كتب باتريك كوكبيرن، مراسل صحيفة "إندبندنت" مقالا بعنوان "ستظل
الدولة الإسلامية صامدة، طالما فشل أعداؤها بالتوصل إلى خطة واحدة" .
ويقول الكاتب معلقا على سقوط بلدة عين العرب/
كوباني السورية، إن الجهاديين تكبدوا خسائر، لكن لا توجد أي إمارات عن حالة من التفكك.
ويضيف كوكبيرن: "لقد نجت الدولة الإسلامية من محاولات هزيمتها، لكنها لا تزال تسيطر على المناطق ذاتها في
العراق وسوريا، التي تفوق مساحتها مساحة بريطانيا العظمى. ومع أن أعداءها كثر، إلا أنهم متفرقون ولا خطة واضحة لديهم".
ويرى الكاتب أنه لا الجيش العراقي ولا السوري لديهما القوة الكافية لهزيمة الدولة الإسلامية. ولهذا فطالما بقيت فستستمر بالسيطرة على الأجندة السياسية والإعلامية، وتهدد الرأي العام بإعدام الرهائن.
ويعتقد كوكبيرن أن هذه الأحداث هي سياسة ممنهجة، كما هو حاصل مع الرهينتين الياباني والأردني، وتريد من خلالها الحصول على أكبر قدر من التغطية الإعلامية، وجذب متطوعين جدد.
ويتفق الكاتب مع القول بأن الدولة تعرضت لانتكاسات، حيث أجبرت على الخروج من بلدة عين العرب/ كوباني، التي تكبدت فيها خسائر فادحة من 700 غارة جوية، لكنها تقدمت في مناطق أخرى.
وتفيد الصحيفة بأن الدولة، بحسب تقارير، تسيطر على معظم سلسلة جبال القلمون، التي يعيش فيها مليون سوري.
ويشير التقرير إلى أنه في العراق حقق الجيش العراقي إنجازات حول بغداد، واستهدفت الدولة طائرة فوق مطار بغداد الدولي، ما أدى إلى جرح مسافرين، ووقف جزئي لحركة الملاحة في المطار.
ويبين كوكبيرن أن عملا كهذا سيعزل العاصمة بغداد، وسيعرض أمن المطار للخطر، حيث يمكن للدولة فعل هذا كلما أرادت.
ويلفت الكاتب إلى طبيعة الانتصارات التي حققتها الحكومة العراقية ضد الدولة، والتي جاءت نتائج لمعارك خاضتها ميليشيات طائفية.
ويذكر التقرير أن الجيش العراقي يعاني من مشكلات دائمة، وتقول مصادر عراقية إن الكتائب، التي يبلغ تعداد جنود الواحدة ثلاثة آلاف جندي، لا يوجد منهم سوى مئات على خطوط القتال.
وفي سياق آخر، يقول الكاتب إن القوات الكردية، التي تقدمت في شمال العراق، لن تهاجم أبدا مدينة الموصل؛ لأن هذا سيغضب السنة بشكل عام.
ويعتقد كوكبيرن أن فشل الجيش العراقي في إعادة تشكيل قواته سببه أن الهزيمة النكراء التي تعرض لها صيف العام الماضي، تركت آثارا سياسية وعسكرية كبيرة. ففي حال استمرت حكومة بغداد بالاعتماد على الميليشيات الطائفية فمن الصعوبة بمكان حصولها على دعم السنة.
ويشير الكاتب إلى مظاهر التطهير الطائفي، وطريقة معاملة الميليشيات للسنة باعتبارهم عناصر في الدولة الإسلامية.
ويوضح التقرير أنه تم تطهير قرى في ديالي والحلة من سكانها السنة، بعد خروج مقاتلي الدولة منها. وبسبب عدم توفر القوات العراقية الكافية للحفاظ على الأراضي فإنها تقوم بتسليمها لقادة الميليشيات المحلية.
ويؤكد الكاتب أهمية وجود جيش عراقي بحضور سني واضح لاستعادة الموصل، ويجد أن غياب الاستراتيجية هو وراء تعزيز قوة الدولة الإسلامية، ففي شهادة للجنرال المتقاعد جيمس ماتيس، أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس، قال إن موقف الولايات المتحدة في الحرب ضد الجهاديين هو عبارة عن "استراتيجية حرة".
وأضاف ماتيس أن أهداف الولايات المتحدة في
سوريا غير واضحة، ولم يعد الوقت مناسبا لتقديم الدعم للمعارضة السورية المعتدلة، فقد أصبحت هذه المعارضة تحت سيطرة الدولة الإسلامية ومنافستها جبهة النصرة. مبينا أن بشار
الأسد يفقد منافع عسكرية مهمة في قتال المتمردين المتشرذمين، حيث يبلغ عدد الجماعات المعارضة 1200 فصيل، بحسب الصحيفة.
وينتقد الكاتب السياسات الأمنية والعسكرية والسياسية للغرب، التي تتناقض فيما بينها. فهدف الولايات المتحدة وحلفائها هو هزيمة الدولة الإسلامية والإطاحة بنظام الأسد، ولكن انهيار نظامه قد يفتح الباب أمام وصول الدولة الإسلامية أو جبهة النصرة إلى السلطة.
ويشير كوكبيرن إلى تصريحات رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، التي نقلتها عنه صحيفة "إندبندنت"، وجاء فيها أن تركيا لا تستطيع إغلاق حدودها الطويلة مع سوريا، ما يعني استمرار تدفق الجهاديين، الذين زاد عددهم منذ تشرين الأول/ أكتوبر من 15 ألفا إلى 20 ألفا، نسبة الخمس منهم جاءت من دول أوروبا.
ويرى الكاتب أن خسارة الدولة لعين العرب/ كوباني لا تعد علامة ضعف، خاصة أنها صمدت لعدة أشهر، وقاتلت المقاتلين الأكراد، وواجهت غارات جوية أمريكية مستمرة. كما أن خسارة الدولة لا تعني نهايتها، فهي دولة قائمة على أيديولوجية تؤكد على الشهادة، ومن هنا فمقتل عدد كبير من قادتها يعني أنهم كانوا يقاتلون على الخطوط الأمامية.
ويختم كوكبيرن مقاله بالإشارة إلى تأكيدات الرئيس الأمريكي باراك أوباما على خيار العراق أولا، كونه الهدف الرئيسي للجهود الأمريكية، ويستدرك الكاتب بأنه دون إعادة بناء الجيش العراقي فمن الصعوبة هزيمة الدولة الإسلامية، وطالما بقيت فستظل حملاتها الإعلامية مستمرة.