اعتقلت قوات الشرطة في
الجزائر، اليوم، عشرات المتظاهرين ضد استغلال الغاز الصخري، أثناء محاولتهم تنظيم مسيرة دعت إليها أحزاب "تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي"
المعارضة للنظام، تضامنا مع سكان الجنوب الجزائري الرافضين لحفر آبار الغاز الصخري في مناطقهم.
وأجهضت قوات الشرطة المسيرة، التي سعت المعارضة إلى تنظيمها قرب "البريد المركزي" وسط العاصمة، الجزائر، وفرقت المتظاهرين الذين يعدون بالمئات، واعتقلت منهم العشرات، من بينهم المعارض علي بن حاج، القيادي في "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة، دون أن توقف قادة أحزاب المعارضة المؤطرين للمظاهرات.
وكانت محافظة الجزائر العاصمة رتبت لتنظيم برنامج احتفالي، بدأت فعالياته في المكان ذاته الذي قررت المعارضة أن تبدأ المسيرة فيه الثلاثاء، احتفاء بالذكرى 44 لتأميم النفط الجزائري، شهر شباط/ فبراير 1971.
والتحقت فرق موسيقية بالمكان، في الصباح الباكر، وقال الوزير الأسبق لقطاع الاتصال، المعارض عبد العزيز رحابي، في تصريح لصحيفة "عربي21"، الثلاثاء، إن " السلطات انتهجت هذا الأسلوب لإفشال احتجاج المعارضة وسط العاصمة".
وردد المتظاهرون شعارات مناهضة لاستغلال الغاز الصخري في الجزائر، من بينها: " لا لاستخراج الغاز الصخري، والغاز الصخري قضية وطنية، والسيادة الوطنية خط أحمر".
وأفادت مصادر من الشرطة الجزائرية لصحيفة "عربي21" الثلاثاء " بأن المديرية العامة للأمن الوطني أرسلت تعليمات قصد تفادي استعمال العنف ضد المحتجين". لكن قوات الشرطة، استعملت القوة لتفريق المحتجين، مستعملة العصي و الهراوات.
وعرفت ساحة "البريد المركزي" تعزيزات أمنية مكثفة، ومنعت نشطاء من محافظات مجاورة للعاصمة من الالتحاق بمكان الاحتجاج.
وشهدت مختلف محافظات الجزائر احتجاجات مماثلة تضامنا مع سكان بلدة"عين صالح" في محافظة تمنراست، جنوب الجزائر، الذين يقفون ضد مشروع الحكومة بالتنقيب عن الغاز الصخري في الصحراء.
فقد أجهضت قوات الشرطة الثلاثاء، المسيرة السلمية التي كان يعتزم مناهضو مشروع الغاز الصخري، بمحافظة بومرداس (50 كلم شرقي العاصمة الجزائر) تنظيمها، حيث تم اعتقال عشرة مشاركين، من بينهم إطارات حزبية.
وقال شهود عيان إن أفراد الشرطة استعملوا العنف ضد الصحفيين المكلفين بتغطية المسيرة في المحافظة.
ونظمت مكاتب المحافظات التابعة لـ"تنسيقية الحريات و الانتقال الديمقراطي"، وقفات احتجاجية ضد الغاز الصخري في أغلب محافظات البلاد، وندد رئيس "جبهة المستقبل"، عبد العزيز، في مؤتمر صحفي بمحافظة بومرداس بما اسماه " قمع رجال الشرطة لمظاهرات المعارضة ضد استغلال الغاز الصخري".
وقال الأمين العام لحركة "النهضة"، محمد ذويبي، المشاركة بالمظاهرات في تصريح لصحيفة "عربي21"، الثلاثاء" إن السلطة منعتنا من تنظيم المسيرة، لكن، بمنعها هذا، قدمت لنا خدمة، حيث تمكنا من إحداث ضجة واسعة، وأقمنا الحجة على النظام أنه لا ينوي إطلاق الحريات".
وقال المرشح السابق لانتخابات الرئاسة التي جرت في الجزائر، يوم 17 نيسان/ إبريل من العام الماضي، علي بن فليس، في مؤتمر صحفي عقب المسيرة، أن "وقفة اليوم أظهرت أن الشعب متمسك بالنضال لاسترجاع سيادته، عبر انتخابات حرة. فالجنوب الذي نتضامن معه اليوم مظلوم وغير معتنى به، وأبناؤه مصممون على استرجاع مواطنتهم، والشعب ملَ الحكم التسلطي".
واعتبر عبد الرزاق مقري ، رئيس "حركة مجتمع السلم" أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر، في ذات المؤتمر أن المعارضة "حققت نجاحا تاريخيا من حيث أنها أخرجت عشرات الآلاف من رجال الشرطة إلى الشارع، لقد جعلنا من العاصمة ملحمة للكفاح من أجل الحرية والتضامن، وكسرنا حاجز الخوف نهائيا. أما النظام فقد أعطى الدليل بأنه بوليسي".
وبمناسبة الذكرى الـ24 لاسترجاع الجزائر السيادة على ثرواتها الطبيعية، بعث، الثلاثاء، الرئيس بوتفليقة برسالة إلى "الاتحاد العام للعمال الجزائريين"، الذي يحتفل بالذكرى، وأشارت الرسالة إلى أن الرئاسة في الجزائر، لا تنوي التراجع عن قرارها باستغلال الغاز الصخري عكس ما يطالب به المتظاهرون.
وجاء في رسالة الرئيس بوتفليقة: " إن النفط والغاز التقليدي والغاز الصخري والطاقات المتجددة كلها هبة من الله، ونحن مناط بنا حسن تثميرها، والاستفادة منها لصالحنا ولصالح الأجيال الآتية، مع الحرص، كل الحرص، على صون صحة الساكنة وحماية البيئة".
وأوردت الرسالة أيضا، " أن الجزائر قد بلغت اليوم، بل تعدت الأهداف التنموية للألفية التي حددتها منظمة الأمم المتحدة في مجال الارتفاق بالطاقة، فضلا عن مجالات أخرى. لقد تحسن المستوى المعيشي لعموم الجزائريين بقدر ملحوظ، كما تشهد على ذلك استفادتهم من السكن والكهرباء والغاز والماء الشروب، فضلا عن الممتلكات الدائمة واقتناء المواد الاستهلاكية العادية".