ساد شعور بالارتياح الواضح مختلف تيارت المجتمع السعودي عقب
القرارات الجديدة من
الملك سلمان ابن عبدالعزيز مساء أمس الخميس.
ورغم تنوع توجهات الوزراء الجدد في الحكومة
السعودية، إلا أن التيار الإسلامي كان الأكثر سعادةً بقرارات الملك، حيث اعتبر جل الدعاة السعوديين أن الملك سلمان بدأ بسحب البساط من تحت أقدام الليبراليين و"السلفية
الجامية" بعد أن كان لهم النصيب الأكبر في عهد الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز.
واعتبر العديد من المحللين أن قرارات الملك سلمان اتسمت بالذكاء والحنكة السياسية، حيث استطاع إلى حد كبير إرضاء الأطراف والتيارات جميعها في المملكة، إضافةً إلى كسبه قلوب الشعب بصرف راتبين لموظفي الدولة جميعهم، ومكافأتين لطلبة الجامعات جميعهم، وإصدار قرار بالعفو عن سجناء الحق العام والسجناء المدينين بمبالغ لا تتجاوز نصف مليون ريال.
ولم تخل آراء الإسلاميين بحسب ما رصدتها "عربي21" من التحفظ على بعض الحقائب الوزارية التي أعطاها الملك لأشخاص ليبراليين، ومن أبرزها وزارة الثقافة والإعلام التي سُمي مدير قناة العربية السابق عادل الطريفي وزيراً لها.
وكانت المفارقة أن القرار الملكي الأكثر إثارة لارتياح الإسلاميين، هو إقالة رئيس الهيئة العامة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عبداللطيف آل الشيخ من منصبه، حيث عبر العديد من الدعاة عن فرحهم العظيم بإقصاء آل الشيخ عن منصبه الذي سخَّره لـ"محاربة أعضاء الهيئة"، وفق قولهم.
وما يبرر فرح الإسلاميين بإقالة آل الشيخ تسببه بفصل العديد من عناصر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونقل آخرين نقلاً تعسفياً لمناطق بعيدة، بالإضافة لانحيازه التام لخصوم الهيئة في الأحداث التي جرت في عهده، وفقاً لمراقبين.
وعبر بعض عناصر الهيئة عن فرحهم بإقالة آل الشيخ بالخروج في مواكب بسيارات الهيئة وسجودهم في الشوارع شكراً لله، كما قام بعضهم باستئجار قاعة أفراح لاستقبال المهنئين بـ"خلع" آل الشيخ، وفق تعبيرهم.
ورغم إقالة آل الشيخ ووزير الأوقاف وشؤون المقدسات الإسلامية سليمان أبا الخيل المحسوبين على ما يُعرف بـ "التيار الجامي"، إلا أن رموز التيار في السعودية أظهروا رضاهم عن قرارات الملك.
"عربي21" ترصد هنا عدداً من التغريدات لأبرز الشخصيات في المملكة العربية السعودية التي يعد موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" وسيلة التعبير الأبرز فيها. فقد غرد أستاذ الفقه في جامعة أم القرى محمد السعيدي بصفحته في "تويتر" قائلاً: "في قرارات البارحة مد الملك الجسور مع الجميع رغبة في جمع الكلمة وإشاعة اللحمة ورأب الصدع بين أبنائه فهل يمكننا جميعاً أن ندرك ذلك؟".
وبارك الناشط والأكاديمي محمد الحضيف قرارات الملك، مغرداً: "من أهم ملامح الأوامر الملكية المضيئة، أنها اجتثت عناصر كرَّست "المكارثية" وسلوك المخبرين كثقافة، فتقاطر حولها طوابير من المرتزقة وتجار الذمم".
بدورهم بارك الليبراليون السعوديون قرارات الملك بشكل حذر وخجول في بعض التغريدات، في حين رضي بعضهم بالقرارات بشكل كامل نظراً لوجود عدد من الوزراء والمسؤولين المحسوبين على التيار الليبرالي.
وغرَّد الكاتب الليبرالي السعودي محمد العمر قائلاً: "الانطباع الأساسي لأول وهلة: الفرحون أولاً هم المستاؤون آخراً، والمستاؤون أولاً هم الفرحون آخراً"، في إشارة منه إلى فرح الإسلاميين بعد القرارات.
ولاحظت "عربي21" عزوف السعوديين عن الحديث حول إعفاءات الأمراء من مناصبهم، لا سيما أبناء الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وتركيز حديثهم حول المكافآت المالية، والتغييرات الوزارية.
بعض الدعاة البارزين لم يخوضوا بشكل مفصل في القرارات الملكية، واكتفوا بإطلاق تغريدات امتدحوا خلالها العاهل الجديد الملك سلمان بن عبدالعزيز، مستبشرين بالخير في قادم الأيام، وفق قولهم.
وغرد الداعية محمد العريفي: "بسم الله أفتتح وسم:
#شكراً_للملك_سلمان، الحمد لله أن وفقه لهذه الأوامر الملكية، ربِّ أعِن الـمُعيّنين، ووفقهم للخير، وانفع بهم، واجعلهم مباركين".
وكتب الداعية سلمان العودة: "الحركة بركة ..تحديث طال انتظاره. اللهم وفق المسؤولين الجدد لخدمة الناس واجعلهم أهلاً للأمانة التي حُمِّلوها".
ولعل أبرز ما دلل على اقتحام الملك سلمان لقلوب السعوديين بسرعة فائقة،
تغريدته التي نشرها عقب انتهاء القرارات الملكية، والتي حظيت بأكثر من 230 ألف "ريتويت" خلال أقل من 5 ساعات؛ محطمة بذلك أرقاماً قياسية كثيرة في عالم "تويتر".
والتغريدة هي: "أيها الشعب الكريم: تستحقون أكثر، ومهما فعلت لن أوفيكم حقكم، أسال الله أن يعينني وإياكم على خدمة الدين والوطن، ولا تنسوني من دعائكم".
يُذكر أن العاهل السعودي الجديد الملك سلمان بن عبدالعزيز لم يمض على تسلمه مقاليد الحكم في السعودية سوى 5 أيام، إلا أن زخم الأحداث والقرارات مكَّنته من فرض نفسه على أطياف المجتمع السعودي كافة.
ورأى مراقبون أن عفواً متوقعاً عن بعض الإصلاحيين والدعاة المعتقلين سيعزز حالة التفاؤل بالعهد الجديد، وإن لم يُلمس تركيز على هذا الأمر، ربما لاعتبارات عدم التسرع، كما فُهم من تغريدات أطلقها قبل أيام الداعية والناشط السعودي المعروف محسن العواجي.