بات رحيل الرئيس
اليمني عبدربه منصور
هادي من الحكم، مطلباً سياسياً يجمع عليه اليمنيون، وذلك لرفع الغطاء السياسي عن الانقلاب الذي قامت به جماعة "أنصار الله"
الحوثيين الشيعة، بالتحالف مع الرئيس السابق علي صالح، الموجود في سلطة لم يعد له فيها صلاحيات، وفقاً لمحللين.
وأثار انقلاب الحوثيين على الرئيس اليمني الذي تولى الحكم رسمياً في الانتخابات التوافقية التي جرت مطلع 2012، أسئلة عدة منها، ما طبيعة المرحلة المقبلة، بعد الانقلاب على هادي، والإبقاء عليه رئيساً شكلياً دون صلاحيات؟ لكن السؤل الأهم، هل بمقدور الحوثي السيطرة
على اليمن وحكمه؟
وتعليقاً على هذا الموضوع، أكد رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات نجيب غلاب أن "رحيل الرئيس هادي أصبح ضرورة، وذلك لأن استمرار هادي يظل إجباريا، ولا يخدم غير الحوثي إذا لم يتم تحرير العاصمة اليمنية من الميليشيات المسلحة، أما أن تظل كل مراكز السيادة رهينة لسلاح متمرد فليس إلا تأجيلا للخراب، بدون ذلك فإن الجميع شركاء في تدمير اليمن".
ودعا غلاب "كافة القوى الوطنية مع الجيش والأمن ومنظومات التكوينات اليمنية، بما في ذلك القبائل، العمل على ترتيب إخراجه من المشهد السياسي".
تهور وخيارات مراهقة
وأوضح غلاب في حديث لــ"عربي21" أن "الحركة الحوثية لن تتمكن من الاستيلاء على الحكم، وأيّ محاولة من هذا النوع ستدخلهم في حروب إنهاك طويلة، وهذا كفيل بتوقف كل ممكنات التنمية في اليمن، وبالتالي في مواجهة مباشرة مع الداخل والخارج، نتيجة تهور جماعة الحوثي، وخياراته المراهقة التي تدفع البلاد نحو نكبات كثيرة، وجحيم من الكوارث المتناسلة". على حسب وصفه.
ووفقاً لرئيس مركز الجزيرة العربية، فإن "الحوثيين لن يكون بمقدورهم ابتلاع البلاد، وسيختنقون، دون الحصول على أي شرعية من شعب مقاوم يبحث عن ثورة تعيد له كرامته".
ونوه غلاب إلى أن "اليمن بطبيعتها تركيبته معقدة، لا يمكن لأي طرف أن يحكمها منفردا، مهما بلغت قوته".
مرحلة مقبلة غير مستقرة
من جهة ثانية، رأى الكاتب والمحلل السياسي ياسين التميمي أنه "من السابق لأوانه، الحديث عن مرحلة ما بعد هادي، لأن الرئيس هادي لن يخرج من المشهد إلا إذا تعرض للتصفية، من قبل الثورة المضادة، وهي لا تريد أصلاً أن تظهر للعالم أنها قامت بالانقلاب، خصوصاً إذا لم يكن هناك غطاء من القوى المؤثرة الإقليمية والدولية".
وأضاف التميمي لــ"عربي21" أن "الحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي صالح، سيطروا على السلطة بشكل فعلي وكامل في 21 من أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، وما يزالون يعملون معاً حتى هذه اللحظة، لإكمال حلقات الانقلاب على السلطة القائمة، وما حدث خلال اليومين الماضيين، يُجسّد هذا الواقع".
وتوقع التميمي "انفراط عقد الشراكة بينهما، بسبب التقائهم على قاعدة الانتماء المناطقي والمذهبي، وبدواعي التكتل في وجه من يعتقد أنه أحدث تحولاً في طبيعة النظام السياسي وأنهى السيطرة المطلقة للحلف المناطقي المذهبي على السلطة"، وفق تعبيره.
ولفت الكاتب التميمي إلى أن "المرحلة المقبلة لن تكون مستقرة، نظرا لظهور ملامح جديدة في الصراع القادم حول من سيكون له اليد العليا في السلطة، هل هو السيد أم القبيلي، القحطاني أم الهاشمي، وخلافات على هذا الأساس يصعب التنبؤ بمآلاتها، خصوصاً وأن أطرافاً خارجية وداخلية سوف تغذي هذا الصراع".
وتُطلِق جماعة الحوثي مصطلح "السيد" للمنتمين للأسرة الهاشمية التي تدعي تفوقها في نسبها لكونها من ذرية النبي محمد عليه الصلاة والسلام، وماعدا ذلك فهم قبائل حسب زعمهم.
القوة لن تحمي الحوثيين
وفي هذا الموضوع، قال المحلل السياسي عبده غالب العديني إن "ما حدث في اليومين الماضيين، هو استكمال لعملية الانقلاب التي حصلت في 21 من أيلول/ سبتمبر من العام الماضي، ليس على مستوى الرئاسة والسلطة، بل على عملية التوافق التي جرت بين كافة القوى السياسية في محطات متعددة منها مؤتمر الحوار الوطني، وما تمخض عنها من شراكة سياسية، وصياغة دستور جديد للبلاد".
وعدّ السياسي اليمني العديني "فرض زعيم الحوثيين الثلاثاء، شروطا جديدة غير قابلة للتفاوض، لا علاقة لها بالشراكة الوطنية الحقيقية مع كل القوى، وإنما تجسد رغبته في الاستحواذ على السلطة". على حد تعبيره، مطالباً الجماعة بإكمال انقلابهم على السلطة و القيام بإعلان دستوري لإدارة المرحلة المقبلة، بعد رفضهم مشروع الدستور الجديد".
وأكد في حديث خاص لـ"عربي21" أن "القوة مهما بلغت ذروتها، لا يمكن أن تكون قادرة على إجبار المجتمع اليمني على نمط معين في الحياة السياسية، فالقوة لم تحم الرئيس السابق علي صالح الذي تنحى من الحكم تحت تأثير ثورة 11فبراير، ولا يمكن للقوة حماية الحوثيين، دون أن يكون هناك اتفاق لا يشعر أي مكون سياسي بأنه أجبر على الموافقة عليه".
ودعا المحلل العديني أحزاب اللقاء المشترك إلى "الانسحاب فوراً من السلطة، بعد فشلها في السابق، وإدراك طبيعة المرحلة المقبلة، عبر تبّني دور سياسي مغاير، يستغل إبقاء جماعة الحوثي الرئيس اليمني
عبد ربه منصور هادي، رئيسا للمرحلة المقبلة، رغم اتهامه له بالخيانة العظمي، والدفع بالأمور نحو مسار سياسي أخر". على حسب وصفه.