ما أن سربت وسائل إعلام إسرائيلية خبرا عن نية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين
نتنياهو زيارة
الحرم الإبراهيمي ومستوطنات
الخليل جنوب الضفة الغربية، حتى سارع
الفلسطينيون إلى التحذير من تداعيات الزيارة، معلنين عن إدانتهم لأي خطوة من هذا القبيل.
اقتحام نتنياهو للحرم الإبراهيمي وفق ما نشرته وسائل الإعلام العبرية، سيكون في العاشر من آذار/ مارس المقبل، قبل أسبوع واحد من موعد الانتخابات المقررة، يرافق ذلك زيارة إلى المستوطنات في محافظة الخليل.
يأتي هذا الاقتحام المزمع بعد عودة نتنياهو من الولايات المتحدة المقررة في الرابع أو الخامس من آذار، لأغراض انتخابية في ظاهر ما أعلن عنه، ومحاولة لجذب أصوات المستوطنين إلى الليكود على حساب "البيت اليهودي".
وهناك من يرى أن هذه التسريبات أكبر من كونها دعاية انتخابية ولها أبعاد خطيرة عدة، وهذا ما ذهب إليه أستاذ العلوم السياسية أيمن يوسف، الذي قال لـ"عربي21": "إن ذهاب نتنياهو لمدينة الخليل "البلدة القديمة والحرم الإبراهيمي"، في سياق حملته الانتخابية لانتخابات الشهر المقبل، هي بالتحديد إرضاء لليمين المتشدد داخل حزب الليكود بما فيها الأجنحة الاستيطانية.
وتابع أن ذلك يهدف إلى "إرسال رسالة للفلسطينيين مفادها أن باستطاعته أن يفاوض من نقطة الصفر، فدخوله إلى أكبر تجمع سكاني للفلسطينيين (عدد سكان محافظة الخليل620.417 نسمة) كأنه يقول إنه يستطيع التحرك أينما يريد في العمق الاستراتيجي داخل الدولة الفلسطينية، وإن بإمكانه التصعيد على الأرض إذا بقي الجانب الفلسطيني مصرا على الذهاب للمحافل الدولية".
وأضاف يوسف، أن نتنياهو يوجه رسالة للأمريكان؛ بأن باستطاعته خلط الأوراق مع الفلسطينيين، لا سيما أن إدارة أوباما تسعى لتهدئة الظروف الميدانية في آخر سنتين من عمرها.
واستبعد أن "يكون للاقتحام المزمع تداعيات كما حدث بعد اقتحام أرئيل شارون للقدس عام 2000، لاختلاف الظروف والمكان، كما أن السلطة غير معنية بالتصعيد لعدم إعطاء أهمية للزيارة حتى لا تعتبر نقطة لصالح نتنياهو في الانتخابات".
دعم الاستيطان
فيما اعتبرت النائب في المجلس التشريعي عن محافظة الخليل، سميرة حلايقة، أن الهدف من الاقتحام من قبل شخصية اعتبارية هامة "نتنياهو" هو تكريس الاستيطان بشكل أكبر في المناطق التي يتم بها الاحتكاك.
وأضافت في حديثها لـ"عربي21"، أن الشيء الثاني المرجو تحقيقه، اعتبار ذلك إنجازا في الانتخابات المقبلة، حيث يؤدي إلى زيادة الدعم له من جموع المستوطنين.
أما بالنسبة للموقف الفلسطيني من الاقتحام إن تم، فأعربت عن اعتقادها بمروره بشكل اعتيادي في ظل استمرار الزيارات المشابهة.
ونوهت الحلايقة إلى أن الخليل مرتبطة بـ"برتوكول الخليل" ضمن اتفاقية أسلو، الذي "أعطى لليهود الحق الكامل بالبلدة القديمة وحددها حسب البرتوكول، وهي حارة الشيخ وباب الزاوية؛ معربة عن اعتقادها أن الاستيطان سيتسع وبشكل كبير جدا بالبلدة القديمة، فالبؤر الاستيطانية بالبداية كانت عبارة عن طابق واحد في منزل أما الآن فيتجه التوسع أفقيا وعموديا، وهذا يحتاج إلى موقف دولي وموقف من السلطة الفلسطينية.
الاستيطان بدأ في الخليل
بدوره قال مدير عام مركز أبحاث الأراضي جمال طلب، إن "الخليل مستهدفة من قبل الاحتلال مثلها مثل القدس وكل شبر بفلسطين مستهدف، لكن هناك اعتبارات وادعاءات وارتباطات تاريخية ودينية بالخليل تفوق القدس، وبالتالي ذريعة وجودهم بفلسطين تتمحور بالخليل والقدس".
