"درب البرابرة " أو "درب الأربعين" الذي بات يعرف بـ"
شاطئ البربر" طريق بري موجود في أقصى جنوب
مصر بمنطقة غرب سهيل في النوبة، كان يقصده
المصريون القدماء ومن بعدهم العرب لتكوين شبكة تجارية تصل من مصر إلى السودان في أربعين يوما بالجمال، فاكتسب الدرب التاريخي اسمه من هنا، بحسب محمد فهمي المرشد
السياحي للأناضول.
ومع مرور السنوات وظهور وسائل مواصلات أكثر حداثة، تحولت الأنظار بعيدا عن الدرب التاريخي، إلا أن أهالي النوبة استخدموه بشكل آخر.
ويتميز الدرب بنقاء مياهه لدرجة تجعل الزائر يرى صخور الجرانيت والبازلت المستقرة في عمق مياه النيل بوضوح من على سطحه.
كما يتسم هذا الشاطئ بجودة طمي النيل الذي يجيد أهالي النوبة استخدامه لعلاج الكثير من الأمراض، فضلا عن رماله التي تستخدم لعلاج مرضى الروماتيزم والمفاصل والعظام، وفق ما رصدته مراسلة الأناضول.
عبدالحكيم حسب الله، مدير إدارة البرامج في شركة الخدمات البيئية بالنوبة (غير حكومية)، وأحد المسؤولين عن العلاج برمال وطمي شاطئ البربر، قال للأناضول إن العلاج بالدفن في الرمال يتم في الفترة بين شهري آذار/ مارس وتشرين الأول/ أكتوبر من كل عام.
وأضاف أنه "في هذه الفترة تكون درجة الحرارة تحت الأرض مناسبة لاستقبال جسم الإنسان وعلاجه، أما إذا قمنا بدفن جسد المريض في فترة الشتاء فستكون درجة الحرارة تحت الأرض منخفضة جدا ما سيؤدي لمضاعفة آلامه بدلا من معالجتها".
وتابع قائلا "لذلك يتوافد علينا السيّاح في هذه الفترة من كل عام ليسترخوا تحت رمال شاطئ البربر في سلام، ويبرأوا من آلامهم".
وأشار إلى أن نسبة السيّاح الذين يقبلون على شاطئ البربر في هذه الفترة تكون أكبر من السيّاح لعدة أسباب أبرزها ارتفاع درجة الحرارة، وحدة أشعة الشمس التي يهرب منها المصريون خشية إصابتهم بالدوار بينما يقبل عليها السيّاح الذين يعانون من وطأة البرد والعواصف الثلجية في أوطانهم.
وقال حسب الله إن "السيّاح الفرنسيين والألمان هم الأكثر زيارة لشاطئ البربر والأكثر إيمانا بالعلاج بالدفن في رماله، كما أن نسبة النساء اللائي يفدن إلى الشاطئ للعلاج برماله أعلى من نسبة الرجال".
وأضاف أن "علاج آلام الروماتيزم والمفاصل بدفن الجسد بالكامل، باستثناء الرأس أمر لا يمكن تنفيذه، إلا في الشواطئ التي تتميز برملها الخشن، وذلك لأن هذا الرمل يتمتع بتركيبة ربّانية فريدة قادرة على جذب الأشعة الفوق بنفسجية إلى جسم المريض ما يساعد على شفائه".
ووفقا لحسب الله، "تحدد المدة التي سيقضيها المريض مدفونا تحت الرمال وفقا لحالته، فإذا ما كانت متدهورة يمضي 45 دقيقة أما إذا كانت حالته متوسطة قد نكتفي بعشرين دقيقة فقط لا غير، وفي هذه الفترة نزود المريض بمشروبات عصائر طبيعية كي نعوضه عن الأملاح التي يفقدها جسده جراء الدفن".
وتابع: "نراعي في تحديد مدة دفن جسم المريض ما إذا كان يعاني من أي أمراض أخرى كالقلب أم لا" .
وفيما يتعلق بالعلاج بطمي النيل، قال حسب الله إن "ما يميز شاطئ البربر هو أن الطمي الذي يحويه تكون منذ عشرات السنين، حتى من قبل تشييد السد العالي (افتتح عام 1971) لذلك له طبيعة خاصة تساعد في علاج التهابات المفاصل والتهابات البشرة مع شدّها وتنعيمها وتفتيح مسام الجلد، فضلا عن علاج الحمى وارتفاع درجة حرارة الجسم".
وأضاف "مؤخرا بدأنا في استخدام الطمي لامتصاص الشحنات الكهربائية الزائدة في الجسم عن طريق تغطية الرأس به، خاصة لأولئك الذين يمضون ساعات طويلة أمام شاشات الحاسوب" .
آلآن ديدييه سائحة فرنسية (39 عاما) قالت للأناضول إن "للرمال المصرية سمعة عالمية مبشرة، دفعتني للبحث عنها لمعرفة المزيد من خلال الإنترنت" .
وأضافت "شاهدت صور شاطئ البربر فاستمتعت بجمال طبيعته الخلابّة فقررت زيارته".
أما تجربة الدفن تحت الرمال لمدة نصف ساعة على مدى ثلاثة أيام فكانت مثيرة للغاية، بحسب ديدييه، "فالاستمتاع بلذة حرارة حبّات الرمال الساخنة تحت الأرض منح جسدي قوة وطاقة، وساعدني على التخلص من آلام رطوبة الجسم التي كانت تسبب لي آلاما في ظهري وعظامي".