من هذه الخطوة هو "زيادة الخلافات الفتحاوية الداخلية، ومناكفة الرئيس أبو مازن"، ورسالة دحلان للرئيس أبو مازن "أنه ما زال قائداً فتحاوياً وله حضور قوي".
وتابع: "هناك تطلعات مستقبلية لدحلان؛ لأنه يعتقد أن أزمة "حماس" ربما تتفاقم، وبالتالي يكون مؤهلا ومرشحاً لحكم قطاع غزة بعد حماس"، ولم يستبعد أستاذ العلوم السياسية "عودة دحلان لقطاع غزة حتى ولو في اطار زيارة لفترة محددة يثبت حضوره ثم يعود للخارج".
وكانت "حماس" وعلى لسان القيادي الدكتور موسى أبو مرزوق نفت أن يكون هدف التقارب مع دحلان هو "العمل ضد الرئيس عباس".
ويخلص أبراش أن هذا التقارب "لا يصب في إطار المصلحة الوطنية المشتركة"، متمنياً أن لا يزيد من "القطيعة بين الضفة وغزة"، علماً بأن التقارب بين كل القوى السياسية "ليس خطأ، ولكن الهدف من هذا التقارب هو الشيء المهم".
بينما يرى الدكتور فايز أبوشمالة الكاتب والمحلل السياسي أن التقارب بين "حماس"، ودحلان "أمر ايجابي، ويصب في صالح القضية الفلسطينية"، موضحاً أن هناك قاسماً مشتركاً بين الجانبين وهو "إسقاط مرحلة محمود عباس".
واشتدت وتيرة الخلافات بين عباس ودحلان بعد اتخاذ "فتح" بقيادة الرئيس عباس قراراً بفصل دحلان، والذي نتج عنه عزلة دحلان ومن معه من قيادات "فتح" عن التنظيم الذي "يتفرد" به أبو مازن الآن.
ويرجع الكاتب في حديثه لـ"عربي21" هذا التقارب في بعد هذه الفترة من "العداء" بين "حماس" ودحلان الذي تعتبره المسؤول الأول عن الانفلات الأمني إبان سيطرتها على قطاع غزة أن "دحلان كان تحت مسؤولية عباس"، موضحا أن "حماس" "تصالحت مع المسؤول الأول عن الانفلات الأمني؛ وهو عباس، وكلفته برئاسة الوزراء فمن باب أولى أن تلتقي مع من هم دونه بالمسؤولية والقرار، وهذا أمر منطقي".
وقال: "تجربة الاقتتال الداخلي التي كان على رأسها دحلان والأمن الوقائي، و"حماس"، تركت دروسا وعبر على الطرفين كي يختصما ويحتكما إلى صندوق الاقتراع".
ترميم البيت الفلسطيني
وأعلن رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمدلله أنه سيشكل لجنة لتستلم المعابر، فيما أعلن القيادي في "حماس" النائب صلاح البردويل أن المجلس التشريعي سينعقد في غزة بحضور النواب المؤيدين لمحمد دحلان في محاولة لإحياء الشرعية التي "سعى عباس لوأدها والتفرد بالقرار السياسي الفلسطيني"؛ وهي أولى انعكاسات التقارب بين "حماس" ودحلان كما أفاد أبوشمالة.
من جهته حذر المحلل السياسي الدكتور عادل سمارة من أن هذا التقارب سيدفع الفلسطينيين إلى "تكتيكات ومناورات تجذر وتعمق الانقسام ولا تحلّه"، متوقعاً أن ذلك "سيزيد من الخلاف بين فتح وحماس ويفجر احتمالات المصالحة".
واعتبر سماره في حديثه لـ"عربي21"، أن ما صرح به البردويل من الاستعانة بنواب دحلان في استئناف عمل التشريعي هو أمر "سلبي"، مؤكداً أن هذا "يضر بالقضية الفلسطينية؛ فبدلا من أن تذهب الجهود نحو المصالحة، وترميم البيت الفلسطيني، نراها تذهب نحو معسكرات جديدة لا علاقة لها بالمسألة الوطنية الأساسية"، كما يقول.