إن المسار الثوري الحق الذى يعني ضمن مايعني الاستمساك بثورة
يناير أهدافا ومكتسبات، ويعي أن المعركة الحقيقية الآن هي معركة في مواجهة
الثورة المضادة التي صارت في الواجهة ومقاومة دولة الفساد العميقة التي صارت ظاهرة لا تخفى من تحالفاتها أو مصالحها الدنيئة ولا تخفي تحيزاتها لقوى ومصالح بعينها. المواجهة صارت على المكشوف بلا غطاء وصارت مصالح شبكة الاستبداد ومؤسسات الفساد يُعبر عنها بلا خجل أو كسوف، إنه الانقلاب الذي تحرك حينما هُددت مصالحه من ثورة شعبية غير مسبوقة، وشرارة وطاقة شبابية مُمكنة منصورة، إنه تجديد طاقة وشباب الصمود الذي يملك مؤشراته وحقائقه في صمود الشباب في مواجهة مسار أمني ومخابراتي لن يستقر له قرار ولن يعود، تداعينا على المقاومة والثورة صمود، تلاقينا بعد تجافينا صمود، واصطفافنا من بعد تفرق صمود وأي صمود.. الكتلة الحرجة للثورة لم تتآكل، واللحظة الحرجة لانتقال الثورة لم تتبخر ولن تتأخر.
كان هذا البيان عن" ثورة يناير فى الذاكرة والميدان"
في خضم أحداث جسام تمر بها
مصر والمنطقة العربية، وفي ظل تغول للباطل ينبيء باقتراب نهايته، وفي سياق تغييرات جذرية في أفكار الناس ومسلماتهم، تأتي الذكرى الرابعة لثورة يناير لتذكر كل من نسي وتقول له : إن الحقوق لا تضيع ما دام وراءها مطالب، وأن النصر يأتي مع الصبر، وأن جيلا جديدا قد ولد في يوم الخامس والعشرين من يناير 2011، وأن هذا الجيل لن يدخل زنزانة اليأس، ولن يقبل أن يصبح جيل (نكسة) جديد.
أربعة أعوام مضت على انطلاق الصرخة الأولى: "يا أهالينا انضموا لينا: قبل بلدنا ما تغرق بينا"..
أربعة أعوام مضت، وما زالت حناجر الشباب تهتف (عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية)..
أربعة أعوام مضت... سقط فيها آلاف الشهداء من سائر التيارات، وسجن فيها عشرات الآلاف من كل الطبقات، وجرح فيها عشرات الآلاف من جميع محافظات مصر... يجمع هؤلاء جميعا رغبتهم الصادقة في عيش كريم، في دولة لا سيد فيها ولا عبد.
تمر بنا هذه الأيام ذكرى الشرارة الأولى في ميدان التحرير في 25 يناير 2011..
وتمر بنا ذكرى انضمام الشعب للشباب في جمعة الغضب..
وتمر بنا ذكرى صمود الميدان في موقعة الجمل..
نتذكر صلواتنا وقداساتنا، وأولادنا يحمون بناتنا، وكبارنا مع صغارنا..
نتذكر أرغفتنا التي كفتنا رغم قلتها، وخلافاتنا التي تراجعت رغم حدتها..
نتذكر شهداءنا الذين ما زالت دماؤهم في أعناقنا بعد أن برأت قاتليهم يد الظلام، ونتذكر جرحانا بعد أن تنكر لهم اللئام..
وبعد ذلك... نتذكر انصرافنا جميعا من الميدان في الحادي عشر من فبراير، وهو الخطأ الأول والأكبر الذي وقعت فيه هذه الثورة العظيمة.
وستمر بنا بعد ذلك ذكريات أعوام أربعة، مرت بحلوها ومرها، وستجد هذه الذكريات بيننا ألسنة لا هم لها إلا إيقاظ الفتنة بين الثوار، وتأجيج الأحقاد بين المواطنين، وإشعال الحروب بين أهل البيت الواحد.
إن جميع المنضمين لبيان القاهرة يؤكدون أنهم ما زالوا واقفين في منتصف ميدان التحرير، رافعين راية الاصطفاف الوطني، لصالح الوطن لا لصالح حزب أو جماعة أو تيار.
