يواجه
المسلمون في فرنسا أياماً صعبة، وتشير الهجمات التي نفذت على عدد من المساجد في فرنسا لإمكانية تعرض المسلمين للآثار السلبية للهجوم على
صحيفة "
شارلي إيبدو"، الذي قتل فيه 12 شخصاً.
وتقول صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" إن طلقات الرصاص والقنابل حول مسجدين فرنسيين، رفعت من مظاهر القلق حول هجمات معادية للمسلمين بعد العملية المسلحة ضد الصحيفة الفرنسية.
ويرى التقرير أن الهجوم جاء في وقت يرتفع فيه رصيد اليمين المتطرف وأحزابه ليس في فرنسا، ولكن في معظم أنحاء
أوروبا، مثل ألمانيا وبريطانيا واليونان، التي تقوم بتغذية المشاعر المعادية للمهاجرين.
وتشير الصحيفة إلى أنه مع زيادة التوتر نصح قادة المجتمعات المسلمة في أوروبا النساء المحجبات بعدم الخروج وحدهن من البيت. ودعوا المسلمين للمشاركة في دقيقة الصمت حداداً على ضحايا هجوم الأربعاء على صحيفة "شارلي إيبدو".
ويورد التقرير رأي عبدالله ذكري، رئيس المرصد الوطني ضد
الإسلاموفوبيا في باريس، الذي يقول: "أي شخص يقوم بربط هذه الجريمة بالإسلام مخطئ".
وتضيف الصحيفة أنه في الوقت الذي أبدى فيه ذكري تعاطفاً مع الضحايا وعائلاتهم، لاحظ أن المسلمين هم الذين يعانون من هجمات كهذه، "عندما يحدث أمر في مكان ما فنحن في مقدمة من يتهمون ويصبحون كبش فداء"، مشيراً إلى عدد من الهجمات التي حدثت في هذا العام.
ويذكر التقرير أن مسجداً في ليمانس، جنوب باريس، وآخر في مدينة ليون، تعرضا لهجمات يرجح أنها معادية للإسلام، وأن حملة انتقامية ضد المسلمين قد بدأت.
وتنقل الصحيفة عن جدة جزائرية، اسمها الجيديا حنيش، قولها: "كلنا في خطر، في المحلات وفي الحافلات". مضيفة "ربيت سبعة أولاد هنا، فرنسا بلد متعدد الثقافات، ويرحب بالكل، والآن ماذا سيحدث لأحفادي، ماذا سيحدث لهم؟"
ويجد التقرير أنه في الوقت الذي دعا فيه الرئيس فرانسوا هولاند للوحدة الوطنية، إلا أن قادة اليمين المتطرف، مثل زعيمة الجبهة الوطنية ماري لوبان، طالبوا الرئيس باتخاذ خطوات جديدة لمواجهة الأصولية الإسلامية، وإعادة تشريع الإعدام، وقالت لوبان: "وقت الإنكار والنفاق لم يعد مقبولاً .. يجب الإعلان صراحة وبوضوح تام عن رفض الأصولية الإسلامية".
وتلفت الصحيفة إلى أن الأحزاب المعادية للمهاجرين حققت شعبية في السنوات الماضية؛ بسبب الكساد الاقتصادي ومعدلات البطالة العالية والإحباط من الأحزاب الرئيسية.
وأظهرت استطلاعات جديدة تقدم حزب الجبهة الوطنية على الحزب الاشتراكي الحاكم، وأن يمين الوسط سيفوز في الانتخابات إن تم عقدها في عام 2017، بحسب الصحيفة.
وينقل التقرير عن بيلا أرورا، المحاضرة في أساليب الحكم الدولي في جامعة ويلز، قولها: "من السهل إغراء الناخبين بآراء الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي قامت بجهود كبيرة لتقديم صورة معتدلة عن نفسها".
وتوضح الصحيفة أن من الأحزاب الأخرى المستفيدة من إحباط الناخبين حزب الاستقلال البريطاني بزعامة نايجل فراج، الذي يدعو إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتطبيق قوانين مشددة على المهاجرين. وهناك حزب "وطنيون أوروبيون ضد أسلمة الغرب" (بيجيدا)، الذي حشد يوم الاثنين 18 ألفاً من مؤيديه في مدينة دريسدن.
ويفيد التقرير أن المحللين يقولون إن أحزاباً مثل هذه قد تستخدم هجوم "شارلي إيبدو"، للحشد وتعزيز الدعم لها. ويقول يوهانس كيس، الباحث الاجتماعي في جامعة "لايبزغ": "لقد بدأ التحشيد"، مشيراً إلى ما وضعه ألمان على الفيس بوك، حيث كتب أحدهم: "اليوم في فرنسا أظهر الإسلاميون الذين حذر منهم حزب (بيجيدا) على مدى 12 أسبوعاً، أنهم غير قادرين على تبني الديمقراطية، ولكنهم يرون الحل في الموت والعنف". وكتب آخر: "ساستنا يريدون منا اعتقاد العكس، فهل يجب أن يحدث هذا في ألمانيا قبل أن يصحو الناس؟".
وتبين الصحيفة أن هذه المشاعر في تزايد منذ هجمات 11 / 9 / 2001 على الولايات المتحدة، ووصلت في بعض الدوائر إلى درجة الهوس، خاصة منذ صعود تنظيم الدولة الإسلامية العام الماضي. فقد سافر مئات من الشبان الأوروبيين للقتال في سوريا والعراق.
وتختم "لوس أنجلوس تايمز" بالإشارة إلى أنه مع تشرذم المجتمع الأوروبي، حاول القادة التصدي لموجات الهجرة القادمة من الدول الإسلامية، التي تعيش حروباً أهلية.