وأضاف: من ناحية ثانية، الخليل أول مدينة بدأ الاستيطان فيها منذ عام 1967عندما قامت مجموعة من اليهود تحت حجة أنهم سياح بتخطيط لإنشاء مستوطنة "كريات أربع"، والتي أطلق عليها "النقطة الأخرى"؛ منوها إلى أن اتفاقية الخليل التي وقعها نتنياهو مع السلطة الفلسطينية تنص على فتح شارع الشهداء وتسليم كراج الباصات، وتسليم مواقع مهمة، لكنه لم يلتزم بها.
ونوه طلب في حديثه لـ"عربي21"، أن حكومات الاحتلال المتعاقبة وبينها حكومة نتنياهو ما زالت منذ القدم وحتى اليوم تنظر للبلدة القديمة بالخليل بأنها تقع ضمن المنطقة المصنفة (H2) إلى جانب وجود أربع مستوطنات بداخل البلدة القديمة باحتكاك مباشر مع السكان، وآخرها بمنطقة تل.
ومنذ بداية عام 1997، في أعقاب بروتوكول الخليل، تم تقسيم المدينة إلى قسمين: H1 و H2. منطقة H1 فيها نحو 140 ألف فلسطيني، انتقلت لتكون تحت السيطرة الفلسطينية. منطقة H2، فيها نحو 30 ألف فلسطيني و500 مستوطن يعيشون في أربع مستوطنات، بقيت تحت سيطرة الجيش الإسرائيلي.
وأكد، أن القيادات الإسرائيلية تتسابق نحو كسب أصوات اليمين بمزيد من العنصرية والتطرف والاستيطان بمدينة الخليل والقدس، وما يقوم به نتنياهو من اقتحام لمدينة المسجد الإبراهيمي، هو استفزاز جديد يركز على أن هذه القيادة لا تبحث عن سلام وتسعى فقط لتكريس تواجدها وتكريس الاستيطان ومصادرة كافة الأملاك الفلسطينية، وحتى مصادرة التاريخ الفلسطيني والتراث والأماكن الدينية.
وأوضح طلب بقوله: "حتى مجزرة الخليل التي قام بها المجرم غولد اشتاين عام 1994 فبدلا من معاقبة المجرم تم فرض حظر للتجول مدة 40 يوما، وثم تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين ما بين جزء للمسلمين وجزء لليهود، فضلا عن البوابات التي يضعها جنود الاحتلال، كما أن المكان المخصص للمسلمين يغلق أمامهم بالأعياد والمناسبات اليهودية، وهذه الأنشطة الاحتلالية الاستيطانية تهدف إلى إنهاء الوجود الفلسطيني بأي بقعة فلسطينية وتكريس الوجود الإسرائيلي".
ووفقا لإحصاءات مركز أبحاث الأراضي، يوجد بالخليل 45 مستوطنة وحوالي 22 بؤرة استيطانية في كافة المحافظة، وأبرزها مستوطنة "كريات أربع" ومستوطنات كبيرة أخرى و4 بؤر استيطانية، والمستوطنون المتواجدون داخل المدينة لا يتجاوز عددهم 500 مستوطن يحرسهم أكثر من 1500 جندي، بينما في مستعمرات "كريات أربع" يتجاوز عددهم 3000 مستوطن.
استبعاد زيارة الحرم
وكان رئيس دولة الاحتلال رؤوفي ريفلن، اقتحم مدينة الخيل مطلع الشهر الحالي، وزار مستوطنة "كريات أربع" المحاذية للمدينة بالإضافة إلى المسجد الإبراهيمي.
وافتتح متحفا للمستوطنين في البلدة القديمة بالخليل والتي يسيطر عليها المستوطنون بحماية جيش الاحتلال الإسرائيلي. ونقلت صحيفة "يديعوت احرنوت" عن ريفلن زعمه أن الخليل إحدى المدن "الشاهدة على عراقة الوجود اليهودي في فلسطين منذ آلاف السنين".
يذكر أن صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية رجحت زيارة نتنياهو لمناطق في الخليل لكن استبعدت وصوله إلى الحرم الإبراهيمي.
ونقلت "هآرتس" عن منظمي الزيارة قولهم إن احتمالات إجراء الزيارة ضئيلة، فعدا عن التكاليف الباهظة من جانب الترتيبات الأمنية، يخشى المنظمون أن يواجه نتنياهو احتجاجات من المستوطنين.
يذكر أن اقتحام نتنياهو المزمع للحرم الإبراهيمي يأتي تزامنا مع الذكرى الـ21 لمجزرة الحرم، التي وقعت في 25 شباط 1994، ونتج عنها 50 شهيدا، وأصيب خلالها العشرات من المصلين الآمنين بجروح متفاوتة.