رفض الرئيس الاميركي باراك اوباما منذ انتخابه استخدام عبارات عمومية مثل "الحرب على الارهاب" او "
التطرف الاسلامي". هذا الموقف يعود الى أكثر من سبب من ابرزها رغبته في ألا يبدو مثل سلفه جورج بوش الذي اثار جدلا كبيرا حين استخدم عبارة "الاسلام الفاشي". اعلان البيت الابيض عن قمة بعنوان "مواجهة التطرف العنيف"، فجّر من جديد النقاش الحاد حول
المصطلحات التي يجب ان تستخدم في الحرب على "داعش"، او التطرف العنيف، او الاسم الاكثر شيوعا في العالم: مكافحة الارهاب، أو "التطرف الاسلامي".
هاجس ادارة اوباما بتفادي ذكر الدين الاسلامي حتى عندما يسيء الارهابيون تأويله أو استغلاله دفعها الى اصدار بيان استغربه الكثيرون عن ذبح "داعش" 21 مصرياً مسيحياً، لمجرد انهم مسيحيون، اذ وصفهم سفاحو "داعش" بـ"الصليبيين". بيان البيت الابيض لم يتضمن كلمات مثل: مسيحي او قبطي، او الاشارة الى الاسلام. البيان لم يذكر "الدولة الاسلامية" واكتفى بذكر "داعش".
أوباما ومستشاره يقولون إن ذكر الاسلام حتى في عبارة مثل "التطرف الاسلامي" يوحي بأن التطرف موجود بمعظمه في أوساط المسلمين، بينما هناك جماعات ارهابية اخرى. وزير العدل اريك هولدر يرى ان مصطلحات مثل "التطرف الاسلامي ليس لها تأثير على ما نحاول ان نفعله".
منتقدو اوباما ومستشاروه يقولون ان هؤلاء يتجاهلون حقيقة كون العنف الذي تمارسه "داعش" او القاعدة وغيرها من المنظمات التي تسمي نفسها "اسلامية" والناشطة في دول عدة ذات أكثرية مسلمة، انما تفعل وهي تلف نفسها بعباءة اسلامية وتبرر دمويتها بتأويلات متطرفة للنص القرآني والحديث.
ويضيفون ان إنكار حقيقة كون معظم ضحايا الارهاب اليوم في العالمين العربي والاسلامي وفي الغرب سقطت بأيدي تنظيمات او افراد يدعون انهم مدفوعون باعتبارات اسلامية، أو للثأر من الذين يعتقدون انهم اذلوا المسلمين أو دنسوا مقدساتهم.
قبل ايام نشر المعلق روجر كوهين في صحيفة "النيويورك تايمز" -وهو المعروف بموضوعيته وعمق تحليلاته- عمودا بعنوان "الاسلام والغرب في حال حرب"، اثار فيه بعض الاسئلة المحرجة للمسلمين والغربيين معا. ورأى كوهين ان وصف المسلمين المتطرفين بانهم يمثلون "ايديولوجية مظلمة" كما فعلت رئيسة وزراء الدانمارك هو كلام فارغ. ويضيف ان هناك عشرات الملايين في دول مثل العراق وسوريا وباكستان وافغانستان واليمن يعتقدون انهم في حال حرب مع الغرب. كوهين تطرق الى اسباب العداء كما يراها المسلمون: دعم اسرائيل، غزو العراق وغيرها، لكنه يرى ان غياب الحكم الصالح في الدول العربية وضعف المؤسسات والمذهبية والبطالة هي اسباب اكثر اقتناعاً. مقال كوهين هو دعوة للجميع لنقاش صريح والتخلي عن انكار الواقع.
(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)