قال علماء بريطانيون، إن حالات إصابة بسلالة جديدة من مرض
الملاريا المقاومة للعقاقير ظهر على الحدود بين
ميانمار والهند، وهو ما ينذر بتهديد خطير يستهدف دول العالم.
وأوضح الباحثون من جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة، في دراستهم التي نشروا تفاصيلها اليوم السبت، في دورية "لانسيت" العلمية، أن تحليل عينات دم أخذت من 940 مصابا بالملاريا من أكثر من 55 موقعا في ميانمار، أظهرت أن مقاومة المرض للعلاج تنتشر في جميع أنحاء البلاد.
ورصدت الدراسة ظهور السلالة المقاومة للعقاقير في منطقة" ساجانج" التي تقع على بعد 25 كيلومترًا من الحدود مع
الهند.
وقال الباحثون إن الملاريا المقاوم للعقاقير على وشك الدخول إلى الهند، حيث وصفوا التطورات الأخيرة في ما يتعلق بمقاومة المرض للأدوية بأنها "مقلقة".
وحذر الباحثون من أنه عند دخول طفيل الملاريا المقاوم للعقاقير إلى الهند المجاورة لميانمار، فإن ذلك من شأنه أن يشكل تهديدًا خطيرًا على جهود مكافحة واستئصال الملاريا على الصعيد العالمي.
وأشاروا إلى أن التاريخ يعيد نفسه، حيث حدث ذلك قبل 50 عامًا، عندما ظهرت سلالات من الملاريا المقاومة لعقار "الكلوروكين" في آسيا، وانتشرت من ميانمار إلى الهند، ومن ثم إلى بقية العالم، وخلف المرض ملايين القتلى.
ووصلت الملاريا إلى أفريقيا بعد 17 عاما فقط من الظهور في جنوب شرق آسيا، وخلفت وراءها مئات الآلاف من القتلى، معظمهم من الأطفال دون الخامسة.
وذكر الباحثون أن السلالة الجديدة من الملاريا التي ظهرت في ميانمار، تقاوم عقار "أرتيميسينين"، وتواصل الانتشار منذ أن ظهرت للمرة الأولى في جنوب شرق آسيا.
ورغم أن معدل الوفاة جراء الملاريا تراجع منذ عام 2000 وحتى الآن، إذ إن عدد الوفيات بلغ جراء الإصابة 584 ألف حالة، وهو نصف العدد المسجل قبل بداية تلك الفترة، فإن مقاومة المرض لعقار "أرتيميسينين" تشكل تهديدا بتبدد كل الجهود التي أسهمت في تراجع الإصابة بالمرض.
وقال الدكتور "تشالرز وودرو"، أستاذ الطب بوحدة الأمراض الاستوائية بجامعة أوكسفورد بالمملكة المتحدة، وقائد فريق البحث: "اكتشفنا مقاومة المرض لعقار أرتيميسينين بالقرب من الحدود مع الهند، ما يهدد بتوسع في انتشار المرض قد تشهده البلاد في المستقبل في الهند وجميع دول الجوار".
وأضاف "وودرو" أن انتشار الملاريا في الهند من الممكن أن يسفر عن آثار بالغة الضرر للمناطق الريفية، ومن الممكن أن يشكل انتشار هذا المرض الطفيلي أزمة حقيقية في ضوء توافر عدد محدود جدا من الأدوية المعالجة له".
من جانبه، قال "فيليب جويري"، رئيس الشبكة الدولية لمكافحة مقاومة الملاريا للأدوية، إن "هذه الدراسة تنبه الجميع إلى أن سرعة انتشار مقاومة الملاريا أو ظهور تلك المقاومة أصبح أمرا مقلقا".
وأضاف: "نحتاج إلى المزيد من الجهود الدولية المضنية، للتعامل مع هذه المشكلة التي ظهرت في تلك المناطق الحدودية".
وقال الدكتور "مايد تيرنر"، رئيس قسم العدوى والمناعة بمؤسسة "ويلكام ترست الطبية الخيرية" بالمملكة المتحدة، إن "هذا البحث الجديد يظهر أن التاريخ يعيد نفسه، فيما يتعلق بتكوين المرض مقاومة ضد عقار "أرتيميسينين"، الذي يعتبر ركيزة أساسية للعلاجات الحديثة للملاريا، وهي المقاومة التي بدأت في الظهور في ميانمار".
وينتج مرض الملاريا عن الإصابة بكائن طفيلي اسمه "المتصورة"، ينتقل عبر بعوض "الأنافوليس"، وهو خطر عالمي يكثف المجتمع الدولي جهوده لمقاومته.
وفي عام 2012، حدثت 207 ملايين إصابة بالملاريا، أدت إلى موت 623 ألف شخص، منهم 482 ألف طفل أعمارهم أقل من خمس سنوات، مما يعني موت 1300 طفل يوميا وبمعدل طفل واحد كل دقيقة حول العالم، وفقا لإحصائيات منظمة الصحة العالمية.
وتشير الأرقام إلى أن 90% من الوفيات الناجمة عن الملاريا تحدث في القارة الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، ويوجد في العالم 3.4 مليار شخص يتعرضون لخطر الإصابة بالملاريا، منهم 1.2 مليار في فئة الخطر المرتفع.