تباينت الآراء والمواقف السياسية في
اليمن إزاء إمهال جماعة أنصار الله (
الحوثيين) القوى السياسية الأخرى ثلاثة أيام لإنهاء أزمة الفراغ في الرئاسة والحكومة، والتلويح بتفويض اللجان الثورية التابعة لها بحسم الأزمة.
ويأتي هذا الإعلان متزامناً مع فشل المشاورات السياسية التي يجريها المبعوث الأممي جمال بن عمر، بين مختلف الأحزاب اليمنية، منذ أيام، في التوصل إلى حل للأزمة الناجمة عن استقالة الرئيس
عبد ربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح، الأمر الذي جعل اليمنيين يطرحون تساؤلا مهما حول دلالة إمهال الحوثيين للقوى السياسية اليمنية فقط لسد الفراغ السياسي الذي تعيشه اليمن منذ استقالة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي.
خيارات انتحارية للحوثيين
وحول هذا الأمر، أوضح القيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام عادل الشجاع أن "جماعة الحوثي تعيش حالة من التخبط والارتباك، ووضعت نفسها حالياً أمام خيارين: الأول سياسي وهو الأضعف، والآخر عسكري وهو الأقوى، بدليل أن التجمع الشعبي الذي عقده الحوثيون، لم يستطع حسم أزمة استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، بل جرى التمديد له على أمل حدوث توافقات سياسية تنقذهم من الورطة التي يعيشونها"، على حد قوله.
وأضاف الشجاع في حديث خاص لـ"عربي21"، أنه "يبدو أن الحوثيين، أو ما يسمى اللجان الشعبية تريد الشراكة على المستوى النظري، بينما يظل الواقع خاضعاً لسيطرتها".
وأشار القيادي في حزب المؤتمر إلى أن "الحوثيين ليس لديهم قراءة واقعية على المستوى السياسي والاقتصادي، والمخاطر المحتملة في حال اتخذوا أي إجراءات من شأنها تجاوز الحلول الدستورية لملف الفراغ الدستوري الذي تعيشه البلاد منذ أكثر من نصف شهر تقريباً".
ورأى القيادي في حزب المؤتمر عادل الشجاع أن "خيارات الحوثيين ستكون انتحارية، إذا ذهبوا خارج الأطر الدستورية، لحسم استقالة الرئيس هادي، الذي قد يدفع كل القوى للاتجاه نحو هذا المنحنى الخطير الذي يحفظ لكل طرف خيارات القوة"، في إشارة إلى البرلمان اليمني المؤسسة الدستورية الوحيدة التي ما تزال قائمة في اليمن.
وبحسب الدستور اليمني، فإن رئيس البرلمان يصبح الرئيس الفعلي للبلاد، في ظل أغلبية لحزب الرئيس السابق علي صالح، تجعله متمسكاً بحسم ملف استقالة هادي عن طريق مجلس النواب.
وبرر القيادي في حزب صالح "انسحاب الحزب من جلسات الحوار التي يرعاها المبعوث الأممي لليمن جمال بنعمر في صنعاء، بأنه "لا يريد تجاوز الإجراءات القانونية"، لكنه نوه إلى أنه "مستعد للموافقة على أي تسوية سياسية لسد الفراغ الدستوري والسياسي الحاصل في البلاد، بشرط أن يتناغم مع المسارات الدستورية".
ولفت بأن "الحوثي لم يلتقط فرصة اللجوء لحسم ملف الفراغ السياسي إلى القنوات الدستورية، الذي يجسد غياب القراءة السياسية الدقيقة لدى الحوثيين لهذا الأمر".
وانسحب ممثلو حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يرأسه الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح رفضاً لما سموّه "الخروج عن الدستور اليمني"، مشددين على ضرورة التمسك بالحل في إطار "المؤسسات الدستورية"، فيما يخص البتّ في استقالة الرئيس.
بيان غير موفق
من جهته أكد القيادي في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري محمد مسعد الرداعي أن "بيان الحوثيين الذي أمهل القوى السياسية ثلاثة أيام، لم يكن موفقاً فيه، في ظل عملية الحوار الجارية لاستيعاب مخاطر انزلاق الوطن نحو العنف، نتيجة الفراغ الناتج عن استقالة الرئيس هادي".
وقال الرداعي في حديث خاص لــ"عربي21"، إن "الحزب الناصري، طرح خيارين لتسوية هذا الملف، أولهما إقناع الرئيس هادي بالعدول عن استقالته، والآخر التوصل إلى صيغة توافقية لسد الفراغ مع مختلف القوى السياسية بعيدا عن لغة الخطاب السياسي الذي يرتكز على ثقافة الإقصاء وغياب الشراكة".
ووفقاً للقيادي في الحزب الناصري، فإن "النظرة إلى المكاسب السياسية التي سادت جلسات الحوار في صنعاء، خلال الساعات الماضية، ليست طريقا مناسباً لتجاوز المعضلة التي تمر بها اليمن"، داعياً جميع القوى السياسية "للتعامل بجدية في هذا الإطار".
وبين القيادي الناصري الرداعي أن "الحوارات التي جرت في صنعاء، أظهرت تعاملا غير مسؤول من بعض القوى التي تتمسك بالشرعية الدستورية، وأخرى تتمسك بالشرعية الثورية التي تجعل الجميع يدور في حلقة مفرغة قد تزيد من هوة الاحتقان السائد على حساب مصلحة الوطن"، وفق تعبيره.
اللقاء المشترك يعلق حواره مع الحوثي
وفي هذه الأثناء، أعلنت أحزاب اللقاء المشترك اليمني تعليقها الحوار مع الحوثيين التي يرعاها مبعوث
الأمم المتحدة لليمن جمال بنعمر، بعد أن وصلت إلى طريق مسدود وفشل تلك المشاورات.
وقال أمين عام التنظيم الوحدوي الناصري عبد الله نعمان في وقت سابق أنهم"لم يصلوا لأي نتيجة في جلسات التفاوض التي عقدت خلال الأيام الماضية".
وكان التجمع الشعبي الذي نظّمته جماعة الحوثي الشيعة مع حلفائها، أعلن الأحد، إمهال القوى السياسية الأخرى ثلاثة أيام لإنهاء أزمة الفراغ في الرئاسة والحكومة، مهددة بتكليف "القيادة الثورية" بحسم الأزمة.
ويأتي هذا الموقف في ختام التجمع الذي استمر ثلاثة أيام، وشارك فيه حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وقبائل متحالفة مع الحوثيين، إضافة إلى عدد من القيادات العسكرية والأمنية المتحالفة معهم.
ويعيش اليمن منذ أكثر من عشرة أيام دون رئيس ولا حكومة، ما زاد المخاوف من انتشار حالة فوضى معممة في هذا البلد.
وسيطر الحوثيون في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي على دار الرئاسة، ثم أبرموا اتفاقا جديدا مع الرئيس هادي، لكنه فشل مجددا، ما دفع بالرئيس إلى الاستقالة مع الحكومة.