مع بدء العد التنازلي لنهاية الفصل الدراسي الأول في
الجامعات المصرية؛ يبدو مشهد الحراك الثوري مماثلاً تماما لبدايته، من حيث زخم الفعاليات الاحتجاجية، والتعسف والعنف في التعامل مع المشاركين فيها.
بيد أن شيئا واحدا قد اختلف، وهو اختفاء مئات
الطلاب والطالبات "الثوريين" إما وراء القضبان، أو في مراكز الاعتقال، أو في بيوتهم عقب فصلهم، أو تحت التراب بعد أن غيبتهم رصاصات قوات الأمن وأعوانهم.
ومنذ تولي الجنرال عبدالفتاح
السيسي لحكم ما بعد الانقلاب بمصر في تموز/ يونيو الماضي، فقد بلغ عدد الطلبة
المعتقلين نحو 400 طالب وطالبة، بحسب مرصد "طلاب
الحرية" الذي أكد لـ"عربي21" أن هذا الرقم يُعد مرتفعا بالنظر إلى قصر مدة الشهور الدراسية بسبب تأجيل الدراسة لمنتصف تشرين الأول/ أكتوبر، وتعجيل امتحانات الفصل الدراسي الأول.
وأضاف المرصد، المعني بمتابعة أحوال الطلبة الجامعيين المعتقلين والمفصولين، أن الجامعات فصلت أكثر من 260 طالباً فصلاً نهائياً، أو جزئياً على فترات متباعدة، مشيراً إلى أنها تعمدت تفويت الامتحانات على الطلبة المفصولين جزئياً كنوع من العقاب".
وفي ما يتعلق بأعداد
القتلى من الطلاب منذ بدء الدراسة الجامعية خلال فترة حكم السيسي؛ أوضح المرصد "ارتقاء أربعة شهداء"، مضيفاً أنه "تم رصد 22 حالة قتل متعمد داخل حرم الجامعات منذ عام ونصف".
المصير المحتمل
من جانبه؛ قال نائب رئيس اتحاد طلاب جامعة المنصورة، سيف الإسلام فرج، إن "الفصل، أو الاعتقال، أو الإصابة، أو القتل؛ هي المصير المحتمل لكل من يشارك في الحراك الثوري لطلاب الجامعات، دون تمييز بين تيار أو حركة أو حزب".
وأضاف سيف لـ"عربي21"، أن "ما يحدث في الجامعات يتخطى حدود القانون والدستور"، مشيراً إلى أن تحويل عدد من الطلاب والطالبات إلى محاكم عسكرية "أمر غير مسبوق، ولم نكن نسمع به حتى في عهد المخلوع حسني مبارك".
وبين أن "نظام السيسي فقد مصداقيته، وتحولت الجامعات إلى أداة قمع كباقي مؤسسات الدولة"، لافتاً إلى أنها "تفصل الطلاب تعسفياً، وتتعنت مع العائدين إليها بموجب أحكام قضائية، وترفض تنفيذ قرار المحكمة باستكمال دراستهم".
وحول إمكانية فتح حوار بين طلاب الحراك الثوري وبين إدارات الجامعات؛ قال سيف إنه "لا يمكن فتح مثل هذا الحوار، لأن الجامعات تساوم الطلاب على حرياتهم وحقهم الذي كفله لهم القانون والدستور بالتظاهر والتعبير عن الرأي"، مؤكدا أن "مطالبة الطلبة بعدم التظاهر غير مشروعة".
"تواطؤ" القضاء
بدوره، اتهم المحامي في التنسيقية المصرية للحقوق والحريات، محمد أبو هريرة، الجامعات بـ"عدم احترام القانون، وإهمال أحكام القضاء التي يحصل عليها طلاب بتمكينهم من العودة إلى مقاعد الدراسة".
وبيّن لـ"عربي 21" أن "جامعتي الأزهر والقاهرة، ظفرتا بالنسبة الأكبر من عدد الطلبة المفصولين"، منتقداً في الوقت ذاته "البطء الشديد في إجراءات التقاضي، وترهيب المحامين من خلال إحالة بعضهم إلى النيابة بحجج مفتعلة".
وانتقد أبو هريرة ما وصفه بـ"غياب الحد الأدنى من العدالة، وتواطؤ النيابة والقضاة مع وزارة الداخلية ضد الطلاب"، مضيفا أنه "في القضاء المصري أياد مرتعشة، تخشى إصدار أحكام لصالح الطلاب المفصولين".
وأشار إلى "انتهاكات كرامة الطلاب داخل مراكز الاعتقال، أو في السجون"، مستهجناً تجديد حبسهم بشكل مستمر من قبل قاضي المعارضات لفترات غير محدودة "وصلت في بعض الأحيان لمدد تتساوى مع عقوبات جنائية".
تضييق غير مسبوق
وانتقدت مؤسسة حرية الفكر والتعبير "تضييق مساحات الحرية داخل الجامعات المصرية، وتراجعها، وزيادة عدد حالات الاعتقال والفصل بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد".
وقالت المحامية بالمؤسسة فاطمة سراج لـ"عربي21"، إن الطلبة يشتكون من طول فترات التقاضي التي لا تقل عن ستة أشهر في معظم الحالات، ما يفوت عليهم فرص استكمال الفصل الدراسي، مشيرة إلى أن بعض الطلبة "بقوا مفصولين لنحو عام ونصف قبل أن يُحكم لهم، أو ضدهم".
وأضافت أن هناك مادة قاسية في القانون المعدل الخاص بتنظيم الجامعات، وهي التي تتحدث عن "وجوب النظر في الشق الموضوعي قبل الشق المستعجل عند البت في الدعوى"، مؤكدة أن ذلك "يؤخر إجراءات التقاضي".
ويقول الطلاب إن حراكهم يطالب بحرية التعبير والتظاهر، ومحاكمة قتلة زملائهم، والإفراج عن المعتقلين، وعودة المفصولين، بحسب المتحدث باسم حركة "طلاب ضد الانقلاب" في جامعة الأزهر، محمود الأزهري.
واتسعت رقعة
المظاهرات الطلابية لتشمل كل جامعات مصر، احتجاجاً على اعتقال رموز الحراك الطلابي من قبل نظام السيسي، والإجراءات الأمنية والإدارية التي يصفها الطلبة بـ"التعسفية"، والتي شملت اقتحام قوات الشرطة لحرم الجامعات، وإطلاق الغاز المسيل للدموع، واستخدام طلقات الخرطوش والرصاص الحي، ما أدى إلى وقوع قتلى ومصابين.