هل تنجح المقاومة الشعبية في قطع "ذراع السيسي"؟

في شهر كانون ثاني/ يناير الماضي، وحينما استهدف تنظيم الدولة مقرات أمنية وعسكرية في شمال سيناء وقتل أكثر من 40 شخصاً، قطع عبد الفتاح السيسي زيارته لأثيوبيا وعاد إلى القاهرة لمتابعة الموقف.

لكن جسامة الحادث لم تمنع السيسي ولا الصحفيين المصريين المرافقين له في أديس أبابا من التحدث عن المؤتمر الاقتصادي، الذي تعتزم مصر تنظيمه في شهر آذار/ مارس المقبل بمدينة شرم الشيخ، فعندما سألت إحدى الصحفيات الرئيس - وهو في طريقه لركوب الطائرة - "ما مصير المؤتمر الاقتصادي بعد هذه التفجيرات؟ رد السيسي بالإشارة إلى ذراعه اليمنى وقال بعصبية وبوجه متجهم: "المؤتمر ده دراعي، عارفة يعني إيه دراعي؟ لازم كل الناس تفهم كده، والمؤتمر هايتعمل في موعده وهاينجح إن شاء الله".

ولا يخفى على أحد أن مناهضي الانقلاب العسكري في مصر يسعون - أو على الأقل يتمنون - فشل هذا المؤتمر، حتى تزيد مشاكل النظام الحاكم أكثر وأكثر، ويحرموا السيسي من "طوق النجاة" لانتشاله من الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ ما يزيد عن أربعة أعوام، فهل ينجحون في ذلك؟

انتقاء دقيق للأهداف

وشهدت مصر صباح الخميس انفجار عشرات العبوات الناسفة في العديد من المحافظات استهدفت مصالح اقتصادية أجنبية بجانب مقرات أمنية ومنشآت حكومية، في استمرار لمسلسل العمليات التي ضربت مقرات بنوك وشركات الأجنبية عاملة في مصر، لتوصيل رسالة بأن الأمن والاستقرار مفتقدان في مصر، وأن الاستثمارات الأجنبية في البلاد لن تكون آمنة.

وأعلنت حركة المقاومة الشعبية يوم الخميس مسؤوليتها عن عمليات تفجير متزامنة استهدفت فرعين لشركة فودافون، واتصالات، ومطعم أمريكي للوجبات السريعة بالجيزة، وقالت إنها رد على إعلان فودافون المشاركة فيما أسمته الحركة "مؤتمر بيع مصر"، وكذلك مساهمة الإمارات والولايات المتحدة في دعم الإنقلاب.

وحددت المقاومة - في بيان لها عبر صفحها على فيسبوك - أسماء عدد من الشركات الأجنبية والبنوك العاملة في مصر، التي تنوي الاستمرار في استهدافها، وهي شركات موبينيل واتصالات وفودافون والبنوك المملوكة لدولة الإمارات، وكذلك شركات فالكون للحراسة وبنك سي آي بي، وطالبت المواطنين بالابتعاد عن مقراتها بعد انتهاء أوقات العمل الرسمية، حتى لا يصابوا بأذى.

وفيما يبدو أنه انتقاء دقيق للأهداف التي يتم وضع العبوات الناسفة فيها، اكتشف خبراء المتفجرات عبوة ناسفة أمام قاعة المؤتمرات التي كانت تشهد احتفالية، يحضرها رئيس الوزراء إبراهيم محلب وعدد من الوزراء للترويج للسياحة والاستثمارات العربية في مصر وتأكيد أجواء الأمن الذي تعيشه مصر!

وعلى الرغم من قيام خبراء المتفجرات بتفجير القنبلة - بعد مغادرة محلب والوزراء للقاعة -، إلا أن الرسالة كانت قد وصلت لمن يهمهم الأمر في داخل مصر وخارجها، بحسب مراقبين.

ولم تكن هذه هي المرة الأولى، حيث سبق أن تم زرع عبوتين ناسفتين في مطار القاهرة منذ ثلاثة أسابيع، بالتزامن مع وصول "جيني روميتي" رئيسة شركة آي بي إم الأمريكية إلى القاهرة لعقد لقاء مع السيسي ومناقشة مشاركتها في المؤتمر الاقتصادي،  وكان مع القنبلتين الخاليتين من المواد المتفجرة رسالة تقول: "انتظروا مفاجآتنا قبل المؤتمر الاقتصادي"

محاولات مضادة

وفي إطار استعدادتها المكثفة، يعقد السيسي وحكومته لقاءات متواصلة مع رجال أعمال عرب وأجانب لإقناعهم بالاستثمار في مصر، كان آخرها لقاء السيسي برؤساء شركتي كوكاكولا الأمريكية وسيمنز الألمانية يوم الخميس.

وأكد علاء يوسف، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، أن هذه اللقاءات تأتي فى إطار التحضير لمؤتمر شرم الشيخ وتشجيع الشركات العالمية على زيادة استثماراتها في مصر. 

وأضاف يوسف - في بيان صحفي - أن رئيس كوكاكولا وعد بضخ 500 مليون دولار في السوق المصرية خلال السنوات الثلاث المقبلة، الأمر الذي سيؤدى إلى توفير آلاف الوظائف المباشرة وغير المباشرة، بينما امتنع رئيس شركة سيمنز عن التعهد بمزيد من الاستثمارات في البلاد في الفترة المقبلة.

كما يقوم "أشرف سالمان" وزير الاستثمار، في هذه الأوقات، بزيارة إلى بريطانيا لإقناع الحكومة والمستثمرين الإنجليز بالمشاركة في المؤتمر الاقتصادي، سبقها زيارتان قام بهما محلب للكويت والإمارات لتحقيق الهدف عينه.

وفي موجة هذه التحركات الحكومية، طالب "المجلس الثوري المصري"، المناهض للانقلاب، المؤسسات الاستثمارية الدولية الكبرى المشاركة في مؤتمر "كونجرس الشرق الأوسط 2015"، الذى يعقد الخميس في لندن، بمقاطعة مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي ومقاطعة الاستثمار في مصر بشكل عام، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والفساد وغياب الاستقرار في البلاد.

وحذر المجلس المشاركين فى المؤتمر من تعرضهم لكارثة استثمارية إذا تعاونوا مع النظام المصري الذي يهدد استقرار المنطقة بأكملها وفرص الاستثمار والتنمية فيها على المدى البعيد.