يقفون في منتصف ميدان التحرير أمام جمال الحزب الوطني بعد أن احتلت الميدان، وقتلت الثوار، واعتدت على النساء والأطفال.
يقفون في منتصف ميدان التحرير بعد أن برأت المحاكم كل القتلة، وألقت بمن كانوا هنا في الميدان في غياهب السجون.
نتوجه لكل عاقل مخلص لهذا الوطن بنداء من القلب: توحدوا ضد الانقلاب العسكري الذي اضطهد الجميع، وقتل الجميع، وشرد الجميع، وصادر أموال الجميع، ولم يحافظ على كرامة أحد في مصر إلا كرامة من قامت ضدهم ثورة يناير.
نقف في منتصف ميدان التحرير لنقول لكل ثوار يناير ولكل أعداء ثورة يناير: (الثورة مستمرة).
حمل الراية جيل جديد، تعلم كيف يحمل الجثث قبل أن يحصل على حق التصويت في الانتخابات، وتعلم كيف يعيش في ظلمات السجون دون أن يتعلم كيف يعقد الصفقات، وتعلم كيف يهزم خوفه أمام الدبابة قبل أن يتعلم كيف تشكل الوزارات.
إن المنضمين لبيان القاهرة يقولون بأعلى الصوت إننا لم نكن في يوم من الأيام أقرب لأهدافنا الوطنية منا اليوم، ولكن أجهزة الدولة العميقة تتربص بنا آناء الليل وأطراف النهار.
نحيي صمود شعبنا... ونحيي جيلا جديدا يحمل الراية كما يحمل النيل الخير لغيطان مصر...!
نرنو إلى الأمام لنرى نور الفجر... ولا ننظر إلى الخلف إلا للاعتبار...!
نشد على أيادي سائر الذين سينزلون في هذا اليوم إلى الشوارع، ونقول لهم لا شيء في الدنيا يستطيع أن ينتزع حقكم في قول كلمة "لا"...!
نشد على أيادي سائر الذين يدعون إلى الاصطفاف ونقول لهم: وحدوا الجهود، وألفوا القلوب.
نتفهم مخاوف الذين يطمحون للاصطفاف نصرةً للثورة ولكنهم يخشون تكرار الأخطاء، ونقول لهم: لقد تعلمنا جميعا من كل ما مضى، ولن نسير إلا في طريق واضح يتفق عليه كل مؤمن بالثورة، لا غالب فيه ولا مغلوب من الثوار، ولا منتصر فيه إلا الوطن، ولا مهزوم فيه إلا الثورة المضادة.
نبشر الشعب المصري بأن نهاية حقبة الحكم العسكري التي امتدت لستة عقود مظلمة قد أوشكت على الانتهاء إلى الأبد.
عاشت ثورة يناير..
بيان القاهرة.
ها هي الثورة تعود، لا تفرق بين أحد. تتعرف على أبنائها الذين أخلصوا إليها وتعرف أن الشباب طاقتها الحقيقية وشرارتها الفاعلة، الشباب الذين قاوموا الظلم والانقلاب الذي تدثر مدعيا بتأييد شعبي يناور به ويكذب، يطلب به تفويضا ويحشد، وعلى قاعدة منه يعتقل ويقتل، تقول الثورة وهي تفتح أحضانها التي تسع الجميع "إنني أنحني لكل أمل أو عمل في سبيل حمايتي والحفاظ عليّ، في سبيل أن لا يقر قرار أو يستقر الحال لانقلاب غاصب أو طغيان غالب أو الخضوع لرضا مصطنع كاذب". ونادت الثورة على من توافدوا إليها تحتضنهم وتفتح الأذرع لكل أبنائها، اصمدوا فأنتم أهل الصمود، اصطفوا فأنتم أهل الاعتصام، وإذا فرقتكم حينا قوى أمنية لبطش قوتها فلا تتفرقوا في مواجهة طغيان أو جبروت، تستطيعون فقط إذا ما مارستم الانصاف أن تعملوا بجد واجتهاد للاصطفاف.. إنه حق الشهداء فاجتمعوا عليه، ومطالب شعب فانتصروا لها، ووحدة وطن فاستمسكوا بها، ثورة ستظل في الذاكرة وستبقى في الميدان.